رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

عمرة رمضان.. لماذا لم يؤدها الرسول صلى الله عليه وسلم؟

نشر
عمرة رمضان
عمرة رمضان

عمرة رمضان من الأمور التي يسعى إليها كل مسلم، ويتمنى تحقيقها لأنها تعادل حجة، ما يجعل عمرة رمضان فرصة عظيمة لكل من لم يكتب له الله الحج أن يعتمر في هذا الشهر المبارك.

ونستعرض في سياق التقرير التالي فضل عمرة رمضان وأفضليتها وحكمها، ولماذا لم يؤدها الرسول صلى الله عليه وسلم: 

فضل عمرة رمضان 

يُسارع المسلم إلى عمرة رمضان في شهر رمضان والتوجُّه إلى بيت الله الحرام، من أجل الطواف حول الكعبة، والسَّعي بين الصفا والمروة، وإتمامها بالتحلُّل، مصداقا لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه)

رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها سألت رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (يا رسولَ اللَّهِ على النِّساءِ جِهادٌ؟ قالَ: نعَم، عليهنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ:الحجُّ والعُمرَةُ).

وتكون العُمرة في أي وقتٍ من العام، إلّا أنّ أداءها في شهر رمضان أفضل من أدائها في غيره من الشُّهور؛ لِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً).

 وللعمرة فَضْلٌ عظيمٌ في تكفير الذنوب والسيّئات، كما أخبر بذلك الرسول -عليه السلام- بقَوْله: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).

وشهر رمضان شهرٌ تتنزّل فيه الرحمات، وتُغفر فيه الذنوب، ويُقبل فيه المسلم على الطاعات، ويبتعد عن الزلّات، وقد فُرِض فيه الصيام؛ بدليل قول الله -عزّ وجلّ-: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، وقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في إجابته عمّا فرض الله من الصيام: (شَهْرَ رَمَضَانَ إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ شيئًا).

واختصّ الله -تعالى- شهر رمضان بخصائص ميّزته عن غيره من الشهور؛ ففيه أُنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة في السماء الدُّنيا، قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)،[وفيه ليلة القَدْر التي يُفضَّل أجر العمل فيها على أجر عمل أَلْف شهرٍ، قال -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).

ورمضان هو شهر العِتْق من النيران؛ إذ تُغلَق فيه أبواب النار، وتُفتَّح أبواب الجنّة، فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا كان أوَّلُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومرَدةُ الجنِّ، وقال ابنُ خزيمةَ: الشَّياطينُ: مرَدةُ الجنِّ. بِغيرِ واوٍ وغُلِّقتْ أبوابُ النَّارِ، فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحتْ أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ، وللهِ عُتقاءُ من النَّارِ، وذلكَ كلَّ ليلةٍ).

وعمل الخير والطاعات مطلوبٌ من المسلم في الشهور كلّها، إلّا أنّ الزيادة منها في شهر رمضان مُستحَبّةٌ؛ لِما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وَكانَ أَجْوَدَ ما يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ).

أفضلية عمرة رمضان 

يُضاعف الله سبحانه وتعالى أجر العُمرة في رمضان بخلاف شُهور السنة، فأجرها يُعادل أجر الحجّ إلى بيت الله الحرام، ولا يعني ذلك أنّ العُمرة في شهر رمضان تُجزئ عن الحجّ؛ إذ إنّه فريضةٌ، ويُفضَّل أداء العُمرة في شهر رمضان عن غيره من الأشهر؛ لِما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما: "إنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً".  

حكم عمرة رمضان 

العُمرة مشروعةٌ بإجماع العلماء، إلّا أنّهم اختلفوا في حُكمها التكليفيّ، وذهبوا في ذلك إلى قولَين:

الأوّل قول الحنفيّة، والمالكيّة بأنّ العُمرة سُنّةٌ مُؤكّدةٌ؛ وقد استدلّوا على قولهم بحديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ العمرةِ أواجبةٌ هيَ؟ قال: لا، وأنْ تعتمِروا هوَ أفضلُ).

الثاني قول الشافعيّة، والحنابلة بأنّ العمرة واجبةٌ؛ واستدلّوا بقول الله -تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ)، وبناءً على القاعدة الأصوليّة بأنّ الأمر يُفيد الوجوب، فإنّ العمرة واجبةٌ، كما عُطِفت على الحجّ؛ ممّا يعني تشاركهما في الحُكم، إضافة إلى أنّهم استدلّوا بحديث أبي رُزين: "عن أبي رزينٍ رجلٌ من بني عامرٍ أنَّهُ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لاَ يستطيعُ الحجَّ ولاَ العمرةَ ولاَ الظَّعن. قالَ: احجج عن أبيكَ واعتمر".

حكم عمرة رمضان 

تُستحبّ العُمرة في شهر رمضان؛ استدلالاً بِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأنْصَارِ سَمَّاهَا ابنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا ما مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي معنَا؟ قالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إلَّا نَاضِحَانِ فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابنُهَا علَى نَاضِحٍ وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عليه، قالَ: فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً).

سبب عدم اعتمار الرسول في رمضان

كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- أجود الناس عملاً في شهر رمضان؛ فقد كان يزيد في الأعمال الصالحة، والعبادات، إلّا أنّه لم يُؤدِّ العمرة في رمضان؛ لِئلّا يَشُقّ على أمّته، ويظنّ البعض وجوب أداء العُمرة في شهر رمضان، فاقتصر على بيان فَضْلها قولاً، ولم يُؤدّها؛ تخفيفاً على العباد.

وقت عمرة رمضان

لم يرد أو يثبت تفضيل أوّل شهر رمضان، أو أوسطه، أو آخره لأداء العمرة؛ فالأفضليّة واردةٌ في عموم شهر رمضان، وورد في قول النبيّ: "إنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً"، دون تحديد وقتٍ مُعيّنٍ، أو تخصيص العشر الأواخر من رمضان.

وورد عن ابن باز -رحمه الله- أنّ العُمرة في الثُّلث الأخير من رمضان أفضل من باقي الشهر؛ احتجاجاً بأنّ العَشْر الأخيرة أفضل الشهر، ووافقه ابن عثيمين في ذلك، وأضاف بأنّ الحسنات تتضاعف بأفضليّة المكان والزمان؛ فقَصْد بيت الله الحرام في العشرة الأخيرة من رمضان أفضل من قَصْده في العشرة الأولى، أو الوُسطى.