فى ذكرى رفع العلم على طابا
مصر وإسرائيل أمام التحكيم الدولى بسبب كيلو متر
19 مارس من عام 1989.. يوم أصبحت فيه مصر كاملة السيادة على أراضيها واستردت آخر نقطة حدودية، يوم رفرف العلم المصري فوق أرض طابا، يوم «تحرير طابا» الذي لن يُنس أو يُمحى من الذاكرة المصرية.
وهو يوم عظيم فى تاريخ مصر يضاف إلى انتصارات السادس من أكتوبر عام 1973، ويعتبر يوم 19 مارس1989 أحد هذه الأيام التاريخية عندما رفع العلم المصرى ليرفرف فى عزة وكرامة على آخر بقعة من أرض سيناء ليتم تحرير كامل الأرض المصرية المحتلة فى ذلك الوقت، بدأت قضيه طابا عقب توقيع معاهده السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، والتي نصت على سحب إسرائيل لكامل قواتها من شبه جزيرة سيناء.
مصر خاضت معارك لاسترداد «طابا» الواقعة على رأس خليج العقبة والتى لا تتجاوز مساحتها كيلومترا مربعا، فقد اقتحمت أبواب التاريخ وشغلت مكانا بارزا في سجل الصراع المصري الإسرائيلي وكانت موضع صراع قانوني ودبلوماسي استمر عدة سنوات وانتهى بالتحكيم الدولي لصالح مصر.
وفي أواخر عام 1981 ومع اقتراب الموعد النهائي للانسحاب الإسرائيلي الكامل من سيناء والمقرر له في 25 أبريل 1982 وفق اتفاقية كامب ديفيد، بدأت تظهر المماطلات الإسرائيلية المعتادة، وظهر واضحا أن الاحتلال يسعى للاستيلاء على بعض المناطق المصرية ومنها منطقة طابا.
بدأت الخلافات تتصاعد بين مصر وإسرائيل بشأن مواقع 14 علامة حدودية، كان أهمها موقع العلامة 91، وهي علامة الحدود الأخيرة على الشريط الحدودي في طابا، وسعت إسرائيل لإثبات حق مزعوم في هذه المنطقة لما لها من أهمية إستراتيجية، وعمدت إلى إقامة العديد من المنشآت السياحية فى هذه المنطقة لفرض أمر واقع.
فشل المفاوضات
فشلت المفاوضات التي استمرت لسنوات مع الجانب الإسرائيلي في الوصول إلى حل، فقررت مصر اللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترداد طابا، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل حتى اضطرت للرضوخ إليه عام 1986، وأعدت مصر عدتها للمعركة القانونية بفريق يضم 25 من أبرز الكفاءات في القوات المسلحة والقانون والتاريخ والجغرافيا والمساحة، وعكف الفريق المصري على تعقب كل وثيقة تتصل بالقضية والبحث عن أي معلومة أو كلمة تثبت حق مصر في أرضها، وتفند الادعاءات الإسرائيلية بأنه أطول ماراثون وثائقي في تاريخ القضايا الحدودية، وتنوعت الأدلة التي قدمها الفريق المصري للمحكمة وشملت الوثائقَ التاريخية، التي احتلت مكان الصدارة، والخرائط والمجسمات الطبيعية والإحداثيات الشبكية وكتابات المعاصرين والزيارات الميدانية إلى مناطق الخلاف وبقايا أعمدة الحدود، فضلا عن شهادات الشهود.
29 خريطة
واستعان الفريق المصري بنحو 29 خريطة في مذكرته الأولى المقدمة في مايو 1987، لإثبات نقاطها الحدودية وتبعية طابا للسيادة المصرية، مقابل 6 خرائط فقط قدمتها إسرائيل لدعم حقها المزعوم، وشملت الخرائط التي قدمتها مصر «6 خرائط» مصرية، و«4 خرائط»بريطانية، و«4 خرائط» فلسطينية و «10 خرائط» إسرائيلية، بجانب مجموعة متنوعة من الخرائط كان من بينها خريطة لعصبة الأمم، وخريطة للخارجية الأميركية، وخرائط أخرى من الأمم المتحدة، ولم تخل المعركة من الأدلة الطريفة التي لعبت دورا في تأكيد مصرية طابا ومن بينها أختام البريد والطوابع.
ووفقا لرواية مفيد شهاب، عضو الفريق القانوني، فإن إسماعيل شيرين آخر وزير للحربية في عهد الملك فاروق، والذي كان قائدا للكتيبة المصرية في طابا، تطوع للإدلاء بشهادته أمام المحكمة الدولية التي تنظر إجراءات التحكيم، وأن شيرين قدم خطابات رسمية بعث بها إلى زوجته وأسرته من طابا، وردودا على تلك الخطابات أرسلت إليه هناك، وأن أختام البريد والطوابع تؤكد ذلك، مشيرا إلى أن شهادته زادت من اقتناع المحكمة بأحقية مصر في أراضيها المحتلة.