الصين تنتقد توقعات صندوق النقد الدولي بتباطؤ النمو الاقتصادي
اختلفت الصين مع صندوق النقد الدولي بشأن توقعاته بتباطؤ النمو الاقتصادي للعملاق الآسيوي، مما يبرز حساسية بكين تجاه التقييمات غير الإيجابية لاقتصادها.
أوضح صندوق النقد الدولي في تقييمه السنوي لثاني أكبر اقتصاد في العالم أن انعدام اليقين المحيط بآفاق الصين هذا العام "مرتفع"، خاصة في ظل الركود الحاد في قطاع العقارات وضعف الطلب الخارجي، وأفاد التقرير أن النمو الاقتصادي للبلاد سيتباطأ خلال 2024، على أن يتواصل التراجع في الأعوام المقبلة.
أفاد تشانغ تشنغ شين، المدير التنفيذي لشؤون الصين لدى صندوق النقد الدولي، في التقرير، إن "تقييم سلطاتنا للتطورات الاقتصادية الصينية الأخيرة أكثر إيجابية"، من البيان الذي يزعم أن الصين شهدت "انتعاشاً هزيلاً".
وأضاف تشانغ أن موظفي الصندوق الدولي يجب أن "يدرسوا بعناية" اتجاه النمو في البلاد، وحث المنظمة على إجراء تقييم أكثر ملاءمة لآفاق اقتصاد البلاد للمساعدة في "استقرار" الثقة.
أزمة العقارات وتأثيرها على الاقتصاد
تبذل بكين قصارى جهدها لرفع المعنويات في ظل مواجهة اقتصادها لأزمة عقارية وانخفاض الأسعار وتوترات جيوسياسية مع الغرب، كما عززت الحكومة نطاق وصول المطورين إلى القروض وكثفت جهودها لوقف انهيار الأسهم من خلال إعلان عدة تدابير، مثل إصدار قرار بخفض كمية النقد التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها في الاحتياطي لتشجيع الإقراض.
في إشارة إلى مناقشات أجريت مع المسؤولين الصينيين قبل صدور التقرير، قالت سونالي جين شاندرا، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي للصين، في مؤتمر صحفي اليوم الجمعة، إن "معظم المشاورات ركزت على قطاع العقارات وقضايا الدين الحكومي المحلي.. نوصي بمواصلة تيسير السياسة النقدية"، واتباع سياسة مالية لتحويل الإنفاق نحو الأسر.
توقعات النمو الاقتصادي للصين
يتوقع صندوق النقد الدولي نمو ناتج الصين المحلي الإجمالي 4.6% هذا العام، على أن ينخفض إلى نحو 3.5% في 2028، في ظل شيخوخة سكان البلاد وتراجع الإنتاجية، ويعتزم صناع السياسات الاقتصادية الكشف عن هدف النمو الرسمي لعام 2024 خلال الاجتماعات السنوية للهيئة التشريعية الوطنية في مارس، ويُتوقع أن يستهدفوا رقماً طموحاً.
وحتى أن الحفاظ على معدل النمو لعام 2023 عند 5.2% سيشكل تحدياً نظراً لارتفاع أساس المقارنة، وتراجع الطلب المكبوت بعد إلغاء ضوابط كوفيد وإعادة فتح الاقتصاد العام الماضي، فضلاً عن الانخفاض المستمر في سوق الإسكان.
كذلك، طلب صندوق النقد الدولي من بكين نشر بيانات أكثر حول اقتصادها، بحجة وجود إغفالات "كبيرة"، واستشهد التقرير بالفجوة بين الفائض التجاري الصيني، وفقاً لقياسات بيانات الجمارك، وإحصاءات ميزان المدفوعات.
وردت الصين بأنها تحرز "تقدماً مستمراً في توفير البيانات"، وأوضحت أن الفجوة المتزايدة بين البيانين الإحصائيين فُسرت باختلاف المنهجيات المتبعة في جمع البيانات.
سوق الإسكان الصيني
يتوقع صندوق النقد الدولي تقلص الاستثمار العقاري في البلاد بشكل أكبر هذا العام وسط استمرار الضغوط المالية بين المطورين، وتباطؤ الطلب على المنازل وتكدس المخزون، وانخفضت مبيعات المنازل الجديدة 48% في يناير مقارنة بالشهر السابق، وهو أدنى مستوى سُجل في الأعوام الأخيرة.
قالت جين شاندرا: "نعتقد أن هناك حاجة لبذل جهود إضافية لتوجيه سوق الإسكان نحو انتقال أكثر سلاسة إلى حجم أصغر"، وأضافت أن الحكومة يجب أن تسرع خروج المطورين غير القادرين على الاستمرار، وتعزز التمويل لاستكمال مشاريع الإسكان المبيعة مسبقاً لكنها لم تكتمل بعد، فضلاً عن السماح بتصحيح أكبر في الأسعار.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع الطلب الأساسي على المنازل الجديدة في البلاد 50% تقريباً خلال العقد القادم، وهو رأي اعتبره تشانغ متشائماً للغاية.
كذلك، أوصى صندوق النقد الدولي بـ"فرز" الشركات التي تقترض نيابة عن المقاطعات والمدن لتمويل مشاريع البنية التحتية بشكل رئيسي، إذ قد تفشل الشركات غير المستدامة من خلال نظام إعسار الشركات، وينبغي تقاسم تكلفة هذا الفشل بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية والمستثمرين.
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن ديون أدوات تمويل الحكومات المحلية ستصل إلى 65.9 تريليون يوان (9.2 تريليون دولار) هذا العام، وهذا أقل من التوقعات البالغة 74.4 تريليون يوان التي أصدرها الصندوق قبل عام، ولم يتمكن موظفو المنظمة من تقديم تفسير فوري بشأن اختلاف الأرقام عندما تواصلت معهم "بلومبرج".
وذكر التقرير أن السلطات الصينية "رأت مجالاً لتقليل الاستثمار في البنية التحتية من خلال أدوات تمويل الحكومات المحلية في المستقبل".