ملك الأردن: لن يتم دمج إسرائيل بالمنطقة ما لم يكن هناك مستقبل للفلسطينيين
بثت قناة سي إن إن الأمريكية، اليوم الأربعاء، مقابلة مع الملك عبدالله الثاني ملك الأردن ، كانت قد أجرتها الإعلامية بيكي أندرسون ضمن تقرير لتسليط الضوء على موقع عمّاد السيد المسيح عليه السلام (المغطس)، وجهود الأردن لتطوير المنطقة المجاورة للموقع.
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية، ركز في المقابلة، التي تم تصويرها في منطقة المغطس، على جهود حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية الوجود المسيحي بمنطقة الشرق الأوسط، ومكانة القدس كمدينة تجمع ولا تفرق، إضافة إلى مساعي المملكة لحماية موقع المغطس وتطوير المنطقة المجاورة له.
وأكد الملك أن المغطس له أهمية بالغة للأردن، وهو من منظور تاريخي ديني، يعد واحدا من أقدس ثلاثة أماكن للديانة المسيحية.
وشدد على أن الموقع يروي قصة أوائل اللاجئين إلى الأردن، المسيح عيسى عليه السلام، وهي قصة تمتد إلى موجات اللجوء التي شهدناها في عصرنا هذا، مضيفا "هنا كانت البدايات، وهذه رواية تحكي قصة الأردن عبر الزمان".
وقال الملك في المقابلة إننا حريصون على الحفاظ على موقع المغطس لقرون قادمة، باعتباره واحدا من مواقع اليونسكو للتراث العالمي التي يجب علينا حمايتها.
وتابع إن ما سيحدث في المنطقة المجاورة للمغطس سيدعم هذا الموقع التاريخي المهم، إذ سيتم إنشاء متحف لتسليط الضوء على تاريخ المسيحية، وحدائق للزهور والأعشاب والنباتات القديمة من المنطقة، ومراكز تدريب لمختلف الكنائس.
وبين أن الموقع له مكانة مهمة للجميع، ويؤمه الزوار من المسلمين والمسيحيين، ما يعزز الروابط بين المسيحية والإسلام، ويحافظ على الإرث المسيحي التاريخي في الأردن.
وردا على سؤال حول خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، والإشارة التي تضمنها إلى القدس، جدد الملك التأكيد على أن المدينة المقدسة يجب أن تكون مدينة تجمعنا، محذرا من محاولات استغلالها من المتطرفين لإذكاء الصراع والعنف.
وأضاف "نحن الأوصياء على المقدسات المسيحية كما الإسلامية في القدس، وما يقلقني هو وجود تحديات تواجه الكنائس بسبب السياسات المفروضة على الأرض، وإذا ما استمر استغلال القدس لأغراض سياسية، يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة".
وردا على سؤال عن المخاطر التي تواجه الوجود المسيحي بالمنطقة، قال الملك إن في الأردن وفي القدس أقدم مجتمع عربي مسيحي في العالم، "وهم هنا منذ ألفي عام، وعلى مدى الأعوام الماضية، بتنا نلاحظ أنهم كمجتمع يتعرضون لضغوطات، وبالتالي فإن أعدادهم في تناقص، وهذا باعتقادي ناقوس خطر لنا جميعا".
وفي معرض إجابته على سؤال حول مخاوف اندلاع انتفاضة ثالثة، قال :" لا بد أن نشعر بالقلق حيال قيام انتفاضة جديدة، وإن حصل ذلك، فإنه قد يؤدي إلى انهيار كامل، وهذا أمر لن يكون في صالح الإسرائيليين ولا الفلسطينيين، مبينا أن الجميع في المنطقة قلقون للغاية، ومنهم موجودون في إسرائيل ويتفقون على ضرورة الحيلولة دون حصول ذلك.
وردا على سؤال بخصوص عودة بنيامين نتنياهو للسلطة، وما وصفه معلقون أردنيون بأنه أسوأ كابوس بالنسبة للأردن، قال إن للإسرائيليين الحق باختيار من يقودهم، وسنعمل مع الجميع طالما أننا سنتمكن من جمع كل الأطراف معا، فنحن على استعداد للمضي قدما.
وفي إجابته على سؤال فيما إذا كان الوضع الراهن ودوره بصفته الوصي على الأماكن المقدسة في القدس مهددين بسبب التوقعات المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية الجديدة، قال الملك إن هناك دوما أشخاصا يحاولون الدفع باتجاه ذلك، وهذا مصدر للقلق، ولكن لا أعتقد أن هؤلاء الأفراد تحت أنظار الأردن فقط، بل هم تحت أنظار المجتمع الدولي.
وأضاف "نحن نعيش في منطقة صعبة وهذا أمر اعتدنا عليه، وإذا أراد جانب ما أن يفتعل مواجهة معنا، فنحن مستعدون جيدا، ولكن أود دوما أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس".
وتابع الملك قائلا "وفي المقابل، لدينا خطوط حمراء، وإذا ما أراد أحد تجاوز هذه الخطوط الحمراء، فسنتعامل مع ذلك، ولكن ندرك أن الكثير من الجهات في إسرائيل تشاركنا القلق".
وفيما يتعلق بدور الأردن في تعزيز الاستقرار في المنطقة، قال إن الأردن كان الملاذ للمسيحيين الأوائل وللسيد المسيح عيسى عليه السلام بنفسه.
وأضاف الملك بهذا الصدد "أعتقد أن هذا أمر في صلب تراثنا، وجدي الشريف الحسين بن علي، رحمه الله، وفر ملاذا آمنا للمسيحيين الأرمن في الأردن حين كانوا يبحثون عن الأمن والأمان".
ولفت إلى أن الأردن وفر الملاذ للمسيحيين العراقيين والسوريين في السنوات القليلة الماضية، الذين لجؤوا إلى المملكة إثر أفعال داعش في سوريا والعراق.
وحذر الملك من أن تفريغ المنطقة من الوجود المسيحي سيكون أمرا كارثيا بالنسبة للجميع، مؤكدا أن المسيحيين جزء من ماضينا وحاضرنا، ويجب أن يكونوا جزءا من مستقبلنا.
وردا على سؤال حول تطلعاته لعام 2023 بالنسبة للمنطقة، قال إن الشعوب تود المضي قدما في حياتها وأن تشعر بوجود الفرص، مشيرا إلى أهمية التركيز على الاعتماد الاقتصادي المتبادل عوضا عن النظر إلى السياسة كحل لجميع المشاكل.
وتابع إن هذه قضايا علينا التعامل معها جميعا، أردنيين وفلسطينيين وإسرائيليين، وأعتقد أن التكامل الإقليمي سيمكننا من كسر الحواجز.
وقال"مهما كان يعتقد البعض حول دمج إسرائيل في المنطقة، بأنه أمر بالغ الأهمية، فإنه لن يتم ما لم يكن هناك مستقبل للفلسطينيين".
وتطرق الملك في إجابته إلى رفع علم فلسطين من قبل المشجعين العرب لمنتخب المغرب في كأس العالم، معتبرا أن ذلك يبين أنه ما لم يكن هناك حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيبقى الشارع العربي دوما متعاطفا مع القضية الفلسطينية، "ولذا علينا أن نتخذ خطوات بنّاءة بدلا من الإجراءات الهدّامة".