خبراء يناقشون تكلفة العنف ضد المرأة في مكتبة الإسكندرية
افتتح الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، اليوم /الثلاثاء/، اجتماع للخبراء بعنوان "تكلفة العنف ضد المرأة: تحديات وآليات للمواجهة"، الذي ينظمه برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي بالمكتبة بمشاركة نخبة من الخبراء وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ وأساتذة الجامعة والقضاة وصناع القرار وغيرهم من الخبراء والمتخصصين والمهتمين بقضايا المرأة.
وأعرب الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، عن سعادته بمشاركة هذا الجمع من الخبراء والمتخصصين والمهتمين بقضايا المرأة لمناقشة موضوع غاية في الأهمية وهو تكلفة العنف ضد المرأة، لافتًا إلى أن الاجتماع يأتي ضمن الفعاليات التي ينظمها برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي في إطار حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة "مع بعض نحميها".
وقال زايد إن المكتبة تولي اهتمامًا كبيرًا لقضايا المرأة، وتؤكد وتدعم فكرة المساواة استنادًا إلى الدستور، وانطلاقًا من خطابات السيد رئيس الجمهورية، وعمل المجلس القومي للمرأة فيما يخص تمكين المرأة. وشدد على أهمية دعم المساواة وحقوق المرأة، والقضاء على كافة أشكال التمييز، وأن التعامل مع كل شخص في المجتمع يجب أن يتم على أساس مبدأ المواطنة.
ولفت مدير مكتبة الإسكندرية إلى أن العنف ضد المرأة قد يتم بشكل غير مباشر كالحرمان من التعليم، كما أن التمييز ضد المرأة والاستبعاد الضمني يعتبر شكل من أشكال العنف الرمزي.
وطرح الدكتور أحمد زايد عددًا من الأفكار للنقاش حول قضية العنف ضد المرأة خاصة مع تأثر المجتمعات بفكرة الرأسمالية المتوحشة، إضافة إلى فكرة الحداثة السائلة التي تجعل الحدود بين البشر وبعضهم البعض أو البشر والمجتمعات قابلة للتخطي والكسر.
وتناولت الدكتورة خديجة عرفة؛ المدير التنفيذي لمركز دعم واتخاذ القرار، عدد من الملاحظات حول قضية العنف ضد المرأة، أولها أنها ظاهرة متعددة الأشكال، فهناك عدة أنواع للعنف منها الجسدي والنفسي وغيره، كما أن هذه القضية لها عدة أبعاد منها السياسية والاقتصادية.
وأضافت أنه بالرغم من وجود محددات سياسية وثقافية لكنها ظاهرة عالمية، لافتة إلى أن ثلث السيدات على مستوى العالم قد تعرضن للعنف من قبل شريك الحياة، كما أنه هناك نوع جديد من العنف الذي يمارس الآن على المرأة وهو العنف الرقمي، حيث تتعرض النساء للابتزاز والتحرش على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت الدكتورة خديجة عرفة إن العنف ضد المرأة يتأثر باعتبارات الصحة والسياسة والبيئة، ففيما يخص الصحة على سبيل المثال، فقد ارتفع بشكل كبير عدد النساء المعنفات خلال جائحة كوفيد-19.
وأضافت أن هناك بعد ثقافي لظاهرة العنف ضد المرأة، إلى جانب وجود عنف غير ملموس ضد المرأة كالحرمان من العمل في بعض الوظائف، وعدم الحصول على نفس الفرص الاقتصادية كالرجل.
وتحدثت الدكتورة خديجة عرفة عن جهود الدولة في هذا الإطار، والنجاحات التي تحققت على الأرض، فقد انخفضت نسبة ظاهرة ختان الإناث من 21% في 2014 إلى 14% 2021، كما أن هناك إجراءات تشريعية في هذا الأمر، وحملات توعية مكثفة، وبالرغم من ذلك مازلنا نحتاج العمل بشكل أكبر على البعد الثقافي لهذه الظاهرة.
من جانبها، قالت الدكتورة نسرين البغدادي، عضو المجلس القومي للمرأة ورئيسة مركز البحوث الاجتماعية والجنائية سابقًا، إن المرأة المصرية تعيش أزهى عصورها، نظرًا للإرادة السياسية الداعمة لها في كل المجالات، ويتمثل ذلك في العديد من الإجراءات التشريعية وإصدار القوانين.
ولفتت إلى الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 والتي تركز على التمكين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمرأة وحماية حركة المرأة في المجتمع.
وتحدثت الدكتورة نسرين البغدادي عن جهود المجلس القومي للمرأة لمكافحة العنف ضد المرأة، ومنها المشاركة في حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، وحملات توعوية مثل "كوني"، وحملات أخرى ضد الختان منها حملات طرق الأبواب في القرى والنجوع، إلى جانب حملات لمجابهة العنف الإلكتروني ومنها حملة "اتكلمي"، وأيضًا حملة "حياتك محطات" لمواجهة التحرش.
وفي كلمته، قال المستشار علاء الشيمي، وكيل قطاع حقوق الإنسان والمرأة والطفل بوزارة العدل، إن قضية العنف ضد المرأة تأتي على رأس اهتمامات الدولة المصرية والعالم بأسره، لافتًا إلى أن مفهوم العنف ضد المرأة في مصر هو أي فعل أو امتناع عن فعل أو سلوك يسبب للمرأة أذى أو معاناة (بدنية أو مادية أو معنوية أو اقتصادية) وأي اعتداء على الحقوق التي كفلها الدستور والقانون.
وتحدث المستشار علاء الشيمي عن بعض جهود الدولة للقضاء على العنف ضد المرأة، ومنها إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، والدستور المعدل لعام 2014 والذي يعد نقطة تحول فيما يخص تمكين المرأة، إلى جانب زيادة نسبة المرأة العاملة في الهيئات القضائية، ومنح الامتيازات للمرأة من خلال قانون الخدمة المدنية وقانون الاستثمار 2017، إلى جانب إنشاء وحدة لحماية المرأة من العنف عام 2017 تضم وزارات العدل والصحة والداخلية والتضامن الاجتماعي.
وفي كلمتها، لفتت الدكتورة هبة شاروبيم، الأستاذة بكلية التربية جامعة الإسكندرية وعضو مجلس الشيوخ، إلى أن أنواع العنف ضد المرأة لا حصر لها، فمنها الجسدي والجنسي والعاطفي والرقمي والنفسي، مؤكدة أن العنف ضد المرأة هو أكثر أنواع الانتهاكات لحقوق الانسان انتشارًا وشيوعًا في عالمنا اليوم، كما أن 85% من النساء تعرضن للعنف الرقمي على مستوى العالم. وأشارت إلى أن التكاليف السنوية لعنف الزوج أو الشريك على مستولى الاقتصاد الكلي وصلت عام 2013 إلى 5.8 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية، و1.16 في كندا، و11.4 في استراليا و32.9 في إنجلترا.
وأكدت الدكتورة هبة شاروبيم أن مصر هي أول دولة في العالم تطلق استراتيجية وطنية لتمكين المرأة في ضوء التنمية المستدامة والهدف الخامس منها هو المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة اقتصاديًا. كما صدرت استراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء والتي أطلقت عام 2015 تستند إلى 4 محاور هي: الوقاية، الحماية، التدخلات، والملاحقة القانونية.
من جانبها، أعربت الأستاذة الدكتورة هبة نصار أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن سعادتها لعقد هذا الاجتماع بمكتبة الإسكندرية لدورها الفعال والمؤثر في مناقشة القضايا الحيوية، مقترحة أن تنشئ المكتبة مرصدًا للقضايا الاجتماعية والاقتصادية، وأن تتولى طرح الموضوعات كقضية العنف ضد المرأة، ومتابعة تطورها وتوصيل نقاشاتها لأصحاب القرار بالجهات المختلفة.
وتحدثت الأستاذة منة عادل من مؤسسة حياة كريمة عن دور المؤسسة في توعية السيدات بقضايا العنف ضد المرأة بهدف خلق جيل جديد قادر على حماية نفسه وتطوير ثقافته، إلى جانب جهود التوعية في مجال تمكين المرأة اقتصاديًا.
وفي كلمتها، تحدثت النائبة نهال المغربل، عضو لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل – مجلس الشيوخ، عن مكافحة العنف ضد المرأة من منظور "العمران"، لافتة إلى مشروع الخطة الحضرية الجديدة والذي يهدف إلى أن يكفل التخطيط العمراني للمدن الجديدة الأمان والحماية لكل فئات المجتمع خاصة المرأة. كما لفتت إلى قضية حوكمة الأراضي، وحق المرأة في تملك الأرض كمورد اقتصادي هام.
يذكر أن الاجتماع يهدف إلى تسليط الضوء على التكلفة التي يتحملها المجتمع المصري والناتجة عن العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، سواء كانت هذه التكلفة ملموسة كالأضرار التي يتحملها القطاع الصحي وبيئة العمل الوظيفية، أو غير الملموسة والتي تتمثل في انتشار بعض المعتقدات والثقافات الشعبية والتي من شأنها تنميط دور المرأة والحد من مكانتها الاجتماعية، وأيضًا بحث أنماط العلاقات الاجتماعية والتفاعلات اليومية بين أفراد المجتمع وأساليب استخدام السلطة في الهياكل الاجتماعية والطبقية المختلفة. كما يناقش الاجتماع التحديات المختلفة التي قد تساهم في تفشي ظاهرة العنف ضد المرأة، والآليات والتدابير التي تساهم في القضاء على هذه الظاهرة