«الكآبة والاضطراب العاطفي».. كيف توثر برودة الشتاء على سلوكياتنا؟
تغيرات مهمة رصدتها الدراسات والأبحاث تطرأ على سلوكياتنا مع قدوم الفصل؛ وذلك استجابة لزيادة برودة الطقس، وانخفاض درجات الحرارة، وطول الليل، وقصر ساعات النهار.
في معظم أنحاء نصف الكرة الشمالي، يعني الشتاء درجات حرارة أقل، وأكثر برودة، وأياما أقصر، لكن الأمر ليس هذا فحسب؛ لكنه يتعدى ذلك لدى البعض بشكل يؤثر على حياتهم اليومية.
وتشير مجموعة من الأبحاث في علم النفس والمجالات ذات الصلة إلى أن الشتاء يجلب بعض التغييرات العميقة في طريقة تفكير الناس، وشعورهم وتصرفاتهم.
وارتبطت بعض تأثيرات الشتاء بعوامل وممارسات ثقافية، في حين أن البعض الآخر يعكس على الأرجح الاستجابات البيولوجية الفطرية لأجسامنا لظروف الأرصاد الجوية والبيئية المتغيرة.
كآبة الشتاء
مع قصر ساعات النهار، وطل فترة الظلام يعاني الكثيرون من أحد أشكال الاكتئاب ويعرف باسم الاضطراب العاطفي الموسمي (أو SAD).
ويميل أولئك الذين يعانون من الاضطراب العاطفي الموسمي إلى الشعور باليأس، وانخفاض الدافع للمشاركة في الأنشطة التي يستمتعون بها بشكل عام، والخمول. وحتى أولئك الذين لا يستوفون العتبة السريرية لهذا الاضطراب فقد يشهدون زيادة في أعراض القلق والاكتئاب.
ويربط العلماء بين الاضطراب العاطفي الموسمي، والزيادات العامة في الاكتئاب في الشتاء، وانخفاض التعرض لأشعة الشمس، ما يؤدي إلى انخفاض مستويات الناقل العصبي السيروتونين.
وتماشيا مع فكرة أن ضوء الشمس يلعب دورا رئيسيا، يميل الاضطراب العاطفي الموسمي إلى أن يكون أكثر شيوعا في المناطق الشمالية من العالم، مثل الدول الاسكندنافية وألاسكا؛ حيث تكون الأيام أقصر والشتاء أطول.
فيما لاحظ بعض العلماء أن الاضطراب العاطفي الموسمي يُظهر العديد من أوجه التشابه مع السبات، أي الغفوة الطويلة، التي تقوم خلالها الدببة البنية والسناجب الأرضية، والعديد من الكائنات الأخرى بخفض عملية التمثيل الغذائي الخاصة بها لتجاوز أسوأ أيام الشتاء.
زيادة الوزن
من المعروف أن فصل الشتاء هو الوقت من العام الذي يكتسب فيه الكثيرون وزنا إضافيا، وتشير الأبحاث إلى أن الأنظمة الغذائية تكون في أسوأ حالاتها، ومحيط الخصر في أكبر حالاته، خلال هذا الفصل.
وفي الواقع، وجدت مراجعة حديثة للدراسات حول هذا الموضوع أن متوسط زيادة الوزن في موسم العطلات يبلغ نحو 0.5 إلى 1.3 كم، فضلا عن أن أولئك الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة يميلون إلى اكتساب المزيد.
تعزيز الدافع الجنسي
إلى جانب التحولات المرتبطة بالشتاء في المزاج ومحيط الخصر، يجلب موسم البرد معه عددا من التغييرات الأخرى في كيفية تفكير الناس وتفاعلهم مع الآخرين.
وأحد التأثيرات الموسمية هو أن الناس يبدون أكثر ميلا إلى تعزيز الحياة الجنسية في أشهر الشتاء.
ويعرف الباحثون ذلك من خلال تحليلات عدة بيانات مختلفة، من بينها معدلات المواليد، والتي تكشف أنه من المرجح أن يتم الحمل بشكل كبير في أشهر الشتاء مقارنة بأوقات أخرى من العام.
وعلى الرغم من ملاحظة هذه الظاهرة على نطاق واسع، إلا أن سبب وجودها غير واضح.
التركيز والاهتمام
وجدت الدراسات أنه خلال هذا الوقت من العام، قد يكون من الأسهل على الأشخاص الانتباه في المدرسة أو العمل، وتوصل علماء الأعصاب في بلجيكا إلى أن الأداء في المهام التي تقيس الاهتمام المستمر كان أفضل خلال فصل الشتاء.
وتشير الأبحاث إلى أن التغيرات الموسمية في مستويات السيروتونين والدوبامين الناتجة عن التعرض الأقل لضوء النهار قد تساعد في تفسير التحولات في الوظيفة الإدراكية خلال فصل الشتاء.
الكرم والعطاء
تميل معدلات العطاء الخيري إلى إظهار زيادة كبيرة في هذا الوقت من العام، ويصبح الناس أكثر سخاء في تقديم الإكراميات، ومن المحتمل ألا يكون هذا الاتجاه بسبب المناطق الثلجية أو الأيام المظلمة، ولكنه بدلا من ذلك ربما يكون استجابة لقيم الإيثار المرتبطة بعطلات الشتاء التي تشجع سلوكيات مثل الكرم.