تدخلات أردوغان تعصف بالليرة التركية.. انكماش اقتصادي وهروب ملفت للمستثمرين
واصلت الليرة التركية، نزيف خسائرها، مقتربة من حدود 12 ليرة لكل دولار واحد، إثر حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن «مؤامرات» تحاك ضد سعر الصرف وأسعار الفائدة، وهي التصريحات التي اعتبرها مستثمرون أتراك وأجانب، مؤشرا سلبيا.
الدولار الواحد بـ«دستة ليرات» تركية
وهبطت الليرة التركية، أول أمس الإثنين، لأدنى مستوى على الإطلاق عند 11.46 مقابل الدولار، وفقدت العملة ثلث قيمتها هذا العام، وكان مستواها الأضعف على الإطلاق الذي بلغته خلال يوم الجمعة الماضي عند 11.32 ليرة للدولار يمثل ثامن جلسة على التوالي من تسجيل انخفاضات قياسية.
ورأي خبراء ومحللون اقتصاديون، في تصريحات لـ«مستقبل وطن نيوز» أن عدم تمتع البنك المركزي التركي بالاستقلالية في اتخاذ ما يلزم من قرارات فنية تراعي التضخم وأسعار الصرف والفائدة، أبرز أسباب انهيار الليرة التركية.
السياسة النقدية لم تسلم من تدخلات الرئيس التركي
وقال د. هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، لـ«مستقبل وطن نيوز»، إن السياسة النقدية لا يجب أن تتداخل مع السياسة المالية في أي اقتصاد، خاصة لأن كل منهما معني بأمور وقضايا فنية متخصصة، ومنوطة بالبنك المركزي في حالة السياسة النقدية.
وأضاف أستاذ التمويل والاستثمار، أن السياسة النقدية التركية لم تسلم من تدخلات الإدارة السياسية، التي ترغب في تحقيق أهداف بعينها لاعتبارات لا تتعلق بالشأن الاقتصادي ولا تراعيه في المقام الأول، وهو ما يسوء المستثمرين هناك.
وقال الرئيس التركي: «مصممون على فعل الشيء الصحيح لبلدنا من خلال الاستثمار والإنتاج والتوظيف وسياستنا الاقتصادية الموجهة للتصدير بدلا من الحلقة المفرغة لأسعار الصرف العالية والفائدة المنخفضة.. كدولة لديها المعرفة والخبرة في إدارة الأزمات المالية، نحن مصممون على اغتنام الفرص التي أتيحت من خلال الفترة الحرجة التي يمر بها العالم».
«المركزي التركي» يفتقد للاستقلالية و«السياسة» تُدير الملف
وأوضح أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، في تصريحاته لـ«مستقبل وطن نيوز»، أن البنك المركزي يعمل على تحقيق أمن وسلامة الاقتصاد بينما مؤسسة الرئاسة التركية لديها أهدافاً أخرى، وهو ما يقود إلى خلط في السياسات، ويضر بسعر الصرف والفائدة وبالتالي انهيار العملة في ظل الارتفاع الحالي في التضخم بتركيا، مضيفاً: «السياسة هناك هي التي تقود الوضع الاقتصادي، وهو أمر خطير، ينذر بعدم استقرار الاقتصاد التركي الفترة المقبلة».
انكماش الاقتصاد التركي وهروب رجال الأعمال
من جانبه، رأى د. عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن انكماش الاقتصاد التركي وارتفاع التضخم وهروب رجال الأعمال، يأتي لأسباب أخرى تتعلق بإدارة الرئيس التركي نفسه للبلاد، والزج بها في ملفات خارجية سواء بالعراق أو سوريا أو ليبيا وغيرها.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن «ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الصرف لا يؤثر بشكل مباشر على الاستثمار والإنتاج والتوظيف. فالتنافسية في سعر الصرف تؤدي إلى زيادة الاستثمار والإنتاج والتوظيف».
وأوضح عبد المنعم السيد، أن المشهد يتسم بالضبابية، وأنه لا يمكن التكهن على نحو الدقة أين سيصل سعر العملة التركية الفترة المقبلة، والأمر رهن تحرك الإدارة التركية نفسها نحو الفصل بين السياستين النقدية والمالية وما غير ذلك، والشروع في إصلاحات اقتصادية لمعالجة ملف الدين.
الشروع في إصلاحات اقتصادية لمعالجة ملف الدين
وهوت ثقة المستهلكين في تركيا بنسبة 7.3 في المئة إلى 71.1 نقطة في نوفمبر من العام الجاري، وهو يعد أدنى مستوى تم تسجيله منذ البدء في نشر البيانات عام 2004، ويعد هذا التراجع الحاد فى ثقة المستهلكين، انعكاسا لعمليات بيع سريعة لليرة التركية؛ بعد بلوغها أدنى مستوى على الإطلاق.
وتراجعت ثقة المستهلكين العام الماضي؛ بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 قبل تحقيق انتعاش بدأ في التلاشي في أكتوبر.