صندوق النقد الدولي : تداعيات الأزمة «الروسية الأوكرانية» تُهدد نظام أسواق السلع العالمية
حذر صندوق النقد الدولي، اليوم الثلاثاء، من أن تسبب التقلبات الحالية في أسواق السلع الأساسية الناجمة عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في خلق مشاكل خطيرة ودائمة في أداء السوق والنظام المالي العالمي.
واتخذ صندوق النقد الدولي، في أحدث تقرير بشأن الاستقرار المالي العالمي الصادر على هامش فعاليات اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدوليين، من معدن النيكل مثالا على تقلبات الأسعار وأثرها على أداء السوق العالمي؛ حيث علقت بورصة لندن للمعادن التداول في سوق النيكل لمدة 6 أيام عمل في 8 مارس الماضي بعد أن قفز سعر النيكل متخطيا توقعات 3 أشهر؛ نظرا لأن روسيا هي ثالث أكبر مُنتج في العالم للنيكل فاستمرت أسعاره في الارتفاع منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأوضح التقرير أن التقلبات الحادة التي شهدتها أسواق السلع في مارس الماضي قد تخلق مشاكل خطيرة في أداء السوق العالمي، حيث من المعتاد أن تتحرك الأسعار عادة في أسواق السلع الأساسية ببضع نقاط مئوية ما يتيح لمنتجي السلع إدخال قدر كبير من عقود التحوط قصيرة وطويلة الأجل ذات آجال استحقاق أقصر وأطول، كما كان الحال في 4 مارس قبل الارتفاع السريع في الأسعار، لكن ارتفاع الأسعار في 7 مارس كان بالفعل أكبر بكثير من المتوقع، وهو ما جعل الأطراف المعنية غير قادرة على الوفاء بالتزامات المشتقات الخاصة بهم، وبما أن أسواق المشتقات مهمة لتوزيع المخاطر بين المنتجين والمستهلكين للسلع الأساسية، فإن ضعف أسواق المشتقات قد يؤثر في نهاية المطاف على القدرة المُنهكة بالفعل في توفير السلعة الأساسية.
وأوضح التقرير أن تلك الضغوط في أسواق المشتقات قد تخلق على نطاق أوسع ضغوطًا أخرى على السيولة وتُزيد من المخاطر المحتملة على السوق والتي قد تمتد إلى أركان أخرى من النظام المالي.
وفي السياق، رأى صندوق النقد الدولي أن تصاعد وتيرة العقوبات على روسيا بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا لتشمل فصل روسيا عن النظام المالي والتجاري العالمي أسفر عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية واضطراب سلاسل التوريد وتشديد الأوضاع المالية.
وأوضح الصندوق، في تقريره، أن معظم الدول حول العالم ستتأثر بتلك التداعيات الاقتصادية، باستثناء بعض الدول المُصدرة للنفط والسلع الأساسية.
وفيما يخص قطاع الطاقة، توقع التقرير انخفاض حجم صادرات النفط والغاز من روسيا بنسبة 10% في عام 2022 و 20% في عام 2023، كما ستؤثر العقوبات أيضًا على صادرات روسيا غير النفطية، والتي انخفضت بنسبة 7% في عام 2022 و 15% في عام 2023، مقارنة بخط الأساس الحالي.
ونبه الصندوق إلى أن دول الاتحاد الأوروبي ستتأثر بشكل أكبر من اقتصادات الأسواق المتقدمة والصاعدة الأخرى من العقوبات المفروضة على روسيا نظرًا لتداخل مصالحهم مع روسيا، لافتا إلى أن الأزمة أوكرانيا كان لها تأثيرا أكبر على اقتصادات دول وسط وشرق أوروبا، حيث لجأت بعض الدول، خاصة تلك الدول ذات العلاقات التجارية المباشرة مع روسيا وأوكرانيا، إلى رفع معدلات الفائدة لامتصاص صدمة ارتفاع أسعار السلع.
وفي سياق آخر، خفض صندوق النقد الدولي، اليوم الثلاثاء، توقعاته لنمو اقتصادات الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والاقتصادات المتقدمة خلال عامي 2022و 2023 مقارنة بتحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في يناير الماضي.
وأوضح الصندوق - في أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي - ترجيح انخفاض الاقتصادات المتقدمة بنسبة 303% و2.4% على الترتيب في عامي 2022 و2023 بانخفاض نسبته 0.6% و0.2%.
ورجح انخفاض اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 3.7%و2.3% على الترتيب في عامي 2022 و2023 بانخفاض نسبته 0.3% في العامين، وتراجع منطقة اليورو بنسبة 2.8% و2.3% على الترتيب في عامي 2022 و2023 بانخفاض نسبته 1.1% و0.2% بسبب الآثار غير المباشرة للحرب.
وأوضح التقرير أن التضخم أصبح بمثابة مصدر قلق رئيسي، ففي بعض الاقتصادات المتقدمة من بينها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 40 عامًا.
ومن المتوقع أن يظل التضخم مرتفعا لفترة أطول مما كان عليه في التوقعات السابقة، مدفوعًا بارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب وتوسيع ضغوط الأسعار.
وبالنسبة لعام 2022، من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم 5.7% في الاقتصادات المتقدمة و8.7% في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية - بزيادة 1.8% و2.8% عما كان متوقعًا في يناير.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه الخطر من أن تصبح توقعات التضخم غير ثابتة، تسبب ذلك في أن استجابة تشديد أكثر عدوانية من البنوك المركزية.
ولفت التقرير إلى أن سياسة التشديد قد تضع مجموعة أوسع من اقتصادات الأسواق الناشئة تحت الضغط إذا تسارعت وتيرة تشديد السياسة النقدية العالمية بشكل أكبر، خاصة في الولايات المتحدة، أو إذا بدأت الأسواق المالية في إعادة تسعيرها بقوة أكبر ما سيؤثر بشكل أكبر على التوقعات العالمية.