30 يونيو.. الذكرى العاشرة لإقرار العدالة في مواجهة الإرهاب أمام القاضي الطبيعي
لم تدفع بشاعة الجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها وإلى أن لفظها المصريون في 30 يونيو 2013 ، الشعب المصري ومؤسسات الدولة، إلى سياق انتقامي يخرج عن الأطر الدستورية والقانونية والقضائية الراسخة، وإنما لاذ الجميع بالقضاء المصري في مواجهة جرائم عناصر الجماعة.
وقد تداولت الدعاوى في شأن ما ارتكبته الجماعة الإرهابية من جرائم، ورغم فداحتها وبشاعتها وما انطوت عليه من إراقة للدماء وترويع للمصريين في مختلف ربوع البلاد، أمام محاكم الجنح والجنايات وحتى محكمة النقض وإلى أن صدرت الأحكام النهائية والباتة ببراءة من لم يثبت تورطه والإدانة لمن استقر في يقين القضاء المصري تدبيره واشتراكه في محاولات لضرب الوطن.
وسطرت منصات القضاء أحكاما تاريخية عنوانها العدل لإسدال الستار عن جماعة خططت قيادتها ونفذت عناصرها، أعمال سفك الدماء وترويع الآمنين والتخابر مع جهات أجنبية لإسقاط أسس وبناء الدولة، وزاد بطشها وخروجها عن القانون منذ اللحظات الأولى للعام 2011، ومرورا بمحاولتهم التصدي لإرادة الشعب في 30 يونيو 2013، وما تبعها من جرائم طوال سنوات لمحاولة بقاء خلاياهم السرطانية في جسد الوطن دون جدوى.
10 سنوات مرت على اندلاع ثورة 30 يونيو، بإرادة شعبية جارفة أعلنت رفضها استمرار حكم الجماعة الإرهابية ولفظتها من السلطة لتخضع جرائمهم للتحقيق والمحاكمة، وبدأت مع قضية "اختراق الحدود الشرقية للبلاد واقتحام السجون"، مرورا بقضية التخابر التي ضمت قائمة المتهمين فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان الإرهابية، وما تبعها من جرائم ارتبطت بفض اعتصام رابعة المسلح، وغيرها من قضايا الخلايا الإرهابية التي خططت ونفذت اغتيالات لشهداء الوطن من الشرفاء.
وأسفرت التحقيقات المضنية والطويلة التي باشرتها السلطات القضائية، عن أدلة دامغة أفضت إلى إحقاق العدالة وإنصاف المظلومين، وحماية الحقوق والحريات ومقدرات الوطن وتحقيق الردع الخاص والعام في مواجهة الخارجين عن القانون وجماعات الإرهاب والعنف المسلح، وذلك عبر إنفاذ القانون والعدالة التي تعد مدماكا للأمن والأمان والطمأنينة في ربوع الوطن.
والمتابع الدقيق لمسار التحقيقات والمحاكمات التي ضمت قيادات وعناصر التنظيمات الإرهابية وفي مقدمها جماعة الإخوان، يتبين له حجم الضمانات التي أحُيطت بهذا المسار القضائي الذي اختاره المصريون في مواجهة جرائم سفك الدماء والتفجيرات والاغتيالات، وعدم الإخلال بالقواعد الصلبة والتقاليد الراسخة التي تأسس عليها القضاء المصري، وفي مقدمتها مثول مرتكب الجريمة مهما بلغت قساوتها وارتداداتها المجتمعية، أمام قاضيه الطبيعي ووفق إجراءات لا يُمكن الحيد عنها على نحو يضمن العدالة المنصفة وإظهار كافة الحقائق في محراب العدالة.
وقد حظي المتهمون، حتى من ارتكبوا جرائم إرهاب، بكامل حقوقهم القانونية والدستورية في مختلف درجات التقاضي، مع تمثيل هيئات الدفاع عنهم وتمكينهم من إقامة الطعون أمام محاكم الاستئناف والنقض، حتى صدور الأحكام النهائية والباتة والتي تنتهي إما بالإدانة أو البراءة، وفق ما تكشف عنه الأدلة والتحقيقات والثابت في الأوراق والوقائع.
اقتحام الحدود الشرقية كشف مخطط إسقاط الدولة
أصدرت محكمة النقض حكما نهائيا وباتا أيد أحكام محكمة الجنايات الصادرة بالسجن المؤبد والمشدد بحق 15 شخصا من قيادات وكوادر جماعة الإخوان الإرهابية، من بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، وذلك بعد رفض الطعون المقدمة منهم في قضية إدانتهم بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات العنف المسلح داخل مصر وخارجها بقصد الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية.
وكانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت في سبتمبر 2019 حكمها بإدانة المتهمين من قيادات وكوادر وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية، وذلك في إعادة محاكمتهم، إذ سبق وأدانت محكمة جنايات القاهرة في يونيو 2015 المتهمين في المحاكمة الأولى لهم، غير أن محكمة النقض ألغت في نوفمبر من العام 2016 تلك الأحكام وأمرت بإعادة المحاكمة أمام إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة غير التي سبق وأصدرت حكمها بالإدانة.
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين اتهامات بالتخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد؛ بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها.
وقدمت حيثيات الحكم في قضية "اقتحام الحدود الشرقية والسجون" برهانا وتأريخا لمخططات جماعة الإخوان الإرهابية ومؤامرتهم لتصاعد الأحداث في يناير 2011، لإسقاط الدولة المصرية، بما كشفته القضية من عشرات الوثائق والتقارير من الجهات المختلفة، بالإضافة إلى تسجيلات المكالمات الهاتفية بين المتهمين وعناصر خارجية، وفيما بينهم، والتي تمت بإذن من النيابة العامة، فضلًا عن عشرات شهود الإثبات.
وكشفت التحقيقات عن ظهور اسم محمد مرسي عيسى العياط بصفته التنظيمية بجماعة الإخوان المسلمين بالبلاد (عضو مكتب الإرشاد والمسئول عن القسم السياسي بها منذ عام 2009 وحتى يناير 2011) كمسئول عن عقد اللقاءات التنظيمية بين العناصر القيادية للجماعة بالبلاد والعناصر القيادية بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين بالخارج، وكذا علاقات الجماعة بالمنظمات الأجنبية والمسلحة بالخارج؛ حيث عقدت سلسلة لقاءات تنسيقية بالداخل والخارج خلال الفترة من 2005 إلى 2010 رصدتها الأجهزة الأمنية.
جماعة العنف ورفض الإرادة الشعبية
بمجرد إعلان الشعب المصري رفضه لجماعة الإخوان الإرهابية وتقلد أحد عناصرها منصب رئيس الجمهورية، باشرت الجماعة جرائمها من إرهاب وترويع للآمنين من خلال بؤرتين إجراميتين على اعتصامهم المسلح بميداني رابعة العدوية (ميدان المستشار الشهيد هشام بركات حاليًا) والنهضة.
وحينما خضعت جرائمهم بذلك الاعتصام المسلح للتحقيق والمحاكمة، انتهت محاكم جنايات القاهرة والجيزة بإصدار أحكامها بالإعدام شنقا بحق مرتكبي جرائم القتل والشروع في القتل والتفجيرات والاغتيالات والاختطاف والتعذيب وغيرها من الجرائم، وكذا السجن المؤبد والمشدد لمن خططوا وشاركوا في التنفيذ.
وقد استطردت محاكم الجنايات التي باشرت محاكمة المتهمين على مدى سنوات، ما بين محاكمات أولى وإعادة للمحاكمات، أن ثورة 30 يونيو زلزلت عرش حكم الإخوان، وحاول الإخوان الانتقام بمخططاتهم الإرهابية التى لم تتوقف فخرجوا على الشعب بوجههم القبيح يكتظون الغيظ تملئ صدورهم مرارة الهزيمة ويشهد حالهم بأنهم ما خرجوا إلا ليثأرون.
واستمرت الدولة في ملاحقة من صدر بحقهم أحكامًا غيابية، لتستمر عملية إعادة إجراءات محاكمتهم بمجرد ضبطهم، لتصدر أحكام الإدانة ضد من يثبت اشتراكه في الجرائم ويمنح حقه القانوني في الدفاع أو تنتدب له المحكمة من يمثله في الدفاع.
جرائم لم تتوقف وقضاء مستمر في أداء رسالة العدالة
بعد نجاح ثورة 30 يونيو في تحقيق أهدافها، عاد تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية للعمل في الظلام وتحت الأرض من خلال الخلايا النوعية والتنظيمات المسلحة، والتي صدر بحق عناصرها مئات الأحكام القضائية طوال 10 سنوات ولا تزل تنظر بعض القضايا الخاصة بهم حاليا.
جرائم الترويع والاغتيال والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى محاولة إسقاط الدولة المصرية، تواجهها منصة العدالة بمعيار العدالة وعلانية الجلسات ومناقشة الشهود وفحص الأدلة الدامغة على عداء تلك الجماعة للوطن والمواطنين واستباحة الدماء.
وامتدت الجرائم التي صدرت فيها أحكاما باتة ونهائية لتشمل وقائع بالتخابر مع تنظيمات إرهابية مثل داعش والقاعدة خارج البلاد، لتحقيق أغراضهم الإرهابية، ولتصدر بحقهم الأحكام الرادعة.