القطاع المصرفي.. 8 سنوات من استقرار سوق النقد ودعم مشروعات التنمية
نجح القطاع المصرفي المصري خلال الـ8 سنوات الماضية، في تحقيق إنجازات هائلة، أشادت بها مؤسسات مالية كبيرة؛ من بينها استقرار سوق النقد ودعم مشروعات التنمية عبر مبادرات مهمة أطلقها البنك المركزي، وذلك رغم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي خاصة خلال العامين الأخيرين.
وأصبحت البنوك المصرية تتمتع الآن بمستويات جيدة من كفاية رأس المال، كما أن كثيراً منها يدعم قطاع المشروعات الصغيرة كمجال جديد للنمو.
وتشير جميع المؤشرات المالية للقطاع المصرفي المصري، إلى سلامة مالية ومتانة ملحوظة في أداء المصارف المصرية رغم الظروف العالمية الصعبة ما يعكس صلابة ومرونة القطاع المصرفي في التعامل مع المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية.
وأكد مصرفيون - في تصريحات وكالة أنباء الشرق الأوسط - أن القطاع المصرفي المصري دعم عبر سياساته التي يقودها المركزي المصري برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي عزز نمو الاقتصاد وتوفير فرص عمل.
وذكر صندوق النقد الدولي، في تقرير سابق، أن استمرار مرونة الصرف في مصر ساعد على استيعاب الصدمات الخارجية، مؤكدا أن النظام المصرفي المصري يتمتع بالسيولة والربحية والرسملة الجديدة.
بدوره، ذكر البنك الدولي، أن مصر أطلقت برنامجا طموحا لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، نجحت من خلاله في القضاء على التشوهات في سوق الصرف الأجنبي ، وتصحيح الارتقاء الحقيقي في قيمة الجنيه.
وأشار رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية إلى ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من 12 مليار دولار عام 2014، لنحو 35 مليارًا و495 مليون دولار أمريكي مقابل 37 مليارًا و123 مليون دولار أمريكي بنهاية أبريل السابق عليه، ما عزز استقرار سوق الصرف وقوة الحنيه أمام العملات.
وقال إن من بين النجاحات التي حققها الاقتصاد خفض عجز الموازنة من 12٪ في العام المالي 2014 إلى 7.8 ٪ خلال العام المالي 2020/ 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.1 ٪ في العام المالي 2022 / 2023.
وانتعشت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه، وسجلت أرقاما قياسية وصلت إلى 31.4 مليار دولار في 2021 مقارنه ب 19.6 مليار دولار في العام المالي 2014.
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبير الاقتصادي والمصرفي أيمن وردة، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم تطبيقه في نوفمبر 2016 كان له مردوده الإيجابي على الاقتصاد المصري ككل وليس على القطاع المصرفي.
واستشهد وردة بقوة الجنيه المصري من خلال مقارنته مع عملات أخرى قائلا: خلال 3 سنوات الجنيه المصري تراجع إلى 11.06% ، والين الياباني تراجع إلى 22.07%، وخلال 5 سنوات تراجع الجنيه المصري 3.3% فقط.
وقال إنه عندما قررت الولايات المتحدة رفع سعر الفائدة، فإن جميع العملات على مستوى العالم انخفضت أمام الدولار ، في الوقت الذي حافظ فيه الجنيه المصري على مدار 5 سنوات على مستواه ، مؤكدا في الوقت نفسه أن الاستثمار في الجنيه المصري أفضل من الاستثمار في الدولار.
وبرهن وردة على ذلك بقوله: إنه خلال الخمس سنوات نزل الجنيه المصري 3% تقريبا ، بمعنى أن الذي اشترى الدولار منذ 5 سنوات كان مكسبه 3% فقط، حيث إن عائد الدولار نص أو واحد في المائه على الدولار، بمعنى أن 1% على مدار 5 سنوات بالإضافة إلى 3% يكون الناتج 7 % تقريبا.
في المقابل، فإن الاستثمار في الجنيه المصري، وعلى مدار 5 سنوات، كانت توجد شهادة 20% ، وبعدها شهادة 17 % و 15% ، فلو استثمرت 15% لمدة سنتين يكون لديك استثمار 30% ، وبعد ذلك استثمرت بـ 11% ، خلال ثلاث سنوات يكون لديك 33% ، وبالتالي يكون حاصل الاستثمار خلال 5 سنوات 63% ، وبالتالي يكون الاستثمار في الجنيه المصري أفضل.
وأشارت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني إلى أنه مع استقرار الجنيه المصري مقابل الدولار، باتت معدلات التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي المصري مع استقرار نطاق الأسعار.
وانعكست تلك الإجراءات في تحسين مصادر النقد الأجنبي وأبرزها، زيادة الصادرات السلعية بنسبة 59.3% لتبلغ 34.4 مليار دولار خلال عام 2021/2020، مقارنة 21.6 مليار دولار خلال عام 2016/2015.
ومنذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي ركز البنك المركزي وحتى الآن على دعم الاستقرار النقدي والمالي خاصة قضية التضخم ، فمثلا في عام 2016 و 2017 قام البنك المركزي برفع أسعار العائد بـ10% وبالفعل تم السيطرة علي التضخم لينخفض من 33% إلى 3.5% ، وانخفضت معدلات البطالة إلى حوالي 7.5%.
وأدى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى استقرار جيد وتدفقت رؤوس الأموال على الاقتصاد المصري وأصبح لنا مكانة كبيرة في أسواق المال الدولية الضخمة، واستطعنا أن نجذب تمويلا لمصر لمدد وصلت إلى أربعين عاما، وهو ما لم يحدث من قبل.
كما أدى تعرض الاقتصاد العالمي حاليًا وبالأخص الدول الناشئة في الوقت الحالي لصدمات خارجية متزامنة متمثلة في ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، وارتفاع تكلفة التمويل في ضوء قيام العديد من البنوك المركزية العالمية بزيادة أسعار الفائدة لديها لكبح جماح التضخم المتزايد وبشكل غير مسبوق ، مما دفع بالبنك المركزي المصري إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستباقية ، وتم إصدار شهادات بفائدة 18%، للحفاظ على سلامة واستقرار السوق في مواجهة الأحداث المتصاعدة - والتي لم تكن ذات طبيعة أو لأسباب محلية بل كانت ذات طابع خارجي تمامًا .
وفيما يتعلق بالضغوط التضخمية، اتخذ البنك المركزي المصري خطوة سريعة لتهدئة ارتفاع الأسعار الناجم عن العوامل الخارجية مرة أخرى، وذلك من خلال رفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في مارس 2022، والتأكيد على أهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر، وقد ساعد هذا التصحيح البسيط في سعر الصرف في زيادة إيرادات النقد الأجنبي 30%.
وبالنسبة لمستوى كفاية رأس المال ارتفع معيار كفاية رأس المال للجهاز المصرفي المصري حيث بلغ في نهاية ديسمبر 2021 نحو 22.5% مقارنة بنحو 14.7% في نهاية 2017 (الحد الأدنى الرقابي المقرر 12.5%)، فالقطاع المصرفي معزز برؤوس أموال قوية.
وفيما يتعلق بمستوى السيولة ارتفعت نسبة السيولة بالعملة المحلية لدى بنوك الجهاز المصرفي حيث تبلغ نحو 45.4% في آخر ديسمبر 2021 (الحد الأدنى الرقابي المقرر 20%).
كما ارتفعت نسبة السيولة بالعملات الأجنبية لدى بنوك الجهاز المصرفي حيث تبلغ نحو 67.9% في آخر ديسمبر 2021 (الحد الأدنى الرقابي المقرر 25%)، وتبلغ نسبة القروض إلى الودائع لدى الجهاز المصرفي نحو 48.3% في آخر ديسمبر 2021.
وتؤكد جميع المؤشرات أن الجهاز المصرفي المصري ضخم ويتطور ويدافع عن الاستقرار النقدي والمالي في السوق المصري.
وتوقعت دراسة حديثة لاتحاد المصارف العربية، أن يشهد القطاع المصرفي المصري مزيداً من النمو والاستقرار.
وأكّدت استمراره خلال السنوات الماضية بالعمل بشكل جيد، وتحقيق نسب نمو عالية في معظم المجالات رغم الظروف السياسية والاقتصادية التي تتعرّض لها مصر والمنطقة.