الحكم الشرعي في حقن البوتكس ومزاولة تجارة التجميل
يسأل الكثيرون عن الحكم الشرعي في حقن البوتكس، ومزاولة تجارة التجميل، وهو ما تناولته دار الإفتاء على موقعها الرسمي باستفاضة من خلال الإجابة عن أسئلة تدور حول الحكم الشرعي في حقن البوتكس، ومزاولة تجارة التجميل.
ونستعرض في سياق التقرير التالي رأي دار الإفتاء في الحكم الشرعي في حقن البوتكس، ومزاولة تجارة التجميل، حتى يستطيع الناس معرفة الحكم الشرعي في حقن البوتكس، ومزاولة تجارة التجميل.
الحكم الشرعي في حقن البوتكس ومزاولة تجارة التجميل
ما الحكم الشرعي في مزاولة الأنشطة الصناعية والتجارية في مجالات تصنيع وتحضير وبيع وشراء وتسويق واستيراد وتصدير أدوات ومنتجات مستحضرات التجميل؟
الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ورد بتحريمه نصٌّ من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا كانت زينة المرأة لزوجها من المباحات التي أحلّها الله سبحانه وتعالى، وكانت هذه الزينة تستدعي من المرأة أحيانًا أن تستعين ببعض أدوات التجميل التي تتعامل فيها شركات ومصانع إنتاج مستحضرات التجميل، ومن ثَم فإننا لا نرى مانعًا شرعيًّا في مزاولةِ الأنشطة الصناعية والتجارية في المجالات المسؤول عنها طالما أن هذه المستحضرات ليس بها أيُّ أثرٍ جانبيّ يضرّ بصحة الإنسان.
حكم حقن البوتكس
في الإجابة على سؤال ما حكم حقن البوتكس (Botox) واستخدامه في أغراض التجميل والزينة؟ قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية إن استخدام البوتكس في التداوي والعلاج -إن لم يلحق ضررًا بالمحَقُون- جائزٌ شرعًا، ولا حرج في استعماله من أجل تحسين الشكل والمظهر وإزالة التشوهات والأضرار النفسية والحسية الناتجة عن الأعمال الشاقة، أو التقدم في السن أو الأمراض المختلفة أو آثار الإعاقة ما دامت هذه التغييرات حاجية أو اقتضتها الأسباب العلاجية، والرجل كالمرأة في ذلك، شريطة ألا يتضمن ذلك تدليسًا؛ لأنه قد تقرر شرعًا أن تغيير الخِلْقَة بغرض التدليس والكذب والتغرير حرامٌ يأثم به فاعله، ويجوز للمرأة المتزوجة استخدامه في طلب الجمال والحسن إذا أذن لها زوجها وبعد مراجعة الطبيب المختص، بل هو مستحبٌّ في حقِّها ما دامت تبتغي من ذلك التجمل والتزين للزوج.
وقالت دار الإفتاء على موقعها الرسمي إن الحقنُ بمادة البوتكس قد يُحدث شللًا مؤقتًا لعضلات الشخص المَحْقُون بها بحيث يصبح العصب عاجزًا عن إصدار أمره للعضلة التابعة له بالتقلص، فتبقى العضلة مسترخية فترة تصل إلى ستة أشهر تقريبًا، ثم تعود للحركة مجددًا وقد تم إزالة خطوط التجاعيد منها، ولا يتداخل تأثيرها مع حقن التعبئة أو ما يسمى بالفيلر fillers التي تستخدم لملء وتعبئة الشفاه أو الخدود أو الأرداف لزيادة الحجم.
والصورة الغالبة على استعمالات هذه المادة أنها تدخل في علاج الصداع النصفي وبعض أمراض المثانة وآلام الظهر وعِرْق النسا، وتشنجات الحنجرة والعضلات، والحد من كثرة التعرق في الراحتين والأخمصين والإبطين، وكثرة إفراز اللعاب والشقوق الشرجية.
كما أنها يكثر استخدامها في إجراء عمليات التجميل غير الجراحية كتغيير شكل الحاجبين، وتحسين وتنعيم الخطوط الحركية في الوجه، سواء خطوط العبس أو ما حول العينين أو خطوط الجبين، أو خطوط المدخنين حول الشفاه، كما أنها تدخل في بعض العمليات الجراحية كمكمل مثل: عمليات شد الوجه، والتقشير، ينظر: "Ghamriny's Clinical Dermatology مرجع الغمريني للأمراض الجلدية" للدكتور محمد سعيد الغمريني (ص: 1714)، و"دليل الجراحة التجميلية" لكلير بنسون، ترجمة هتاف عبد الله (ص: 129ط. دار الفراشة، لبنان)، و"فن التجميل" للدكتور أنور دندشلي (ص: 88، ط. شعاع للنشر والعلوم، سوريا).
ومن خلال هذا البيان لحقيقة حقن "البوتكس Botox" يظهر أن الأصل في استعماله -كدواء وعلاج على ضوء ما توصل إليه العلماء، وفي ظل المعارف والعلوم والمخترعات الحديثة في مجال الطب والعلاج- هو الجواز؛ لأن الأخذ بالعلاج والتداوي قد طلبه الشرع وندبه وحثَّ عليه؛ فَرَوى أبو داود والترمذي عن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عز وجل لم يَضَع داءً إلا وَضَعَ له دَواءً غيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرَمُ» و"الهَرَمُ": الكِبَر، وهذا الحديث جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة أن: "المطلق يجري على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده".
وقال الإمام الخَطَّابي في "معالم السنن" (4/ 217، ط. المطبعة العلمية بحلب): [في هذا الحديث إثبات الطبِّ والعلاجِ، وأن التداويَ مباحٌ غير مكروهٍ] اهـ.
وقال الإمام عز الدين بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [إن الطبَّ كالشرع وُضِع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن دَرْءُهُ من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك] اهـ.
وأما عن مجالاته العلاجية الشائعة فهي داخلة في أصل مطلوبية العلاج الذي سبق تقريره، ولا يُمنَع منها إلا ما كان ضرره راجحًا، بحيث تكون مفسدة استعمالهِ تفوق مفسدة تركه يقينًا أو بغلبة الظن، ومن القواعد الشرعية المقررة أنه "إذا تعارضت مفسدتانِ رُوعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفِّهما"، وأن "الضرر لا يُزال بالضرر المساوي أو الأشد". انظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 86-87، ط. دار الكتب العلمية).
كما أن بعضها يدخل ضمن صور الجراحة التجميلية ومعانيها، وإن كان الحقن بمادة البوتكس يؤثر دون تدخلٍ جراحيٍ؛ فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 173 (18/ 11) بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها أن: [جراحة التجميل هي تلك الجراحة التي تُعْنَى بتحسين (تعديل) (شكل) جزء أو أجزاء من الجسم البشري الظاهرة، أو إعادة وظيفته إذا طرأ عليها خلل مؤثر] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أنه: لا يجوز للشخص تغيير شيء في خلقته التي خلقه الله عليها بصورةٍ تنبئُ عن الاعتراض على قضائه وقدره؛ فهذا من فعل الشيطان، قال تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ [النساء: 119]، وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن علقمة قال: "لَعَنَ عَبْدُ اللهِ بن عمر رضى الله عنهما الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَمَا لِيَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَفِى كِتَابِ اللهِ، قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ، قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [سورة الحشر: 7]".