هبوط حاد في أسهم العقارات الصينية بسبب القلق من "إيفرجراند"
انزلقت أسهم العقارات الصينية، يوم الاثنين، بعدما تأثرت معنويات المستثمرين بالسلب من إلغاء مجموعة "تشاينا إيفرجراند" المتعثرة اجتماعاتها مع دائنيها الرئيسيين في اللحظة الأخيرة، وقولها إنها تحتاج إلى إعادة النظر في خطة إعادة الهيكلة.
تراجع مؤشر "بلومبرج إنتليجنس" لأسهم شركات البناء بنحو 6%، وهو أكبر انخفاض منذ أواخر ديسمبر الماضي.
وكان تعثر "إيفرجراند" أحد أبرز العناصر التي تضرر منها المؤشر، جنباً إلى جنب مع مجموعة "تشاينا أيوان" (China Aoyuan)، التي هبطت أسهمها بنسبة 72% بعد استئناف التداول.
مخاوف من قطاع العقارات الصيني
تفاقم الأحداث الأخيرة المخاوف المتزايدة حول قطاع العقارات الصينية، إذ يشكك المستثمرون في مدى تأثير حزم التحفيز الأخيرة على السوق، بعد انحسار أزمة السيولة التي يعاني منها المطورون بشكل طفيف فقط.
كما تتراجع موجة صعود أسهم العقارات الصينية، التي حفزتها السياسات الداعمة للقطاع منذ أواخر أغسطس الماضي، ومن بينها: تقليل الدفعات الأولى لمشتري المنازل، وخفض أسعار الفائدة على الرهون العقارية القائمة، كما تراجع مؤشر الأسهم العقارية بحوالي الثلث هذا العام، متجاوزاً الخسائر التي منيت بها سوق الأسهم الأوسع نطاقاً.
الصين تفاجئ الأسواق بتثبيت سعر فائدة مرتبط بالرهون العقارية
أبقت البنوك الصينية سعر فائدة رئيسياً يوجَه الرهون العقارية دون تغيير، في خطوة مفاجئة أثارت حيرة السوق بشأن نهج بكين لانتشال قطاع العقارات من عثرته.
استقر سعر فائدة القرض الأساسي لخمس سنوات على نحو غير متوقع عند 4.2% اليوم، وفق بيانات بنك الشعب الصيني.
كان معظم الاقتصاديين قد توقعوا خفضه 15 نقطة أساس بعد خفض نظيره لمدة عام واحد الأسبوع الماضي. وكان يُنظر إلى ذلك على أنه توطئة لخفض القرض الأساسي لخمس سنوات.
القرار يحير المستثمرين
خفض المركزي الصيني سعر فائدة القرض الأساسي لمدة عام 10 نقاط أساس إلى 3.45% من 3.55%، وهو أقل مما توقعه معظم الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ".
قال تشانغ تشي وي، كبير الاقتصاديين في "بينبوينت أسيت مانجمنت" (Pinpoint Asset Management): "قرار تثبيت سعر فائدة القرض لأجل خمس سنوات محير. ليس من الواضح كيفية تفسير هذا القرار وخفض الأسبوع الماضي".
انخفضت الأسهم في الصين وهونغ كونغ اليوم الاثنين. انخفض مقياس الشركات الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 1.9 ٪ إلى أدنى مستوى منذ نوفمبر، وواصل اليوان في التعاملات الخارجية تراجعه المتواضع مقابل الدولار، إذ انخفض بنحو 0.3%. وهبط عائد السندات الصينية لأجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة إلى 2.55%، وهو أدنى مستوى منذ 2020.
تشير الحكومة إلى وجود حاجة ملحة لدعم نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم مع تباطؤ الطلب على الاقتراض وترسخ انكماش الأسعار وتراجع الثقة والمعنويات. وبعد أيام من خفض بنك الشعب الصيني المفاجئ سعر تسهيل الإقراض المتوسط الأجل الأسبوع الماضي، التقى البنك المركزي والهيئات الناظمة للقطاع المالي مع المسؤولين التنفيذيين في البنوك وطلبوا من المصارف مجدداً زيادة القروض، وقد أدى ذلك كله إلى خروج توقعات اليوم بأن أسعار الفائدة على القروض الرئيسية ستنخفض أيضاً.
في حين تحدد البنوك أسعار الفائدة، فإن بنك الشعب الصيني له تأثير على المعدل الشهري، وتعتمد المعدلات على أسعار الفائدة التي يقدمها 18 بنكاً لأفضل عملائها.
وتيرة خفض الفائدة مخيبة للآمال
كتب اقتصاديون في "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics)، بمن فيهم جوليان إيفانز-بريتشارد: "وتيرة الخفض المخيبة للآمال من تسهيل الإقراض المتوسط الأجل إلى فائدة القرض الأساسي لأجل عام تعزز وجهة نظرنا بأن بنك الشعب الصيني من غير المرجح أن يتبنى التخفيضات الكبيرة اللازمة لإنعاش الطلب على الائتمان. المحصلة هي أنه في حين أن التيسير النقدي سيوفر بعض الراحة للشركات والأسر المثقلة بالديون، لكنه لن يكون كافياً لدعم حد أدنى من النمو. وبدلاً من ذلك، سيكون العامل الرئيسي هو مدى الدعم المالي".
أسهم الصين تتراجع على وقع الدعم الأقل من المتوقع
دفعت البيانات الضعيفة في الآونة الأخيرة العديد من البنوك إلى خفض توقعاتها للنمو هذا العام إلى أقل من 5%، مما يعني أن الحكومة قد لا تحقق هدفها الذي حددته في وقت سابق من هذا العام. كما يشعر المستثمرون بالقلق من مخاطر العدوى في أعقاب أزمة السيولة في أحد بنوك الظل الرئيسية.
رأي "بلومبرج إيكونوميكس"
"تثبيت الصين المفاجئ لسعر فائدة القرض الأساسي لخمس سنوات يبعث برسالتين. الأولى، هي أنه ربما تكون هناك شكوك في أن خفض فائدة قروض الرهن العقاري الجديدة -التي وصلت بالفعل إلى مستوى قياسي منخفض- هي أفضل طريقة لدعم سوق الإسكان. الثانية، قد تكون هذه إشارة إلى أن دعماً آخر-غير نقدي- فيما يتعلق بالسياسات قيد الإعداد".
أرباح مصرفية معقولة
أشار العديد من المحللين إلى أن البنوك الصينية قد تكون محدودة القدرة على خفض أسعار فائدتها الأساسية حتى مع خفض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، والذي استهدف تقليل تكاليف التمويل المصرفي وتشجيعها على زيادة الإقراض.
قال بنك الشعب الصيني في قسم خاص من تقريره الفصلي الذي نُشر الأسبوع الماضي إن هوامش أرباح البنوك الصينية من الفائدة تقلصت وانخفضت ربحيتها في السنوات القليلة الماضية بسبب المنافسة الشرسة في سوق الائتمان وتراجع معدلات الإقراض منذ جائحة كوروناء.
أضاف البنك المركزي أن البنوك بحاجة إلى الحفاظ على أرباح معقولة وهوامش صافية لأرباح الفوائد (الفرق بين السعر على القروض والودائع) حتى تتمكن من خدمة الاقتصاد الحقيقي ومنع المخاطر المالية.
الصين تفاجئ الأسواق بأكبر خفض للفائدة منذ 2020
قد تكون البنوك مقيدة أيضاً لأن متوسط أسعار الفائدة على الرهون العقارية الجديدة عند مستويات قياسية متدنية. فقد انخفض المتوسط إلى 4.11% في يونيو، وفق تقرير بنك الشعب الصيني الأسبوع الماضي.
في العام الماضي، خفض البنك المركزي سعر الفائدة على القرض الأساسي لأجل خمس سنوات بما مجموعه 35 نقطة أساس-أكثر من التخفيضات البالغة 20 نقطة أساس لمعدل تسهيل الإقراض المتوسط الأجل، وأعمق من خفض حجمه 15 نقطة أساس للقرض الأساسي لأجل عام واحد.
صداع العقارات
قالت بيكي ليو، رئيس استراتيجيات الاقتصاد الكلي للصين في "ستاندرد تشارترد": "الافتقار إلى القدرة على خفض معدل سعر القروض الأساسية، الذي تحدده البنوك، حتى مع مثل هذا التخفيض القوي لمعدل تسهيل الإقراض المتوسط الأجل، يشير إلى أن المزيد من الإجراءات لخفض تكلفة التزامات البنوك ستصبح أكثر إلحاحاً".
أشارت إلى أن المزيد من الإجراءات قد تكون وشيكة، بما في ذلك مزيج من خفض معدل الاحتياطي الإلزامي للبنوك وخفض معدلات الودائع وتغييرات معدلات إعادة الإقراض.
قال بروس بانغ، كبير الاقتصاديين ورئيس أبحاث الصين الكبرى (التي تشمل بر الصين الرئيسي وهونغ كونغ ومكاو وتايوان) في "جونز لانغ لاسال" (Jones Lang LaSalle) إن إجراءات اليوم ترسل أيضاً إشارة مفادها أن السلطات لا تريد إنهاك سوق العقارات، مضيفاً "هناك تكهنات بشأن ما إذا كانت الحكومة ستسمح باستمرار سياسات الملكية فضفاضةً بعد أن تجاهل المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني في اجتماع الشهر الماضي تعهداً بأن الإسكان ليس للمضاربة".
أثار غياب هذا الشعار، وهو من السياسات الرئيسية للرئيس شي جين بينغ، التكهنات بإلغاء بعض القيود الصارمة على العقارات.
ضوابط سياسية
قال بانغ: "الإشارة الآن هي أنه ستظل هناك ضوابط سياسية على قطاع العقارات"، مضيفاً أن السلطات استحدثت أيضاً آلية لخفض معدلات الرهن العقاري الجديدة بالفعل، مما يقلل من الحاجة إلى تعديل سعر الفائدة على القرض الأساس لأجل خمس سنوات.
أفادت فرانسيس تشيونغ ، محللة أسعار الفائدة في "أوفرسي-تتشاينيز بانكينغ كورب" (Oversea-Chinese Banking Corp) بأن صناع السياسة ربما قدروا أن خفض سعر الفائدة المرجعي على الرهون العقارية ليس الأداة الأكثر فاعلية، وإما هذا كل شيء، أو أن الجهات التنظيمية تفكر في شيء أكثر أهمية لدعم قطاع العقارات".