ملياردير روسي يسعى لمكافحة الانبعاثات بالعودة إلى العصر الجليدي
جمع الملياردير الروسي أندريه ميلنيشينكو ثروة من الفحم والأسمدة قبل أن يجد نفسه معاقباً بعد غزو أوكرانيا، ولديه الآن خطة لوقف انبعاثات غاز الميثان من ذوبان التربة الصقيعية في سيبيريا، وهي العودة إلى أجواء زمن كان فيه حيوان الماموث الصوفي يجوب التندرا، وهي سهول جرداء.
فضمن جناح فخم في قمة المناخ (كوب28) في دبي، يعرض ميلنيتشنكو خطة لاستعادة جانب من البيئة الروسية يعود إلى 14 ألف عام، وهي فكرة غريبة لمواجهة مشكلة خطيرة للغاية وهي انبعاثات غاز الميثان، الغاز الذي يعتبر أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون، ومليارات الأطنان منه محصورة في التندرا الشاسعة في روسيا. وتقول النظرية إن استعادة النظام البيئي للعصر الجليدي في سيبيريا، قد تؤدي إلى إبطاء إطلاقه.
على مدى الأسبوعين المقبلين، يزور أكثر من 70 ألف مندوب وآلاف من المقيمين في الإمارات، الموقع المترامي الأطراف الذي يستضيف مؤتمر الأطراف، حيث تتاح لهم فرصة رؤية مجموعة رقمية من حيوانات العصر الجليدي وهي تجوب سهول التندرا في فصل الربيع على شاشات معرض يخوض بهم غمار عالم الميتافيرس الذي يمزج ما بين الواقع والخيال. وبينما يسير الزوار، ينقشع الضباب الرقمي من حولهم، ليكشف عن حيوانات الماموث والرنة والخيول البرية وثيران المسك، بالإضافة إلى الأسود والجمال.
يدرج الموقع الرسمي لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ مؤسسة أندريه ميلنيشينكو على أنها "داعمة للمناخ". وحصلت على هذه المكانة من خلال رعاية الجناح الذي تبلغ مساحته 160 متراً مربعاً في ما تسمى بالمنطقة الخضراء للقمة، حيث يعرض مشروع "بليستوسين بارك" (Pleistocene Park) الروسي الذي يموّله ميلنيتشينكو خططه، وفقاً لممثل المشروع. ولا شيء يشير للجناح على الخريطة الرسمية للقمة سوى اسم "أندريه ميلنيتشنكو".
يعكس الجناح ما تغير في مؤتمرات الأطراف، التي تعتبر فرصة سنوية لإعطاء دفعة لدبلوماسية المناخ ووضع إطار للسياسة العالمية لمكافحة تغير المناخ. وأصبحت المفاوضات الرسمية مجرد جزء صغير من المنتدى.
أكبر مؤتمر للأطراف
تعد قمة دبي أكبر مؤتمر أطراف على الإطلاق، حيث تضم منطقة خضراء ضخمة مجاورة للمنطقة الزرقاء التي تستضيف المفاوضات. وهنا، تعرض الأجنحة جداول الأعمال المناخية للدول والشركات والمنظمات غير الحكومية. ويمكن أن تبدو المنطقة وكأنها معرض تجاري.
قال روبرت ستافينز، أستاذ الاقتصاد البيئي في جامعة هارفارد والذي حضر أكثر من 15 من مؤتمرات الأطراف: "يمكنك أن تفكر في هذا باعتباره سيركاً، حيث تطغى العروض الجانبية على الحدث الرئيسي في بعض الأحيان. لهذا السبب توصلت إلى وصف مؤتمر الأطراف السنوي، مثل مؤتمر هذا العام، بأنه إكسبو المناخ 2023".
أصبح ميلنيتشنكو، الذي يخوض تحدياً قانونياً ضد عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة عليه بعد غزو روسيا لأوكرانيا، شريكاً في "بليستوسين بارك" في وقت سابق من العام الجاري. والمنطقة المسيجة التي تبلغ مساحتها 20 كيلومتراً مربعاً، والتي استلهمت اسمها من "جوراسيك بارك" (الحديقة الجوراسية أو حديقة الديناصورات)، موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن، وكانت ترعاها في السابق شركات روسية أخرى، منها شركة تعدين الألماس "ألروسا (Alrosa).
ثيران المسك
يقول العلماء الذين يقفون وراء حديقة البليستوسين إن حيوانات الرعي مثل خيول الياكوت وأبقار الكالميك -التي تتجول هناك حالياً- يمكن أن تعزز النباتات التي تمتص المزيد من ثاني أكسيد الكربون وتقلل من الحرارة التي تمتصها الأرض. ورعى ميلنيتشينكو نقل 14 ثوراً من ثيران المسك إلى الحديقة، التي تخطط لتوسيع مساحتها 10 مرات في السنوات المقبلة. وقبل غزو روسيا لأوكرانيا، كانت الحديقة تعمل مع شركة "كلوسال لابوراتوريز آند بايوساينسيز" (Colossal Laboratories and Biosciences)، ومقرها الولايات المتحدة، والتي تخطط لإعادة الماموث الصوفي إلى الحياة.
يقول صوت بلكنة أميركية لزوار الجناح، الذي يقع بالقرب من أجنحة شركات "آي بي إم" وبيور هيلث هولدينغ" (PureHealth Holding) و"مايكروسوفت": "يجب أن تظل التربة الصقيعية مجمدة، مهما كان الثمن". وينتشر في المعرض فريق من الممثلين لتوضيح المفهوم للزوار باللغات الروسية والعربية والإنجليزية. ويعمل مهندسو الصوت الروس داخل وخارج المساحة المليئة بالأسلاك خلف الشاشات.
ومكتوب على الشاشة: "تعمل مؤسسة أندريه ميلنيتشنكو على تعزيز ودعم تنفيذ الحلول القائمة على الطبيعة في جميع أنحاء العالم".
تداول حصص الكربون
من المقرر أن يتحدث رجل الأعمال، الذي يرأس مبادرات المناخ لمجموعة من الأثرياء الروس الخاضعين للعقوبات، في إحدى فعاليات "كوب28" بعد غد في الخامس من ديسمبر، ليقود لجنة روسية بخصوص الاستدامة وتغير المناخ إلى جانب مسؤولين وعلماء روس، وفقاً للبرنامج.
ويريد أيضاً تقديم نظام جديد لدول "بريكس+" لتداول حصص الكربون من الحلول القائمة على الطبيعة، وهي خطة يقول إنه يمكن تنفيذها في قمة "بريكس+" 2024 في روسيا، وفق مقال افتتاحي حديث لميلنيتشينكو نُشر في صحيفة "خليج تايمز".
ميلنيتشنكو، الذي تقدر ثروته بأكثر من 17 مليار دولار حسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، هو مواطن روسي وإماراتي أيضاً، إذ كان حصل على جنسية الإمارات قبل الحرب في أوكرانيا. وفرض عليه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات بعد ظهوره في اجتماع تلفزيوني مع الرئيس فلاديمير بوتين، سعى خلاله إلى تبرير الحرب لنخبة رجال الأعمال الروس بعد ساعات من إرسال قوات إلى أوكرانيا.
وميلنيتشينكو، هو أحد مؤسسي مجموعة "يوروكيم غروب" (EuroChem Group)، إحدى أكبر شركات تصنيع الأسمدة في العالم، و"سويك" (Suek)، أكبر شركة منتجة للفحم الحراري في روسيا.