«الصحة النفسية للممثلين».. جلسة على هامش مهرجان الجونة السينمائي (صور)
استضافت قاعة أوديماكس بجامعة برلين التقنية، وبالتعاون مع ميدفيست مصر، جلسة نقاشية بعنوان "تنفس، تحدث، مثِل: حديث عن الصحة النفسية للممثلين" في إطار فعاليات اليوم الخامس من مهرجان الجونة السينمائي.
وناقشت محاور الجلسة المشكلات الصحة النفسية للممثلين، وهي قضية منتشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى الصعيد الدولي، ويرجع الضعف النفسي للممثلين إلى عدة أسباب مثل الرفض وخيبة الأمل في تأمين الأدوار، وفشل الاختبارات، والاستجابة السلبية من الجمهور أو النقاد لعملهم، والحاجة إلى تجسيد الدور الذي يلعبونه ليكون أصيلًا وقابلًا للتصديق كممثل.
أدار الجلسة أنس بوخش، رائد الأعمال الإمارتى ومُقدم برنامج AB talks عبر قناته على اليوتيوب. بجانب وجود على منصة المسرح كل من الفنان أحمد مالك، والكاتبة مريم نعوم، الفنانة مي الغيطي، الفنان محمد فراج، ودكتور نبيل القط، المتخصص في مجال الطب النفسي وإدارة المرضى وتدريب الزملاء والطلاب، بجانب كونه عضو مجلس إدارة في جمعية الطب النفسي التطوري، والجمعية الأمريكية للعلاج النفسي الجماعي.
تحدثت الكاتبة مريم نعوم، عن دور مواقع التواصل الاجتماعي قائلة:" أحيانا تُقوم بعض الفئات من الجمهور بإسقاط حياتها على بعض الفنانين والممثلين والإسقاط هنا بيكون نابع من وجود مشكلة نفسية لدى هذه الفئة نتيجة عدم مواجهة الذات بالضعف المتسبب بهذا الإسقاط وبالتالي بيتم انعكاسه من خلال تعليقات خارجة أو في غير محلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وأضافت نعوم:" الفنان الموهوب بتكون شخصيته أكثر تعقيدا، لذلك أدعو بعض المخرجين لتغيير تقنية الضغط على الممثلين بالأخص الضغط النفسي الذي أحيانا يتم فرضه بهدف إخراج الإبداع من الممثل ولكنه يترك أثرا عكسيا بعد انتهاء العمل. وبناء عليه، أدعو العاملين في صناعة السينما المطالبة بوجود أخصائي نفسي بمواقع التصوير للتأكد من تحقيق التوازن النفسي المطلوب لفريق العمل مما سينعكس إنتاجية الأفراد وإبداعهم".
ومن جانبه أكد الفنان أحمد مالك، أهمية وجود التوزان النفسي بين حياة الفنان العملية والشخصية قائلا:" عندما أكون شغوف بعملً ما، اعانى من حالة اكتئاب نتيجة أنى وهبت نفسي ووقتي ومجهودي لهذا لعمل أثناء القيام به وبعد الانتهاء منه شعرت بفراغ، أعتقد أن ذلك كان إحساسي بعد الانتهاء من مسلسل "لا تطفئ الشمس"، لم أكن أعرف كيف أتعامل مع شخصيتي."
وتابع:"كل الأساليب المعاصرة للتمثيل ممزوجة مع العلاج بالدراما وهي أساليب تفتح آفاق الفنان، فالرسام والعازف لديهم أدواتهم ولكن الممثل لديه جسده وعضلاته ولكي يصل إلى تناغم يخلق نسيج بين الفنان والشخصية، يجب استخدام العلاج بالدراما. بالإضافة الى، تحقيق التوازن اليومي من خلال تبنى روتين مثل الرياضة أو قراءة الكتب بعد الانتهاء في مواقع التصوير بهدف الفصل بين شخصية الممثل الحقيقة والشخصية التي يؤديها في العمل الفني."
وفى سياق آخر، تحدثت الفنانة مي الغيطى عن أهمية الصحة العامة للفنانين:" يعاني القائمون على صناعة السينما والأعمال الدرامية من ساعات عمل تتجاوز الـ16 ساعة عمل، بالإضافة إلى عدم وجود تفهم أو تقُبل أن الفنان هو إنسان يمرض ويتعب ويحتاج الى الراحة والعلاج حتى يقدر على استلهام أركان الشخصية التي يؤديها. "
وأضافت الغيطى،:"أسوء شيء هو طلب المخرج أو فريق الإخراج من الفنانين أن يأدوا أدوارهم بغض النظر عن آلامهم الجسدية ليس النفسية فقط وهو مما تعرضت له في إحدى الأعمال التي كنت أشارك فيها مؤخرا، متى سيكون مقبولا أن يغادر الممثل موقع التصوير أثناء مرضه؟، لذلك، أدعو جميع الممثلين إلى التضامن مع زملائهم ورفض استكمال التصوير."
أما الفنان محمد فراج، تحدث عن أهمية وعى الممثل بالمجهود النفسي والذهني المطلوب للتحضير للشخصية "أعتقد أن وعى الممثل وشغفه بالشخصية التي يؤديها، وبالأخص الشخصية الأكثر تعقيدا، يجب أن يتضمن معرفة أن الممثل مُقدم على حرب نفسية بين شخصيته الحقيقة والشخصية التي يؤديها".
وأضاف فراج:"أول مرة احتاجت للكثير من التحضير كان أثناء دوري بمسلسل "تحت السيطرة"، كان لابد ان أتدرب نفسيا لأعرف كل تفاصيل الشخصية، لذلك يجب أن يكون الممثل صادق مع نفسه ومُلم بالمجهود النفسي والذهني المطلوب منه لأداء الشخصية بالشكل الأمثل."
وعقب الدكتور نبيل القط، على ما ذكره الفنانون الموجودون على المنصة، قائلا "الاكتئاب أحد أكثر المشاكل النفسية التي يعاني منها الممثل، سواء أثناء المشهد وهو يحاول أداء الشخصية بالشكل الأمثل أو بعد الانتهاء من العمل وقبل عرضه، حيث يعاني من قلق شديد نتيجة انتظاره لمعرفة آراء الجمهور والصُناع حول عمله؛ بالإضافة إلى عدم الأمان المادي نتيجة عدم وجود دخل ثابت"."
وأوضح:"من درس التمثيل يعلم جيدا أن الممثلين لديهم قدرة أعلى على ضبط النفس وينتمون لفئة من الناس لديها دور مجتمعي مميز، أدعو الممثلين لرفض تحويل أنفسهم وأجسادهم لخدمة المخرج والمنتج والاستايلست؛ طبقا لأحدى الدراسات، يمكن للممثل عمل 146 دورا خلال حياته منها 86 دورا رئيسيا فقط إذا قدر على تنمية الوعي بالذات، أنصح كل الممثلين بالفصل بين الحياة العملية والشخصية من خلال تبنى عادات تُغذى شخصيتهم وتزيد من وعيهم مثل الاحتفاظ بشيء شخصي أثناء التصوير."
وسلط الدكتور نبيل الضوء على ما يمر به الممثل بعد الانتهاء من عملا ما " يعاني الممثل من الانشقاق وهو أن ينشق جزء من الوعي ليتبنى شخصية ثانية، وهو ما نشعر به أحيانا أثناء القيادة ويوجد بعض الحالات التي لديها انشقاق لدرجة التحدث بلغة أخرى؛ طبقا لأحدى الدراسات، أن السيدات هم الأكثر تضررا في صناعة السينما نتيجة لاستغلال أجسادهم من قبل البعض مما يخلق العديد من المشاكل النفسية."