معركة المزرعة الصينية.. قذائف الرعب تخترق صدور الإسرائيليين
تعتبر معركة المزرعة الصينية من أهم العمليات الشرسة لقواتنا المسلحة أثناء حرب أكتوبر المجيدة وكان قائدها في هذا الوقت المقدم محمد حسين طنطاوي والذى كان يتولى قيادة الكتيبة 16 بالفرقة 16 مشاة.
وصف الخبراء معركة المزرعة الصينية بـ«المعركة الانتحارية» تكبد خلالها جيش الاحتلال الإسرائيلي 70 دبابة ومئات القتلى من الجنود والضباط وسميت بهذا الاسم لأنها جرت في منطقة المزرعة الصينية التي يرجع تاريخها إلى عام 67 حيث تم استصلاح هذه الأرض لزراعتها بمعدات من الصين وتم إنشاء بعض المنازل بها وشقت الترع وقسمت الأحواض لزراعتها.
وكانت تل أبيب خططت، لاختراق القوات المصرية عبر تلك المنطقة لفتح مساحة تكفى لتجميع جسور عائمة لعبور القناة وبعد ذلك تتحرك الفرقة ١٤٣ المدرعة الإسرائيلية لقطع خطوط الإمدادات للجيش الثالث في يوم 15 أكتوبر ركزت القوات الإسرائيلية كل وسائل النيران لديها من قوات جوية وصاروخية ومدفعية باتجاه تلك المنطقة.
كما قام العدو، بهجوم مركز، بالطيران طوال النهار على جميع الخنادق وقيادة الكتيبة وكان الضرب دقيقا ومركزًا، كما سلطت المدفعية بعيدة المدى نيرانها بشراسة طوال ساعات سطوع الشمس واستمر هذا الهجوم حتى الغروب ومع ذلك لم يصب خلال هذا الضرب سوى 3 جنود فقط ثم بدأت فرقتا «شارون- أدان»، في تنفيذ عملية اقتحام للمزرعة واستمرت حوالى 3 أيام حيث هاجم العدو بكل شراسة وتصدى لهم أبطالنا بكل قوة وفشل في تحقيق أي تقدم.
أحداث معركة المزرعة الصينية
بدأت معركة المزرعة الصينية، حين اكتشف الإسرائيليون عبر الاستطلاع والطيران الأمريكي، وجود ثغرة بمنطقة الدفرسوار بين الجيشين الثاني والثالث، فتم الدفع بـ3 فرق عسكرية إحداها بقيادة إيريل شارون والأخريين بقيادة إبراهام أدان وكلمان ماجن.
واخترقت الفرق، الثغرة في سيناء، وكانت معظمها خالية من القوات ولكن أحد الألوية بقيادة آمنون رشيف، وقعت في كمين قرب المزرعة الصينية التي يتمركز بها كتائب من الفرقة 16 مصرية مشاة وكتائب للفرقة 21 مدرعة.
ولتخليص اللواء الإسرائيلي، دفع أدان بلوائين مدرعين مساء 16 أكتوبر فتصيدهما نيران الأر بي جي المصري، فطالب أدان، دعم لواء مظلي وأدى تأخره للدفع بأكثر من 2000 جندي مشاة محملين على ناقلات ولكن ظروف الليل حالت دون استخدام أيا منهم.
ودفع بعد ذلك، لإنقاذ اللواء الإسرائيلي المحاصر، بكتيبة مشاة إسرائيلية محمولة جوا وتم إعطائهم معلومات خاطئة عن قلة أعداد الجنود المصريين فوقعوا بكمين آخر وفقدوا مئات الجنود وعشرات الدبابات.
وخلال الليل اشتبكت المدرعات الإسرائيلية مع الدبابات المصرية وجنود المشاة، في معركة متقاربة تحول دون قدرة الدبابات على استخدام مدافعها فكان التفوق للمشاة المصرية وإسقاط المزيد من الضحايا.
واكتشفت القوات الإسرائيلية عبر الاستطلاع، وجود طريق خالي خلف المزرعة يتيح لهم العبور فتم سحب معظم القوات وترك اللواء المحاصر.
وفي اليوم التالي، حاول لواءين مدرعين إسرائيليين إنقاذ اللواء المحاصر دون جدوى، ولكن في نهاية النهار ضربت القوات الإسرائيلية القوات المتمركزة بالمزرعة الصينية بكثافة نيرانية عالية، مما أدى لتراجعها وتخليص اللواء المحاصر بعد فقدان 20 قتيلا بينهم قائدان للسرايا.
شهادات إسرائيلية حول معركة المزرعة الصينية
وعن انطباعات الإسرائيليون عن هذه الليلة الضارية، كانت هذه الشهادات من بعض المشاركين أفضل تصوير للواقعة:
كانت شهادة الجنرال موشيه عفري، من الشهادات التي وصفت حالة الألم والذعر التي حلت بالجنود الإسرائيليين العالقين بين النيران المصرية حول المزرعة الصينية. يقول عفري، "إن الإسرائيليين استيقظوا على حقيقة مرة، وهي أن الجنود المصريين لن يخلعوا أحذيتهم ويهربوا بمجرد رؤية دبابات الجيش الإسرائيلي وإنما كانوا يلتفون حول الدبابات في أقواس مسددين الأر بي جي نحوها".
ويحكي الجندي جيفري إليعازر، عن شراسة الصواريخ الروسية مع المصريين: "إنه لم يكن يفهم تلك المقذوفات التي تتطاير بالميدان بسرعة البرق فلم يجد سوى أن يصيح بزملائه بالانبطاح".
ويروي الجندى شوكي فينشتين، أن الصواريخ المحمولة من المصريين كانت مفاجأة مرعبة، ولم نتدرب على مواجهتها ولا تخليص الجرحى أسفلها، فيما يقول موشيه دايان، حينما زار المزرعة الصينية بعد انسحاب الجيش المصري منها، إنه وجد الكثير من الدبابات المدمرة وكان ينقبض قلبه كلما رأى إحداها تحمل علامة نجمة داوود وقد كان هناك الكثير منها.
وأضاف دايان، في مذكراته عن عوزي يائير قائد اللواء المظلي الإسرائيلي المشارك بالمعركة، أنه أصبح رجل تملأ ملامحه الحزن والكآبة لكثرة ما فقد من رجاله.