حصاد 2022.. تحركات مكثفة من الأزهر لدعم السلام العالمي والأخوة الإنسانية
نشاط مكثف وجهود كبيرة للأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال العام 2022، تخللته زيارتان خارجيتان التقى خلالهما مع الكثير من الرؤساء والرموز الدينية، في إطار دوره، وجهوده في خدمة العديد من القضايا وعلى رأسها قضايا السلام والعيش المشترك، ومد جسور التعاون والتواصل بين الشرق والغرب، فضلا عن العديد من الفعاليات المحلية.
بدأ شيخ الأزهر زياراته الخارجية لدولة كازاخستان، من أجل حضور "المؤتمر السابع لزعماء الأديان" والذي انطلق تحت عنوان "دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء كوفيد-19"، والذي شارك فيه ما يزيد عن 100 وفد من قادة وزعماء الأديان من 60 دولة.
وافتتح الإمام الأكبر لقاءاته مع الرئيس قاسم جومارت توكاييف رئيس جمهورية كازاخستان، وخلال اللقاء تمت مناقشة سبل تعزيز أوجه التعاون بين كازاخستان والأزهر الشريف، وقلد الرئيس شيخ الأزهر جائزة أستانا الدولية - والتي تعد أحد أرفع الجوائز في منطقة آسيا الوسطى لمساهمته في مجال الحوار بين أتباع الأديان، ونشر ثقافة الأخوة والسلام العالمي، وذلك بحضور عدد من القادة السياسيين وزعماء الأديان حول العالم، فيما أهدى مفتي كازاخستان شيخ الأزهر زي "الشابان التقليدي" تقديرا لزيارته للبلاد.
وتخللت الزيارة لقاءات مؤثرة مع رموز الأديان وقادة المنظمات الدولية، وكان أبرزهم بابا الفاتيكان فرنسيس، وباشا زاده، القائد الروحي للمسلمين في أذربيجان وعموم القوقاز، وعزة كرم، الأمين العام لمنظمة أديان من أجل السلام، وميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ونور سلطان نزارباييف، الرئيس السابق وأول رئيس لدولة كازاخستان.
وخلال لقاءاته أكد الإمام الأكبر على أهمية مواصلة دعم دور قادة وعلماء الأديان، ودعم مبادرات الحوار لنشر السلام وتعزيز التعايش بين بني البشر، خاصة ما يتعلق بالمبادرات التي تستهدف الشباب، وحفظ الهوية وتفعيل دور الدين في حياة الشعوب والحفاظ على منظومة الأسرة، ودعم انتشار وتطبيق بنود وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعت بدولة الإمارات، لتكون منارة ودليلاً إنسانيا عالميا في تعزيز التآخي ونشر السلام بين بني البشر جميعًا.
أما ثاني محطات الإمام الخارجية فكانت زيارته لمملكة البحرين الشقيقة، في الفترة من 3 - 4 من نوفمبر الماضي، بدعوة من ملك البحرين حمد بن عيسى للمشاركة في ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، وحضره أيضا بابا الفاتيكان فرنسيس ونحو 200 شخصية من رموز وقادة وممثلي الأديان حول العالم.
وركز الملتقى على أهمية الحوار بين الأديان، وتعزيز التعايش السلمي، وما قام به شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان من جهود جعلتهما من صناع السلام ورموز التسامح والأخوة الإنسانية في العالم، ونماذج رائدة في العمل المخلص.
وخلال الملتقى عقد مجلس حكماء المسلمين اجتماعه الدوري السادس عشر في قصر الصخير الملكي برئاسة شيخ الأزهر ولأول مرة بحضور بابا الفاتيكان وكبار رجال الكنيسة الكاثوليكية، تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، وتناول الجهود المستقبلية المشتركة بين المجلس والكنيسة الكاثوليكية، ودور المجلس في دعم وإرساء قيم الإخاء الإنساني ونشاطه المكثف في هذا الشأن في ظل ما يشهده العالم من صراعات تحتاج تدخل صوت الحكمة لإنهائها وبسط روح الأخوة والسلام بين البشر.
وعقد شيخ الأزهر لقاءات متعددة مع رستم مينيخانوف، رئيس تتارستان، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش بالإمارات، والبطريرك برثلماوس الأول، البطريرك المسكوني، رئيس أساقفة القسطنطينية.
أ
ما على الصعيد المحلي، فشهد العام 2022 لقاءات مكثفة تنوعت ما بين استقبال رؤساء الدول وكبار القادة السياسيين حول العالم، مثل ماكي سال، رئيس جمهورية السنغال، وأندجيه دودا، رئيس جمهورية بولندا، وقرينته أجاتا كورنهاوز، والدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالجمهورية اليمنية، وفيصل نسيم، نائب رئيس جمهورية المالديف، وتناولت تلك اللقاءات تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وتعزيز الفكر الوسطي وتدريب الأئمة حول العالم، ومواجهة الفكر المتطرف والانحرافات المنتشرة محليا وإقليميًا، والمضي قدما على طريق نشر ثقافة التسامح والسلام وقبول الآخر والإخاء عالميا.
والتقى شيخ الأزهر مع كبار القيادات الدينية حول العالم، وعلى رأسهم البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وغيرهم من قادة الكنائس والأديان حول العالم، حيث تناولت هذه اللقاءات تبادل التهاني في المناسبات الدينية المختلفة، بالإضافة لبحث جهود الحوار بين الأديان وتعزيز العلاقات الأخوية والتعايش المشترك، ودور قادة الأديان في تكريس المحبة والسلام والإخاء حول العالم.
كما التقى شيخ الأزهر مع رؤساء المنظمات الدولية والوزراء والشخصيات السياسية البارزة، من بينها زيارة الأمير خايما دي بوريون دي بارما، مبعوث المملكة الهولندية الخاص بالمناخ، و طارق أحمد، وزير الدولة البريطاني لشئون شمال إفريقيا وجنوب ووسط آسيا والكومنولث والأمم المتحدة، وتيو تشي هين، كبير وزراء سنغافورة لتنسيق السياسات الأمنية، ورئيس اللجنة الوطنية الوزارية لتغير المناخ، والحمادو أدامو سولى، وزير داخلية النيجر، وعبد القادر بتيل، وزير الصحة الباكستاني، ومحمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، والدكتور مولين أشيمبايف، رئيس مجلس الشيوخ الكازاخي، وتم خلال هذه اللقاءات التباحث حول العديد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، والتي على رأسها قضية البيئة والمناخ، وعمالة الأطفال، والعنف ضد المرأة، ومكافحة التعصب والكراهية، وغيرها من القضايا الدولية التي تتطلب تضافر قادة السياسة وعلماء الدين والشخصيات المجتمعية المؤثرة والشعوب لمجابهتها ووضع الحلول الناجعة لها.
أما على صعيد دعمه للمبادرات الوطنية، والإسهام بفعالية في المشروعات القومية والمبادرات التي تهدف إلى خدمة الشعب المصري، أعلن الأزهر الشريف، تسخير جميع إمكاناته لدعم هذه المبادرات الكريمة، والتي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فكانت هناك حالة من الاستنفار بمختلف قطاعات الأزهر الشريف، وعلى رأسها جامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وبيت العائلة المصرية والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر لإطلاق القوافل الطبية والتنموية للكثير من محافظات مصر وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات الداعمة لمبادرة حياة كريمة، ومنها على سبيل المثال قافلة جامعة الأزهر الشاملة إلى أسوان في نوفمبر الماضي، والقافلة التنموية الشاملة إلى محافظة مطروح في ديسمبر الماضي، وغيرها الكثير من القوافل الإغاثية والطبية التي يتم إرسالها للمحافظات النائية والحدودية على مدار العام.
وكان لبيت الزكاة والصدقات المصري إسهاماته الواضحة في دعم مشروعات ومبادرات الدولة المصرية، والتي تمثلت في المشاركة بتمويل "مبادرة حياة كريمة"، بالإضافة لدعمه المتواصل للمشروعات التنموية للدولة المصرية عبر إقامة عدد من المشروعات التنموية بمحافظة شمال سيناء، وتمويل "مشروع المرأة المنتجة"، والذي دخل مرحلة الإنتاج الفعلي في فبراير الماضي، وذلك في إطار تمكين المرأة اقتصاديا وتحقيق التنمية المستدامة وتحويل المرأة المعيلة إلى منتجة، إسهاما من البيت في دعم الدولة المصرية لتحقيق خطة التنمية المستدامة.
وفيما يخص ملف التجديد في الفكر والعلوم الدينية، فقد أخذ الأزهر على عاتقه مهمة نشر صحيح الدين الإسلامي في ربوع العالم، وحرص على تجديد الفكر الديني بما يتوافق ومقتضيات الواقع المعاصر، ولم يدخر جهدا في ذلك، ومن بين جهوده إصلاح وتطوير المناهج الأزهرية، وتنقيحها من النصوص والأقوال التراثية التي قيلت في سياقات مختلفة لا تتناسب والواقع المعاصر، وتضمينها بما يساعد على نشر ثقافة السلام والتعايش والمواطنة بين جميع الشعوب والثقافات.
وبشأن دعم المرأة والطفل، فكان على رأس أولويات الأزهر خلال 2022، وتمثل ذلك في دعوة شيخ الأزهر إلى ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدًا في تنمية ثروة زوجها، وهي الدعوة التي لاقت ترحيبا كبيرا من أوساط حقوقية داخلية وخارجية.
بالإضافة لذلك، وفي سابقة تاريخية، فقد قرر فضيلة الإمام الأكبر في هذا العام تعيين الدكتورة نهلة الصعيدي عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بالقاهرة، في منصب مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، في دليل عملي على الدعم اللا محدود من فضيلته للمرأة.
وواصل الإمام الأكبر دعم المرأة بالتأكيد على أن الإسلام حرم العنف الذي يمارس على المرأة، وشدد على أن العنف ضدها أو إهانتها بأي حال دليل فهم ناقص أو جهل فاضح أو قلة مروءة وهو حرام شرعاً، إضافة لدفاعه الدائم عن حق المرأة أن ترفض زواج زوجها من أخرى، وأن الأصل في الإسلام الزوجة الواحدة ويجوز للمرأة طلب الطلاق في حالة زواج زوجها عليها مع عدم تقبلها الحياة مع أخرى.
وفيما يتعلق بالطفل، فقد أولى الإمام الأكبر أهمية خاصة له، وشدد دائما على ضرورة توفير حياة كريمة لجميع الأطفال وأن عمالة الأطفال وإجبارهم على أعمال لا تناسب أعمارهم ظاهرة خطيرة تهدد الفئات الأكثر عوزًا من الفقراء والمهمشين واللاجئين، مضيفا في منشور له على صفحته عبر فيسبوك، أن هذه الظاهرة تنال من الطفولة البريئة، وتحرم الأطفال أبسط حقوقهم في العيش الكريم، مشيرا إلى أنه لابد من تكثيف الجهود وسن التشريعات والقوانين الملزمة التي توفر للأطفال حماية اجتماعية فاعلة وشاملة.