تقرير الوظائف الأمريكي يدفع المستثمرين لبيع الأسهم والسندات
شهدت الأسهم والسندات حالة من عدم الاستقرار في تعاملات أمس الجمعة، بعد أن غذّى تقرير الوظائف القوي والمفاجئ رهانات السوق على أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل تشديد سياسته النقدية، حتى لو أبطأ مسؤولو البنك المركزي وتيرة رفع أسعار الفائدة هذا الشهر.
تلاشت عمليات بيع السندات التي دفعت العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى الارتفاع بواقع نقطة أساس واحدة فوق مستوى 4.6%، فيما شهدت الأسهم تحركات مماثلة، حيث كاد مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أن يمحو 1% من قيمته في مرحلة ما من جلسة التداول، أما الدولار الأمريكي، فتذبذب ما بين ارتفاع وهبوط.
بدلاً من تعزيز رهاناتهم على اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، زاد متداولو المقايضة رهاناتهم على الهدف النهائي لسعر الفائدة الذي ربما يتطلع إليه البنك المركزي، ليصبح عند 4.98%، أي بزيادة 10 نقاط أساس عما كان عليه قبل صدور بيانات الوظائف، علماً أنَّ نطاق سعر الفائدة الأساسي يتراوح حالياً بين 3.75% و4%.
أضاف أرباب العمل في الولايات المتحدة وظائف بأكثر مما كان متوقعاً، فيما ارتفعت الأجور بأكبر قدر في ما يقرب من عام، وقد زاد عدد الوظائف غير الزراعية بمقدار 263 ألفاً في نوفمبر، بينما استقر معدل البطالة عند 3.7%، وارتفع متوسط الأجر في الساعة ضعف ما كان متوقعًا.
قالت سيما شاه، كبيرة المحللين الاستراتيجيين العالميين في "برنسيبال أسيت مانجمنت" (Principal Asset Management): "إن إضافة 263 ألف وظيفة حتى بعد رفع أسعار الفائدة بنحو 350 نقطة أساس، ليست مجرد مسألة عادية.. سوق العمل محمومة، ومحمومة جداً، وهذا يؤدي إلى زيادة الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة رفع أسعار الفائدة، ما هو الأمر الذي يتضمنه تقرير الوظائف، والذي قد يقنعهم بعدم رفع أسعار فائدة فوق مستوى 5%؟".
هذا هو السبب في أن "المخطط النقطي" للاحتياطي الفيدرالي، والذي يستخدمه البنك المركزي للإشارة إلى نظرته المستقبلية لمسار السياسة النقدية، هو موضع التركيز في الوقت الحالي، تقول آنا وونغ من "بلومبرج إيكونوميكس"، إن مسؤولي البنك قد يضطرون إلى رفع توقعاتهم لسعر الفائدة النهائي مقارنة بما كتبوه في سبتمبر، وربما يصل بهم الأمر إلى مستوى 5.25%.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، تشارلز إيفانز، إن هناك حاجة لرفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى، حتى مع إبطاء البنك المركزي وتيرة الزيادات، وأضاف أن صانعي السياسة النقدية من المرجح أن يتحولوا إلى 50 نقطة أساس بعد رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس في أربعة اجتماعات متتالية.
تعتبر تصريحات إيفانز هذه، هي الأحدث من قبل أحد مسؤولي البنك المركزي، بما في ذلك تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في وقت سابق من هذا الأسبوع، التي تقترح رفع أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية عندما يجتمعون يومي 13و14 ديسمبر.
يقول استراتيجيي "بنك أوف أمريكا" في مذكرة، إن تفاؤل مستثمري الأسهم بشأن الهدوء في سوق العمل والتحول في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، هو تفاؤل مبالغ فيه، وأوصى هؤلاء الاستراتيجيين بالبيع عند الارتفاع، قبل الزيادة المحتملة في فقدان الوظائف في العام المقبل، وقد تم نشر مذكرة استراتيجيي "بنك أوف أميركا" قبل صدور بيانات الوظائف أمس الجمعة.
كتب هؤلاء المحللين الاستراتيجيين بقيادة مايكل هارتنت في المذكرة التي أظهرت أن صناديق الأسهم العالمية شهدت للتو أكبر تدفقات أسبوعية خارجة في ثلاثة أشهر: "تشعر قوى السوق الهابطة (مثلنا)، بالقلق من أن البطالة في عام 2023 ستكون صادمة لمعنويات المستهلكين في الشارع الرئيسي، كما كان التضخم في عام 2022"، وأضافوا: "نبيع ارتفاعات المخاطرة من الآن"، مكررين تفضيلهم للسندات على الأسهم في النصف الأول من عام 2023.