مع دخول الحرب شهرها العاشر.. أوكرانيا بين الظلام الدامس والبرد القارس
انقطع التيار الكهربائي والمياه، أمس الخميس، عن مناطق أوكرانية، من بينها العاصمة كييف، غداة ضربات روسية كثيفة استهدفت منشآت الطاقة الأوكرانية، ضمن استراتيجية وصفها الغرب بأنها "جرائم حرب" مع اقتراب الشتاء، فيما يدخل الغزو الروسي لأوكرانيا شهره العاشر.
وأدى الهجوم الروسي الأخير إلى إغلاق جميع المحطات النووية في أوكرانيا للمرة الأولى منذ 40 عاماً، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا"، أن أوكرانيا باتت بقعة مظلمة على الكرة الأرضية ليلاً.
وتحولت موسكو إلى أسلوب ضرب البنى التحتية لأوكرانيا حتى في الوقت الذي ألحقت فيه كييف هزائم في ساحة المعركة بالقوات الروسية في سبتمبر الماضي، كما أعلنت روسيا ضم 4 أقاليم، وهم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوروجيا، واستدعت 300 ألف جندي من قوات الاحتياط.
وفي 24 فبراير الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، بدء "عملية عسكرية" ضد أوكرانيا، مشيراً إلى أن بلاده لا تخطط لاحتلال أراضٍ أوكرانية، معتبرًا أن العملية العسكرية تستهدف حماية الشعب في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
60 % من كييف بدون كهرباء
وفي وقت سابق الخميس، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب: "لقد تحملنا معاً حرباً شاملة على مدار 9 أشهر، ولم تجد روسيا طريقة لكسرنا، ولن تجد لذلك سبيلاً، فنحن شعب عصي على الكسر".
وأضاف زيلينسكي أنه في الوقت الذي تُستعاد فيه الكهرباء والتدفئة والاتصالات والمياه تدريجياً، لا تزال هناك مشاكل في إمدادات المياه بـ15 منطقة.
من جانبها، أفادت شركة "أوكرنرجو"، التي تشرف على شبكة الكهرباء الوطنية في أوكرانيا، بأن 50% من الطلب لم يُلب حتى الساعة السابعة مساء بتوقيت كييف (17:00 بتوقيت جرينتش).
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن العاصمة، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، شهدت انقطاع الكهرباء عن 60% من السكان وسط درجات حرارة أقل من درجة التجمد.
وأضاف مجلس مدينة كييف: "نتفهم أن مثل هذه الضربات الصاروخية يمكن أن تحدث مرة أخرى.. علينا أن نكون مستعدين لأي تطورات".
وأنشأت السلطات الأوكرانية "مراكز حصينة"، حيث يمكن للناس شحن الهواتف والتماس الدفء وتناول المشروبات الساخنة.
عودة محطات ومفاعلات للعمل
ومساء الخميس، قال مسؤولون أوكرانيون إن مفاعلاً في محطة خميلنيتسكي النووية أُعيد توصيله بالشبكة.
وقالت شركة الطاقة النووية الأوكرانية "إنرجواتوم"، إن محطة زابوروجيا الضخمة في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا أعيد توصيلها، الخميس، فيما أفاد مسؤولون بأن انقطاع التيار الكهربائي يمكن أن يعطل أنظمة التبريد في المفاعلات النووية ويسبب كارثة نووية.
وفي السياق، أعلن كيريلو تيموشينكو نائب مدير مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي إعادة إمدادات الطاقة إلى منطقتي كيروفوهرادسكا وفينيتسا.
وفي الجنوب، ناشد فيتالي كيم حاكم منطقة ميكولايف الأوكرانيين، الاقتصاد قدر الإمكان في استخدام الكهرباء.
كما قال حاكم منطقة خاركوف أوليج سينيجوبوف، إن السكان يعانون من "مشكلات الإمداد بالكهرباء".
وأضاف: "تجري أعمال لإصلاح الشبكة في ريفني وتشيركاسي (وسط) وكيروفوغراد (وسط) وجيتومير (وسط غرب)".
وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن الأوكرانيين يعانون من خطأ كييف لأنها رفضت الانصياع لمطالب موسكو التي لم يفصح عنها، وتقول أوكرانيا إنها لن تتوقف عن القتال إلا بعد رحيل جميع القوات الروسية.
الشتاء الأول
وسيكون الشتاء الأول في الحرب الآن اختباراً لمعرفة ما إذا كان بإمكان أوكرانيا المضي قدماً في معركتها لاستعادة الأراضي، أو ما إذا كان بإمكان قادة موسكو مواصلة الإمدادات للقوات، وإيجاد طريقة لوقف القوات الأوكرانية.
وبعد الانسحاب الروسي من خيرسون، صار لروسيا خط أقصر كثيراً للدفاع عنه من أجل الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها، حيث يغلق نهر دنيبرو حالياً أكثر من ثلث الجبهة.
وقال مارك هيرتلنج، وهو قائد سابق للقوات البرية الأمريكية في أوروبا، عبر تويتر: "ستزيد قدرات أوكرانيا ببطء، لكن المناورة المستمرة شرق نهر دنيبرو وفي منطقة دونباس التي تحتلها روسيا ستتضمن معارك أشد ضراوة".
وأضاف: "ستواجه الروح المعنوية الأوكرانية اختباراً بشأن استمرار الهجمات الروسية ضد البنى التحتية المدنية... لكن أوكرانيا ستثابر".
وتمضي روسيا في هجماتها على خط المواجهة غرب دونيتسك، التي تسيطر عليها القوات الموالية لروسيا منذ عام 2014.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، إن القوات الروسية حاولت مرة أخرى التقدم نحو هدفيها الرئيسيين في منطقة دونيتسك، بلدتي باخموت وأفدييفكا، دون أن تحقق سوى نجاح محدود.
وإلى الجنوب، توغلت القوات الروسية على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وقصفت مناطق من بينها خيرسون، التي استعادتها القوات الأوكرانية هذا الشهر.
آلاف المفقودين
وعلى صعيد الإحصاء السكاني للأوكرانيين، قال مسؤول في اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، الخميس، إن أكثر من 15 ألف شخص أصبحوا في عداد المفقودين خلال الحرب في أوكرانيا منذ فبراير الماضي.
وأضاف ماثيو هوليداي، مدير برنامج اللجنة في أوروبا، أنه لم يتضح عدد الأشخاص الذين تم نقلهم قسراً أو المحتجزين في روسيا أو الذين على قيد الحياة ومنفصلون عن أفراد عائلاتهم أو ماتوا ودفنوا في مقابر مؤقتة.
وقال هوليداي إن عملية التحقيق في المفقودين في أوكرانيا ستستمر سنوات حتى بعد توقف القتال، والرقم البالغ 15 ألف شخص متحفظ عند الأخذ في الاعتبار أنه في مدينة ماريوبل الساحلية وحدها تقدر السلطات أن نحو 25 ألف شخص إما لقوا حتفهم أو فقدوا.