«الشرقية للدخان»: أزمة السجائر في مصر بسبب السوق السوداء
أرجع رئيس الشركة الشرقية للدخان «إيسترن كومباني»، هاني أمان، الأزمة إلى كبر حجم سوق السجائر بما يسمح بأن يكون التلاعب في الأسعار بمراحل البيع النهائية لدى أصحاب الأكشاك والبائعين الآخرين (نصف الجملة)، الذين يبيعون السجائر بأسعار غير مبررة.
يضيف أمان أن توقعات بعض التجار حدوث خفض جديد لقيمة العملة خلال الفترة المقبلة، قد يكون سبباً وراء الضغط التصاعدي على أسعار السجائر وزيادة التخزين، نتيجة اعتماد خاماتها بشكل أساسي على الاستيراد من الخارج.
أكد رئيس "إيسترن كومباني" أن شركته "ملتزمةٌ بتوريدَ احتياجات السوق من السجائر، ورفع الإنتاج 30% إلى 150 مليون سيجارة يومياً، لكنه أشار في المقابل أن الطلب غير الحقيقي، بغرض التخزين، قادر على امتصاص أي زيادة في المعروض.
السعر الرسمي والسوق السوداء
تباع علبة السجائر المحلية "الأكثر شعبية بأسعار بين 55 جنيهاً و60 جنيهاً؛ رغم أن السعر الرسمي يبلغ 24 جنيهاً. مع تباين الأسعار وشُحّ المعروض، اتجه كثيرون إلى التبغ المُسخَّن والسجائر الإلكترونية، فيما يفكر البعض في الإقلاع عن التدخين، ومنهم علي الماوي، وهو مدرّس في أسيوط بصعيد مصر، يرى أن "أزمة نقص السجائر في الصعيد مضاعفة، ونعاني نقصاً أكبر من أي محافظة أخرى، خصوصاً في الأنواع الشعبية، لذا اتجهت إلى تدخين السجائر الإلكترونية".
تُعَدّ مصر إحدى دول الشرق الأوسط مديونيةً، وتواجه البلاد نقصاً في العملات الأجنبية. تبلغ الديون الداخلية والخارجية لمصر حتى نهاية 2022 نحو 421 مليار دولار وفقاً لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في أبريل الماضي.
استبعد وائل زيادة، الرئيس التنفيذي لـ"زيلا كابيتال"، أن يكون شُحّ الدولار هو سبب أزمة اختفاء السجائر في مصر ومضاعفة أسعارها؛ ويرى أن الأزمة تعود إلى «سلاسل الإمداد الداخلية، واتجاه تجار الجملة إلى تخزين السجائر انتظاراً لرفع أسعارها»، فيما تُظهر ميزانية الشركة الشرقية "إيسترن كومباني" عدم وجود نقص شديد في مخزون المواد الخام.
تنتج "الشرقية للدخان" المدرجة في البورصة المصرية، السجائر وتبغ الغليون والسيجار والمعسل، وتبلغ حصتها السوقية نحو 70% مقابل نحو 30% للشركات الأجنبية.
ويعتقد زيادة أن ارتفاع أسعار السجائر لن يؤثر في ارتفاع معدلات التضخم، إذ تُحسَب المعدلات بناءً على الأسعار الرسمية لا على أساس أسعار السوق السوداء أو المنتج النهائي.
العرض لم يتقلص
عانت شركات مصرية عديدة خلال عامَي 2022 و2023، صعوبات في استيراد احتياجاتها من الموادّ الخام نتيجة نقص العملة الأجنبية، لكن هذا لا يظهر في حالة "الشركة الشرقية" للدخان، إذ لم تمرر الانخفاض في سعر صرف الجنيه بنحو 50% منذ مارس 2022 إلى عملائها، كما لم تقلّص معروضها من السجائر.
الأمر السيئ للشركة، هو "أن زيادة الطلب على السجائر وزيادة أسعارها في السوق الموازية، لن تُراكما أرباحاً للشركة الشرقية للدخان، كون الشركة لا تزال تبيع بالأسعار القديمة الرسمية بلا أي زيادات"، وفق زيادة.
سجلت مجموعة السجائر والدخان أعلى معدل زيادة شهرية في سلة سلع المصريين، خلال يوليو الماضي، إذ بلغ معدل ارتفاع أسعارها 8% على أساس شهري، و52% على أساس سنوي.
وبلغ معدل التضخم الشهري لإجمالي الجمهورية نحو 2%، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فيما تجاوز معدل التضخم على أساس سنوي عتبة 38%.
ورغم أن آخر زيادة رسمية لأسعار السجائر كانت في شهرَي مارس (للسجائر المحلية) وأبريل (للسجائر الأجنبية)، فإن أسعار الدخان ارتفعت بمعدل 5% في مايو، و18.4% في يونيو، ثم 8% في يوليو، وحتى منتصف شهر أغسطس الجاري لا يبدو أن أسعار السجائر تتجه إلى الانخفاض، ما يعني تزايد الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية.
ضرورة التعديلات الضريبية على أسعار السجائر
يرجع إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة الدخان في اتحاد الصناعات المصرية، أزمة السجائر في مصر إلى تباطؤ إصدار تشريع بالتعديلات الضريبية على أسعار السجائر، إلى جانب جشع التجار، معتبراً أن "أزمة نقص الدولار ليست أساس الأزمة الحالية".
يقول إمبابي في تصريحات لـ"اقتصاد الشرق"، إن "التشريع الضريبي من المفترض أن يرفع الأسعار في السوق بمقدار يتراوح بين 4 و5 جنيهات فقط، وما نشهده الآن ليس له مبرّر، إلا أنه استغلال من التجار، إذ رفع التجار سعر العلبة الواحدة بما يصل إلى 50 جنيهاً".
أمدّت الشركة "الشرقية للدخان" المدخنين المصريين بنحو 88 مليار سيجارة في العام المالي الماضي، مقارنة بـ94 مليار سيجارة في العام المالي 2021/2022، حسب إفصاح للشركة.
وأكّد رئيس الشعبة أن التجار المحتكرين خزنوا كميات من السجائر "أكثر من الموجودة لدى مصانع الشركة الشرقية للدخان نفسها".