مصر والإمارات.. 50 عاما من العلاقات الأخوية والروابط التاريخية
أبرزت وكالة الأنباء الإماراتية، في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، العلاقات التاريخية المتميزة بين مصر والإمارات، والتي تمتد لأكثر من 50 عاماً، أرسى دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، إيماناً منه بمكانة مصر ودورها المحوري في المنطقة.
وذكرت الوكالة -في تقريرها- أنّ العلاقات الثنائية بين البلدين تعود إلى ما قبل إعلان الاتحاد سنة 1971، حيث جمعت بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان علاقة أخوية عكست القيم المشتركة والاحترام المتبادل بين الشعبين الشقيقين.. حيث كان الشيخ زايد شديد الإيمان بدور مصر المحوري والرائد عربياً وإقليمياً، وقدم الدعم لشعبها بعد حرب 1967، وكانت له مساهمات عديدة في عمليات الإعمار وتمكين القطاعات الحيوية كافة، بما فيها توفير المقومات الضرورية للقوات المسلحة المصرية.
دور الرئيس جمال عبد الناصر في قيام اتحاد الإمارات
وأضافت، أنّ الرئيس جمال عبدالناصر، كان حينها داعماً كبيراً لقيام اتحاد الإمارات وقام بإرسال بعثات من المدرسين والمهندسين والأطباء، والنماذج المصرية التي كانت حاضرة في مرحلة التأسيس لقيام الاتحاد.
بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر، ساندت الدولة المصرية بقيادة رئيسها آنذاك محمد أنور السادات إعلان قيام دولة الاتحاد عام 1971، وزار الرئيس السادات دولة الإمارات العربية المتحدة، ليرد بعدها له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الزيارة إلى القاهرة، مقدماً وشاح آل نهيان للرئيس السادات.
حافظت العلاقات بين البلدين على متانتها ورسوخها، حيث واصلت دولة الإمارات تقديم الدعم لمصر قيادةً وشعباً، ولعل صورة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، وهو يساند الجيش المصري في إحدى مهامه خير شاهد على ما قدمته الإمارات لمصر.
نموذجاً متميزاً في العلاقات الثنائية
وشهدت فترة السبعينيات من القرن العشرين نموذجاً متميزاً في العلاقات الثنائية، حيث كانت الروابط بين دولة الإمارات ومصر مثالا يحتذى في العلاقات بين الدول العربية.
وكان دعم الشيخ زايد، لمصر بـمبلغ 100 مليون دولار بهدف إعادة إعمار محافظات قناة السويس كافة، من المواقف الخالدة في مسيرة العلاقات المشتركة، الأمر الذي دفع القيادة المصرية لإطلاق اسم "الشيخ زايد" على مدينة كاملة عام 1976.
وتعتبر العلاقات الإماراتية المصرية في فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك نموذجاً للاحترام المتبادل والتعاون السياسي والاقتصادي والتجاري لا سيما تحت مظلة أواصر الصداقة التي تربط بين قادة البلدين خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين .
و تبادلت قيادتا البلدين الزيارات الديبلوماسية، وفي كل مرة كان يحتفي الشعبان بروابط الأخوة التي تجمع بينهما، وفي الثاني من نوفمبر عام 1994، وأثناء زيارة الشيخ زايد، إلى مصر، صدرت صحيفة «الأهرام» المصرية العريقة بعنوان: «أهلا بعاشق مصر الأول»، وجاء العدد على شكل إصدار خاص يروي فيه نخبة من الخبراء والدبلوماسيين دور الشيخ زايد المساند لمصر بالقول إن: «زايد مصري الجنسية.. عربي الهوية.. إماراتي الموطن».
الاتفاقيات الاستثمارية بين البلدين
وتكللت العلاقات التاريخية بين البلدين بعدد من الاتفاقيات الاستثمارية، ومنها اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والتكنولوجي بين الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر وغرف تجارة وصناعة أبوظبي، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في العام 1988، والتي كان الهدف منها تعزيز التبادل التجاري وتشجيع الاستثمار.
اتفاقية مجلس الأعمال المصري الإماراتي
كما تم توقيع اتفاقية مجلس الأعمال المصري الإماراتي في عام 1993 لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تليها اتفاقية عام 1998، والتي تتضمن إنشاء منطقة تجارة حرة بين الإمارات ومصر.
بعد رحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" في عام 2004، ظلت روابط الأخوة تجمع بين البلدين، وقد انعكس ذلك بشكل إيجابي على مختلف جوانب العلاقات الثنائية، من سياسة، واقتصاد، وتجارة وثقافة حيث أصبحت دولة الإمارات، في المرتبة الأولى من بين الدول العربية والأجنبية الأكثر استثماراً في مصر.
ومنذ بداية تأسيس العلاقات الدبلوماسية تطابقت رؤى البلدين الشقيقين وثوابتهما في احترام القانون الدولي، وإرساء قيم العيش المشترك وقبول الآخر، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السياسية والسلمية والحوار.
و كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أولى الدول التي دعمت مصر، وساندتها في مختلف المحافل والظروف، وامتد هذا الدعم ليشمل الجانب الثقافي حيث تم الاتفاق على افتتاح أول فرع خارجي لجامعة الأزهر في الإمارات، فضلاً عن توقيع فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس الثاني بابا الكنيسة الكاثوليكية في 4 فبراير عام 2019 بأبوظبي.
الاستثمار في الاستقرار
ومع تولي فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منصب القيادة في مصر سنة 2014، صار لدى البلدين إيمان كامل بأن «الاستثمار في الاستقرار» هو أفضل طريق لبناء المستقبل في المنطقة العربية، ولهذا عمل البلدان بشكل دائم من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد الصوت العربي في مواجهة التحديات كافة.
وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، افتتاح وتدشين القواعد العسكرية المصرية الجديدة، بداية من مشاركته في افتتاح قاعدة «محمد نجيب العسكرية» في يوليو 2017، مروراً بمشاركته في افتتاح قاعدة «برنيس» على البحر الأحمر في يناير 2020، وحتى حضوره افتتاح قاعدة «3 يوليو» العملاقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في العام الماضي (2021)، وهو ما يؤكد ويعكس قوة وخصوصية العلاقات المصرية - الإماراتية في جميع المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وشهدت الفترة الأخيرة تعاوناً غير مسبوق في المجال العسكري بين مصر والإمارات، حيث شاركت قوات البلدين البحرية والجوية والبرية في سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة كان أبرزها فعاليات التمرين العسكري المشترك «زايد 3» في مايو 2021، وكذلك مشاركة القوات الإماراتية في فعاليات التدريب المشترك «سيف العرب» في 22 نوفمبر الماضي، كما نفذت القوات المسلحة الإماراتية والمصرية التدريب العسكري المشترك «صقور الليل» في نوفمبر 2019، وفي 25 يوليو 2018 انطلقت فعاليات التدريب البحري المشترك «استجابة النسر 2018»، وقبلها في أبريل من العام ذاته جرت فعاليات التدريب البحري المصري الإماراتي المشترك «خليفة 3»، وغيرها الكثير من التدريبات والمناورات المشتركة بين البلدين.
ويواصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والرئيس عبد الفتاح السيسي، السير على النهج الثابت نفسه والقائم على تعزيز العلاقات المتميزة والوطيدة بين البلدين على المستويات كافة وفي مختلف المجالات.