مصر والسعودية.. شراكة اقتصادية واستثمارية قوية تعززها العلاقات السياسية
تجمع مصر والمملكة العربية السعودية تاريخيا شراكات اقتصادية واستثمارية قوية، تدعمها دائما العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين.
ووفق خبراء وأرقام رسمية، فإن التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين يشهد تطورا كبيرا في كافة المجالات، فضلا عن رغبة متواصلة بين البلدين لزيادة الاستثمارات المشتركة.
وبينت إحصاءات لوزارة التجارة والصناعة المصرية تلقتها وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء أن المملكة العربية السعودية تعد أكبر شريك تجاري لمصر في منطقة الشرق الأوسط، فقد قفز حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية خلال عام 2021 مسجلا 4.3 مليار دولار مقابل 3.2 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 34%.
وشهدت الصادرات المصرية إلى السوق السعودي ارتفاعاً بنسبة 17% خلال العام الماضي حيث بلغت مليارا و995 مليون دولار مقابل مليار و699 مليون دولار خلال عام 2020.
وكانت مواد البناء، والسلع الهندسية والإلكترونيات، والصناعات الغذائية، والحاصلات الزراعية، والصناعات الطبية، والملابس الجاهزة، والأثاث أبرز المنتجات المصرية المصدرة للسوق السعودي.
وتشير بيانات وزارة التخطيط المصرية، إلى تجاوز حجم التبادل التجاري في السلع غير البترولية بين مصر والسعودية، 4.4 مليار دولار في 2020، فيما تتصدر المملكة ،الدول العربية المستثمرة في مصر، موضحة أن الصادرات المصرية إلى السوق السعودي تواصل نموها.
وفي تقرير للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أكد أن حجم المشروعات المصرية في السعودية ارتفع ليبلغ 1300 مشروع، باستثمارات 2.5 مليار دولار، منها 1000 مشروع برأسمال مصري بنسبة 100% تجاوز 1.1 مليار دولار، وتشكل السياحة السعودية أكثر من 20% من السياحة العربية.
وتوفر مصر مناخا جاذبا للاستثمار الأجنبي وحسب تقرير الاستثمار العالمي لعام 2021 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الانكتاد" جاءت مصر كأفضل واجهة جاذبة للاستثمار في إفريقيا للعام الرابع على التوالي.
ويعزز دعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين الكبيرين، مجلس الأعمال السعودي المصري بخلاف اللجنة التجارية المشتركة.
وفي تصريحات خلال زيارته القاهرة قال رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، بندر بن محمد العامري، إن هناك فرصا عظيمة للاستثمار في مصر، وستكون هناك استثمارات خلال عامين إلى 3 أعوام قادمة، أكبر مما نتوقع، متابعا: "لدينا حاليا نحو 150 مستثمرا ورجل أعمال سعوديًا جاهزون للاستثمار في مصر".
وتأتي السعودية في صدارة الدول العربية من حيث الاستثمارات في مصر، حيث بلغ عدد المشروعات السعودية في مصر أكثر من 2900 مشروع تغطي كافة المجالات الإنتاجية والخدمية.
وقدرت وزيرة التجارة والصناعة المصرية نيفين جامع - في تصريحات سابقة - إجمالي حجم الاستثمارات السعودية في كافة المجالات بمصر بنحو 30 مليار دولار.. مؤكدة التوجه إلى زيادتها في الفترة المقبلة.
وقال عضو الجانب المصري بمجلس الأعمال المصري السعودي المهندس فتح الله فوزي لوكالة أنباء الشر ق الأوسط: "يرتبط البلدان بعلاقات استراتيجية وتاريخية قوية".. مشيرا إلى أن مقومات النمو والازدهار للعلاقات الاقتصادية متوافرة للوصول إلى مستويات غير مسبوقة خاصة وأن الإرادة السياسية داعمة والفرص والإمكانيات كبيرة.
وأضاف أن السعودية تعد ثاني أكبر مستثمر عربي لمصر، منوها بأن هناك فرصا واعدة للشركات المصرية للتعاون في مختلف المجالات خاصة في مجال البناء والتشييد والتطوير العقاري، والسياحة مع الطفرة التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية وإطلاقها الاستراتيجية الوطنية للاستثمار.
وتابع فوزي: "هناك فرص واعدة للشركات السعودية لضخ استثمارات كبيرة في السوق المصري خاصة في ظل الإجراءات التي تتخذها الحكومة لخلق مناخ جاذب للاستثمار ومحاولة حل كافة المشكلات التي تواجه المستثمرين".
واتفق مع ما سبق الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الذي أكد تميز العلاقات بين البلدين واتسامها بالعمق على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال إن هناك اتفاقا وتطابقا في جميع وجهات النظر للقضايا الإقليمية والدولية، كما أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين متميزة؛ حيث تعد السعودية من أكبر الدول العربية المستثمرة في مصر.
وتابع السيد: "يسعى البلدان من خلال مجلس الأعمال المصري السعودي واللجنة المصرية السعودية المشتركة لزيادة حجم الاستثمارات السعودية لتصل إلى 50 مليار دولار من خلال إقامة مشروعات مشتركة أو جذب استثمارات سعودية في عدة قطاعات منها الصناعي والسياحي والطاقة المتجددة".
وأكد أنه برغم الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم جراء جائحة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية، إلا أن أرقام التبادل التجاري والاستثماري بين مصر والمملكة العربية السعودية عكست الخصوصية الشديدة للعلاقات بين البلدين في المجالين التجاري والاستثماري حيث تعد المملكة ثاني أكبر سوق خارجي للصادرات المصرية، كما تعد مصر ثامن أكبر مستقبل للصادرات السعودية بإجمالي تبادل تجاري في السلع البترولية وغير البترولية تخطى الـ 7.5 مليار دولار.
وشدد على أن الفترة القادمة ستشهد تناميا في حجم التبادل التجاري بعد إتمام مشروع الربط الكهربائي وحرص مصر على زيادة حجم صادراتها خلال السنوات القادمة.
بدوره، أكد الدكتور علاء رزق الخبير الاقتصادي رئيس منتدى التنمية والسلام عمق العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر والسعودية والتي نمت بشكل كبير مؤخرا.. وقال - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - : "تعاون كبير بين البلدين مؤخرا شمل جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية".
ونوه بأن هناك تواصلا وتنسيقا مباشرا بين البلدين في خدمة قضايا العربية والإسلامية، وخدمة الأمن والسلام الدولي.
وأكد رزق أن اللجنة المصرية - السعودية المشتركة التي يترأسها وزيرا التجارة في كلا البلدين لها دور بارز في تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين وتقويتها، خاصة أنها وتمكنت من إحداث طفرة كبيرة في ملفات التجارة والتعاون الصناعي.
وأوضح أن اللجنة انضم إليها عدد من المستثمرين السعوديين الراغبين في الاستثمار بمصر، مما يعكس ثقة المستثمرين بالاقتصاد المصري.
وقال الدكتور محمد باغة، الخبير الاقتصادي، أستاذ التمويل بجامعة قناة السويس، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية شهدت تفاعلات هامة تحقق مصلحة مشتركة بين البلدين جراء تعزيز وتنمية التعاون الاقتصادي بينهما.
وأضاف أن مصر والسعودية دولتان محوريتان في منطقة الشرق الأوسط حيث يشكلان معا حوالي 34% من سكان المنطقة كما يشكلان حوالي 39% من الناتج المحلي الإجمالي العربي وهو ما يجعلهما محورا مهما من المحاور الاقتصادية في المنطقة.
وتابع أن أهم السلع المصدرة من مصر إلى السعودية تتركز في الحديد ومنتجاته والألبان ومنتجاتها والخضر الطازجة، وكذلك البرتقال الطازج، أما أهم الواردات المصرية من السعودية فتتركز في المنتجات البترولية واللدائن ومصنوعاتها، وكذلك الورق ومصنوعاته.