أزمة الغاز ترفع الطلب على الفحم وتزيد الانبعاثات.. وخبراء: العالم في خطر
بينما تدفع الدول الصناعية الكبرى، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند، أجندتها الخاصة بالطاقة الخضراء، وتريد إزالة الكربون من شبكة الكهرباء بحلول سنوات وجيزة، يستأنف الفحم صعوده هذا العام، حيث تحفز أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة على المزيد من استخدام الفحم في توليد الكهرباء وتشغيل المصانع كونه بديلًا أرخص.
وأظهرت بيانات رسمية، أن الطلب نما على الكهرباء المعتمدة على الفحم في الهند بنسبة 2.2 في المئة خلال نوفمبر الماضي، في وقت بلغت واردات الصين من الفحم في نوفمبر أعلى مستوى لها في عام 2021، حيث سارع أكبر مستهلك للوقود القذر في العالم لتغذية نظام الطاقة الخاص به مع بدء موسم التدفئة الشتوي.
ارتفاع في الطلب الصيني على الفحم لأعلى مستوى في 2021
وأظهرت بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية، اليوم الثلاثاء، أن البلاد جلبت 35.05 مليون طن من الفحم الشهر الماضي، ارتفاعًا من 26.94 مليون طن في أكتوبر، وأن الواردات في الأحد عشر شهرًا الأولى من العام بلغت 292.32 مليون طن بزيادة 10.6 في المئة على أساس سنوي، وهو ما يضع أمام التحول الأخضر عالميًا معوقات كبيرة مما يضع العالم في خطر بحسب خبراء طاقة تحدثوا لـ«مستقبل وطن نيوز».
أستاذ اقتصاديات البترول بالجامعة الأمريكية، جمال القليوبي، قال لـ«مستقبل وطن نيوز» إنه في ظل الأسعار المرتفعة للنفط والغاز على الصعيد العالمي، يصبح الفحم بديل اقتصادي أوفر من قبل المُشغلين في الاقتصادات الصناعية كالصين والهند، وأن هذه الدول التي تستهدف معدلات نمو مرتفعة لن تقف أمام معوق الأسعار العالمية للنفط والغاز وستلجأ للبديل، علمًا بأن الصين التي لم تشارك في مؤتمر قمة المناخ cop26 لم تقطع تعهدات حيال خفض الانبعاثات الكربونية.
المصانع الصينية تعاني ارتفاع أسعار الغاز وتجد الحل في الفحم
وأظهر مسح للقطاع الخاص أن نشاط المصانع الصينية انخفض في أكتوبر، متأثرًا بارتفاع أسعار الغاز وتراجع الطلب على الرغم من أن المسح الرسمي للحكومة أظهر أن النشاط نما في الشهر التالي، وأنه رغم كل الحديث عن تحول الطاقة، لا يزال هذا الاقتصاد يستخدم أطنانًا من الوقود الأحفوري، وليس النفط والغاز الطبيعي فقط.
وأضاف جمال القليوبي، أن الطلب على النفط كان مرتفعًا للغاية من قبل البلد الأكبر عالميًا من حيث عدد السكان، الصين والهند، وأن هذه الطلب ساهم في ارتفاع الأسعار في ظل سياسة الدول المنتجة للنفط وشركائها «أوبك +» لتخفيض الإنتاج والمعروض للاستفادة من الأسعار المرتفعة.
صعود الفحم ينبئ بمواصلة الانبعاثات الكربونية الفترة المقبلة
ويسلط صعود الفحم هذا العام الضوء أيضًا على التحدي الرئيسي أمام تحول الطاقة الخضراء، والتعهدات التي قطعتها الدول في قمة الأمم المتحدة للمناخ COP26 في اسكتلندا، والتي من المقرر أن تستضيفها مصر العام المقبل بمدينة شرم الشيخ، وهو ما يشير إلى مواصلة نشاط الانبعاثات الفترة المقبلة.
وفي وقت سابق، نشر «مستقبل وطن نيوز» نقلًا عن مسؤولين بشركات مصرية وأوراق بحثية، وجود اتجاه لدى شركات إنتاج الأسمنت للتخلص التدريجي من الفحم الفترة المقبلة، والتحول نحو مصادر وقود أذكي وأنظف مثل الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر مستقبلًا.
مصانع الأسمنت المصرية تتجه لتقليل الاعتماد على الفحم
وقال محمد عبدالعزيز، رئيس مؤسسة دي كود للاستشارات الاقتصادية، في تصريحات لـ«مستقبل وطن نيوز»، إن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في زيادة ما لم ينتبه العالم إلى اتخاذ خطوات حاسمة لتحويل الاقتصادات نحو الحياد الكربوني، وهو ما دعت إليه مبادئ وأهداف خطة التنمية المستدامة في هدفيها 12 و13، المتعلقين بمواجهة الأخطار الناجمة عن التغير المناخي.
وأضاف عبدالعزيز، أن مصر شديدة التأثر بالتغيرات المناخية، وأنها أظهرت التزاما وحسما تجاه الحد من الانبعاثات، وهو ما ظهر جليا في كلمة المسؤولين خلال قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي قبل أسابيع باسكتلندا، موضحًا أن 23 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تأتي من قطاع التشييد والبناء، بالإضافة إلى 8 في المئة من قطاع الأسمنت.
وبينما لا تزال الولايات المتحدة تحصل على أكثر من 60 في المائة من الكهرباء المولدة من الوقود الأحفوري، 40 في المئة منها من الغاز الطبيعي و20 بالمئة من الفحم في عام 2020، ومن المقرر أن يرتفع توليد الكهرباء السنوي الذي يعمل بالفحم في الولايات المتحدة هذا العام لأول مرة منذ 2014، بالإضافة إلى ارتفاع حصة الفحم في مزيج توليد الطاقة في أمريكا إلى 23 بالمئة في عام 2021 من 20 بالمئة في عام 2020 مع انتعاش الطلب على الكهرباء وزيادة تسليم أسعار الغاز الطبيعي لمولدات الكهرباء بأكثر من الضعف، وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
