كيف مهدت قمة العلا لعودة العلاقات بين مصر وقطر إلى مسارها الطبيعي؟
لا شك أن القمة الخليجية رقم 41، التي احتضنتها مدينة العلا السعودية، في يناير 2021، كانت نقطة تحول في العلاقات السياسية بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة، والدوحة والقاهرة من جهة أخرى، بعد عدة سنوات من الخلافات، التي أبعدت قطر عن محيطها العربي، في وقت تسعى فيه مصر وأشقاؤها إلى فرض السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة العربية، والحفاظ على الأمن القومي لشعوب الشرق الأوسط.
واستقبل الرئيس السيسي، اليوم السبت، الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، في قصر الاتحادية، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وعزف السلامين الوطنيين، واستعراض حرس الشرف.
وشهد عقد مباحثات منفردة، تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، ورحب الرئيس السيسي بأخيه الأمير القطري، مُهنئًا إياه بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم في دولة قطر.
قمة العلا
ومثَل توقيع مصر على بيان قمة العُلا على حرص مصر الدائم على توثيق العلاقات الأخوية مع دول مجلس التعاون الخليجي، بما يخدم أهداف المنطقة العربية، ويحقق صالح ورفاهية شعوبها، كما عبّر عن رغبة القاهرة في إنهاء أي خلافات قائمة لإعادة التلاحم العربي من جديد.
وأعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، حينها، توصل قادة دول مجلس التعاون ومصر خلال قمة العلا إلى اتفاق حول طي صفحة الخلافات مع قطر، وعودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة أخرى بشكل كامل.
وجاء نص البيان الختامي قمة العلا على النحو التالي:
1- التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر 2015، وفق جدول زمني محدد ومتابعة دقيقة، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسية خارجية موحدة.
2- استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، بما في ذلك منح مواطني دول المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في تلقي التعليم والرعاية الصحية، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، ومنظومة الأمن الغذائي والمائي، وتشجيع المشاريع المشتركة، وتوطين الاستثمار الخليجي.
3- الاستفادة مما تم تطويره من أدوات متقدمة للتعاون في إطار مجموعة العشرين، خلال فترة رئاسة السعودية، في جميع المجالات، بما في ذلك تحفيز الاقتصاد، وإشراك قطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني، وتمكين المرأة والشباب بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية، وتشجيع المبادرات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، وتكليف الأمانة العامة للمجلس بالمتابعة ووضع الخطط والبرامج لتنفيذ ذلك بالتعاون مع بيوت الخبرة المتخصصة.
4- تعزيز أدوات الحوكمة والشفافية والمساءلة والنزاهة ومكافحة الفساد من خلال العمل الخليجي المشترك، وفي كل أجهزة مجلس التعاون، ومكاتبه ومنظماته المتخصصة، والاستفادة مما تم الاتفاق عليه في إطار مجموعة العشرين و"مبادرة الرياض" بشأن التعاون في التحقيقات في قضايا الفساد العابرة للحدود وملاحقة مرتكبيها، لما يشكله الفساد من تأثير كبير على النمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة، والثقة المتبادلة بين الحكومات والشعوب.
5- تعزيز التكامل العسكري بين دول المجلس، تحت إشراف مجلس الدفاع المشترك واللجنة العسكرية العليا والقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، لمواجهة التحديات المستجدة، انطلاقًا من اتفاقية الدفاع المشترك، ومبدأ الأمن الجماعي لدول المجلس.
6- تعزيز الدور الإقليمي والدولي لمجلس التعاون الخليجي، من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات الاستراتيجية بين مجلس التعاون والدول والمجموعات والمنظمات الإقليمية والدولية، بما يخدم المصالح المشتركة.
زيارة الأمير تميم للقاهرة
وخلال زيارة الأمير تميم للقاهرة، أكد الرئيس السيسي أن هذه الزيارة تجسد ما تشهده العلاقات المصرية القطرية من تقدم وترسخ لمسار تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين خلال الفترة المقبلة في كل المجالات، وذلك في إطار مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وفي ظل النوايا الصادقة المتبادلة بين الجانبين.
من جانبه، تقدم أمير قطر بالشكر لأخيه الرئيس السيسي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مُتقدمًا بالتهنئة إلى الرئيس السيسي بمناسبة قرب الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو، مُعربًا عن تقدير بلاده لمصر قيادةً وشعباً، في ظل دورها المحوري في خدمة القضايا العربية وجهودها لتعزيز التضامن العربي على كل الأصعدة، وكذلك السياسة الحكيمة التي تتبعها مصر بقيادة السيد الرئيس على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية.
كما أكد أمير دولة قطر حرص بلاده على استمرار الخطوات المتبادلة، بهدف دفع وتعزيز مختلف آليات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، خلال الفترة المقبلة، من خلال تعظيم الاستثمارات القطرية في مصر واستغلال الفرص الاستثمارية العريضة المتاحة، مُثمنًا في هذا الإطار إسهام الجالية المصرية في عملية البناء والتنمية في دولة قطر بمختلف المجالات.
وتوافق الطرفان، خلال المباحثات، على تطوير التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، خصوصًا في قطاعات الطاقة والزراعة، إلى جانب التعاون الاستثماري، وتنشيط حركة التبادل التجاري، لا سيما ما يتعلق بتعزيز تدفق الاستثمارات القطرية إلى مصر، في ضوء خدمتها للمصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.
كما بحث الزعيمان، خلال اللقاء، تطورات الأوضاع الإقليمية، وتوافقا بشأن ضرورة تكاتف وتضافر جهود الدول العربية، وتعزيز التنسيق المشترك بين البلدين للتعامل مع مختلف الأزمات التي تمر بها دول المنطقة.
وفيما يتعلق بمستجدات القضية الفلسطينية، أشاد الأمير القطري بالجهود المصرية القائمة لإعادة إعمار قطاع غزة، كما توافقت الرؤى بشأن أهمية العمل على إحياء عملية السلام للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق مرجعيات الشرعية الدولية.
كما تم استعراض سبل التعامل مع التداعيات السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي، فضلًا عن آفاق التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث تم التأكيد على أهمية تكثيف جهود المجتمع الدولي في مواجهة هذه الظاهرة في إطار استراتيجية متكاملة تشمل معالجة الجوانب الفكرية والتنموية بجانب المواجهة الأمنية.
كما رحب الجانبان بالقمة المرتقبة التي سوف تستضيفها السعودية بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية.