رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

حزب في «ضهر» الدولة

نشر
أحمد ناصف رئيس التحرير
أحمد ناصف رئيس التحرير

يبرز حزب «مستقبل وطن» في المشهد السياسي المصري المعاصر، كأحد أهم الأدوات الفاعلة في دعم استقرار الدولة، وتعزيز مسيرتها التنموية والسياسية. 
 

تأسس الحزب عام 2014، في مرحلة حرجة من تاريخ مصر؛ حيث كانت البلاد تعيد ترتيب أوراقها بعد تحولات سياسية كبيرة؛ ليكون بمثابة رافعة للعمل الوطني، ووعاء يجمع طاقات المصريين الراغبين في المشاركة في بناء الدولة الحديثة.

لم يكن الحزب مجرد كيان سياسي تقليدي، بل تحول إلى منصة للتواصل بين مؤسسات الدولة والمواطن، مساهمًا في ترسيخ مفاهيم الولاء الوطني، والوقوف خلف القيادة السياسية في القضايا المصيرية التي تواجه الأمة.  

يتبنى "مستقبل وطن" خطابًا سياسيًا واضحًا يقوم على دعم رؤية الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

وعلى عكس الأحزاب التي تبحث عن تحقيق مكاسب حزبية ضيقة، يضع الحزب "مصلحة مصر العليا" كبوصلة لتحركاته؛ وهو ما جعله يحظى بثقة شعبية واسعة، وينال أغلبية برلمانية مكنته من أن يكون شريكًا فاعلًا في صناعة القرار التشريعي.  

لكن الدور الأبرز للحزب يتجلى في قدرته على تعبئة الرأي العام المصري خلف مواقف الدولة في اللحظات الحاسمة؛ ففي قضايا مثل الأمن القومي، أو المواقف الإقليمية المصيرية، يتحول الحزب إلى جبهة وطنية موحدة، ينظم الفعاليات، ويدير الحملات الإعلامية، ويشرح تفاصيل الموقف الرسمي للمواطن البسيط؛ مما يعزز التلاحم بين الشعب والقيادة.    

كان الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين، والدفاع عن قضيتهم العادلة، أحد أبرز المحطات التي برهنت فيها قيادات وكوادر حزب مستقبل وطن على التزامهم بدورهم كحائط صد أمام أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية؛ فمع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بتهجير أهالي غزة إلى سيناء، تحرك الحزب بسرعة ليدعم الموقف الرسمي المصري الرافض للتهجير، مؤكدًا أن مصر "قلعة صمود" لن تسمح بمساس بحقوق الأشقاء الفلسطينيين.  

لم يقتصر دور الحزب على إصدار البيانات؛ بل نفذ سلسلة من الفعاليات الشعبية والندوات التوعوية، شارك فيها نواب الحزب وخبراء سياسيون، لتوضيح مخاطر التهجير على القضية الفلسطينية والأمن القومي المصري.

كما استخدم منصاته الإعلامية لنشر رسائل تثقيفية تؤكد تاريخ مصر النضالي مع فلسطين، وتفنيد الرواية الإسرائيلية التي تحاول تصوير التهجير كحل "إنساني". 
هذا النشاط لم يكن دفاعًا عن موقف سياسي فحسب، بل كان تأكيدًا على أن القضايا العربية الكبرى تظل جزءًا من الهوية المصرية.  

ويكمن سر فاعلية حزب مستقبل وطن في بنيته التنظيمية المتماسكة، والتي تعتمد على ثلاث دوائر متكاملة؛ أولها القيادة التي تتبنى رؤية استراتيجية تتماشى مع سياسات الدولة، وتتحرك في إطار ما يمكن وصفه بـ«الدبلوماسية الحزبية»  لتعزيز العلاقات مع الأحزاب والمنظمات الدولية؛ بما يخدم الصورة الذهنية عن مصر.  

الدائرة الثانية، تتمثل في كوادر الحزب، وهم نخبة من الشباب المتعلمين والمتخصصين في مجالات متنوعة، يقومون بدور المحللين والمنظرين الذين يقدمون رؤى قابلة للتطبيق تعزز خطاب الحزب.  

وتبقى الدائرة الثالثة المتمثلة في أعضاء الحزب على مستوى الجمهورية، وينتشرون في كل محافظات مصر؛ ليكونوا جسورًا بين الحزب والمواطنين، خاصة في المناطق النائية التي تحتاج إلى سماع صوت الدولة مباشرة.  

هذه التركيبة تجعل الحزب قادرًا على الانتقال من دور «المؤيد» إلى دور«الفاعل» في الأزمات، عبر حشد الطاقات الشعبية، وتقديم مقترحات عملية، مثل مبادرات دعم صمود الشعب الفلسطيني ماديًا ومعنويًا.  

ورغم الإشادة بدور الحزب، إلا أن البعض يطرح تساؤلات تحمل من السذاجة ، أكثر مما يحتمل الواقع السياسي، حول مدى ضرورة أن يتحول الحزب إلى مجرد صدى للسياسة الرسمية، دون إبداء رأي مختلف في القضايا الداخلية.

وبطبيعة الحال  فإن «مستقبل وطن» ليس حزبًا فوق النقد -النقد البناء- إلا أن من يطرحون مثل هذه التساؤلات، يرفضون أي خطاب يمس الاستقرار، ويبررون عجزهم بنقد من يعمل على أرض الواقع.

يمثل حزب مستقبل وطن نموذجًا فريدًا في الحياة الحزبية؛ حيث يعيد تعريف دور الأحزاب السياسية ليس كمنافسين للسلطة؛ بل كشركاء في تحقيق الأمن والتنمية، ووقوف الحزب الدائم في «ضهر» الدولة خلال الأزمات؛ يؤكد أن الولاء الوطني يمكن أن يكون أساسًا لشرعية سياسية تتجاوز الأيديولوجيات. 

عاجل