خاص|تفاؤل لدى القطاع الخاص بظروف تشغيل أفضل.. واقتصاديون: تحسن مرتقب بعدة قطاعات
في مؤشر على تحسن الوضع الاقتصادي في مصر، عززت عدة عوامل خلال الأسابيع الأربع الأخيرة، من تفاؤل القطاع الخاص المصري، بحسب ما كشفت استبيان آراء 400 شركة تمثل مؤشر مديري المشتريات في مصر.
المؤشر المركب الذي يعدل موسمياً، جرى إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر، حيث تحسن مؤشر مديري المشتريات في مصر إلى 49 في ديسمبر من 48.7 خلال نوفمبر، بعدما شهدت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط انخفاضاً في ضغوط الأسعار.
دعوة الرئيس لمشاركة القطاع الخاص تجدد التفاؤل بـ2022
التفاؤل الذي تقدمه الشركات المُستبينة امتد أيضاً لخبراء الاقتصاد في معرض تعليقهم على التقرير في تصريحات لـ«مستقبل وطن نيوز»، حيث يرون أن الدعوة التي وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي وأكد عليها مراراً وتكراراً في أسبوع افتتاحات الصعيد قبل أسابيع، جددت التفاؤل بشأن إتاحة المجال أمام القطاع الخاص والتوجيه بحزمة اقتصادية من التحفيزات لتشجيع مشاركته في المشروعات المختلفة.
وخلال افتتاح مجمع إنتاج البنزين بشركة أسيوط لتكرير البترول، وعدد من المشروعات التنموية الأخرى في نطاق إقليم الصعيد، قبل أيام، وجه الرئيس السيسي، رسالة للمواطنين بشأن العمل في المشروعات القومية والتنموية، موضحًا: «يا جماعة من يعمل في مصر شركات مصرية قطاع خاص، ولما بقعد مع بعض هذه الشركات بقولهم من فضلك ادخلوا في مجالات أخرى لدفع عجلة الاقتصاد، لأنكم حققتم في السبعة سنوات الماضية أرصدة وقوائم مالية كويسة».
تحسن قياسي جديد في مؤشر مديري المشتريات
وسجل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي (PMI) في مصر التابع لمجموعة IHS Markit، بعد تعديله نتيجة العوامل الموسمية، ارتفاعاً في شهر ديسمبر إلى أعلى مستوياته في أربعة أشهر، وفقا لأحدث أرقام صدرت عن مؤشر مديري المشتريات، اليوم الثلاثاء، حيث ارتفع المؤشر من 48.7 نقطة في شهر نوفمبر إلى 49 نقطة في شهر ديسمبر 2021، واقترب من المستوى المحايد وهو 50 نقطة وكان أعلى من متوسط السلسلة 48.2 نقطة على المدى الطويل منذ شهر أبريل 2011.
التقرير الذي اطلع عليه «مستقبل وطن نيوز»، يسلط الضوء على تعافي القطاع الخاص المصري من آثار الجائحة، و يبشر بتحسن الوضع الاقتصادي العام، وتحقيق التعافي الكامل، خاصة في ضوء الحزمة التي تقدمها الحكومة من الإصلاحات في البيئة التشريعية المتعلقة بمناخ الاستثمار في مصر.
وشهدت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط انخفاضاً في ضغوط الأسعار في الشهر الأخير من عام 2021، وقد أدى تراجع زيادات تكاليف الشراء والأجور إلى أكبر تباطؤ في تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج في أكثر من ثلاث سنوات، في حين ارتفعت أسعار الإنتاج أيضاً بمستوى أقل، واقترب النشاط التجاري من الاستقرار، على الرغم من استمرار انخفاض الطلبات الجديدة بسبب ارتفاع الأسعار وضعف الطلب، وارتفعت توقعات الشركات منذ شهر نوفمبر لكنها ظلت عند مستوى ضعيف نسبيا.
تحسن أفضل في النشاط السياحي وأداء الصادرات
وكما هو الحال منذ شهر سبتمبر، تقلص الإنتاج والطلبات الجديدة في القطاع غير المنتج للنفط في فترة الدراسة الأخيرة، لكن معدلات الانخفاض كانت أضعف معدلات مسجلة في ثلاثة أشهر، وواصل أعضاء لجنة الدراسة تسليط الضوء على ضعف طلب العملاء الذي ارتبط جزئياً بارتفاع أسعار البيع.
ومن ناحية أخرى، أدى التحسن في النشاط السياحي إلى دعم الأعمال الجديدة، فضلاً عن الارتفاع الحاد في طلبات التصدير الذي كان الأقوى منذ شهر فبراير، وبعد ارتفاعه إلى أعلى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات خلال شهر أكتوبر، تراجع تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج مرة أخرى خلال شهر ديسمبر، وكان الانخفاض في المؤشر المعني هو الأسرع منذ شهر أكتوبر 2018، مدفوعا بتباطؤ تضخم تكلفة المشتريات بالإضافة تراجع زيادة الأجور، ومع ذلك، ظلت ضغوط الأسعار قوية بشكل عام، مما دفع الشركات إلى رفع أسعار البيع بوتيرة قوية.
ديفيد أوين، الباحث الاقتصادي بمجموعة IHS Markit، علق على التقرير بقوله: «توقف تعافي القطاع غير المنتج للنفط المصري في شهر أكتوبر في ظل تفاقم مشاكل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم، فبعد أن كانت أقل تأثرا في السابق من أوروبا ومناطق أخرى، بدأت الشركات المصرية تشعر بعبء النقص في المواد على كل من الإنتاج والمخزون، حيث انخفض الأخير بأعلى معدل في 16 شهر، ومن المرجح أن يمتد هذا إلى مزيد من التخفيضات في الإنتاج بحلول نهاية العام».
وأضاف الباحث الاقتصادي في مذكرة بحثية - اطلع عليها «مستقبل وطن نيوز» - أن التكاليف المتعلقة بمشتريات مستلزمات الإنتاج ارتفعت بأسرع وتيرة منذ شهر أغسطس 2018، مما دفع الشركات إلى زيادة أسعار البيع إلى أقصى حد في نفس الفترة الزمنية. وقد انتشرت الضغوط التضخمية عبر مجموعة واسعة من مستلزمات الإنتاج منها المعادن والبلاستيك والمنتجات الخشبية ومواد البناء، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن».
مرونة أكبر في تسعير المنتجات بعد تراجع تكلفة الإنتاج
وقال الدكتور محمد خشبة، الخبير الاقتصادي، لـ«مستقبل وطن نيوز»، إن تراجع تكاليف مدخلات الإنتاج أدى إلى خفض تكلفة التشغيل بشكل عام، وبالتالي يصبح المجال أكثر مرونة للشركات التي من الممكن أن تخفض أسعارها وتقدم العروض مقابل تحقيق مزيد من المبيعات.
وتابع خشبة، أن انخفاض التكلفة أدى إلى تحسن ملحوظ في أداء الصادرات التي حققت أفضل نتائج منذ مطلع العام الماضي، وبالتالي فإن الملف سيشهد تحسناً أقوى مما حققه في 2021، بعدما سجلت الصادرات 31 مليار دولار خلال العام الماضي.
ويوم أمس الأول، أعلن د. مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، وصول الصادرات المصرية في نهاية عام 2021 لأعلى رقم في تاريخها، محققة 31 مليار دولار، وذلك بالتزامن مع ما أعلنه وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، من إنه لأول مرة في تاريخ الصادرات الزراعية المصرية تتجاوز 5.6 مليون طن، مشيراً إلى هذا الرقم لم يتحقق حتى قبل جائحة كورونا، وهو الإعلان الذي جاء موازياً لما صرح به الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، على تحقيق قناة السويس أعلى إيرادات في عام 2021.
انحسار المخاوف بشأن المتحور الجديد «أوميكرون»
أما د. هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، فقال لـ«مستقبل وطن نيوز» إن هناك تفاؤلاً في القطاع الخاص المصري غير المنتج للنفط، وأن أحد الأمور المعبرة عن ذلك صفقات الاستحواذات التي تمت العام المنصرم، خاصة في شهوره الأخيرة، في قطاعات على رأسها مواد البناء، واتجاه الشركات نحو التوسع بضخ مزيد من الاستثمارات الجديدة لتحديث خطوط الإنتاج ورفع الكفاءة التشغيلية، وعلى رأس ذلك دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الأسابيع الأخيرة لمشاركة القطاع الخاص في المشروعات وتحفيزه بتيسيرات جديدة.
ولفت أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إلى أن الموازنات التقديرية لبعض الشركات والقطاعات تعبر عن تفاؤل في المستهدف خلال 2022 بدعم من انتعاش الوضع الاقتصادي بشكل عام وانحسار المخاوف بشأن المتحور الجديد لفيروس كورونا المعروف باسم «أوميكرون»، مشيراً إلى أن التضخم سيظل في دائرة استهداف البنك المركزي خلال 2022.
وشهد المستوى العام لأسعار السلع في شهر نوفمبر 2021 استقراراً، وبلغ بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية (118.0) نقطة لشهر نوفمبر 2021، محافظاً على المستوى العام لأسعار، بحسب بيان جهاز التعبئة العامة والإحصاء بشأن التضخم الصادر قبل أيام.