رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«مهمة في جيش الإمام».. رواية قصيرة تكشف حقيقة الصراعات في المنطقة

نشر
مستقبل وطن نيوز

من وحي الصراعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، رصدت الرواية القصيرة «مهمة في جيش الإمام»، للكاتب الصحفي سيد حسين، مترجمة للإنجليزية؛ سبل استغلال العوام في الصراعات الطائفية من خلال غسل عقولهم ودفعهم إلى حمل السلاح تنفيذا لأجندات خارجية لا تخدم استقرار الأوطان في المنطقة العربية والإسلامية، حيث كشف خبايا الصراع الطائفي في العراق من خلال تناول قصة واقعية لأحد الشباب المتطوعين في فصائل الحشد الشعبي بداية من دوافع التطوع وانتهاء باكتشاف العديد من الحقائق بشأن الصراعات المسلحة على الأراضي العراقية وفي الدول العربية بصفة عامة. 

في بداية الرواية رصد الكاتب لقائه بأحد قادة الفصائل أثناء زيارته للعراق أواخر 2014 قائلا:«بين فوهات المدافع الثقيلة، وقفت منجذبا نحو هذا الشيخ المعمم، يحمل سلاحه الثقيل على كتفه، معلنا الجهاد، يبتسم محدقا بعينيه الثاقبتين في عمق الصحراء عله يرمق هدفا، لم يثنه تأهبه للقتال عن الحديث حول جهاده في العراق.. عن جولاته العسكرية ضد الأمريكان، تتسلل الدموع إلى عينيه حينما يتذكر مشهد رحيل رفيقه بطلقة غادرة، كان يشهق شاخصًا عينيه وكأنه يتابع روحه صاعدة من رمل المعركة إلى سماء الله الطاهرة.

وتابع: «أصوت القذائف، وسط تحليق الطائرات، تضفي على المشهد هالة الموت، لا يلبث الشيخ المعمم أن يلف ساعده حول عنقي، لنبتعد قليلا عن زخم المعركة ونركن في خندقه إلى قطعة من الصوف، حدّق بعينيه إلى الفضاء الرحب في تلك الصحراء المقفرة قائلا: مصيرنا نحن المسلمين لازال في أيدينا، نحن من سيحدد نصرة الدين أو انتكاسته، فإذا ساقنا الشيطان إلى الوقيعة، فنحن هالكين، وإذا توحدنا على نطق الشهادة، ونصرة ديننا بعد خلع رداء الطائفية سنكون بحق أمة محمد التي لن تستطيع قوة على الأرض أن تهزمها..متنهدًا.. أنهي عباراته موطئًا رأسه للأرض، شعرت أنه يكتم في صدره ما يؤلمه.. انتظرت سكينته، وأصررت على أن يفصح عما يخفيه، قطع إصراري، هزة عنيفة زلزلت الأرض من حولنا وسط صيحات الفزع».

واستكمل الكاتب وصف المشهد: «لم تكن القذيفة.. تلك التي سقطت إلى جوار ارتكاز المقاتلين، إنما كانت قذيفة أطلقها الشيخ المعمم ليخفف بها عن ألمه، مفصحا عما يضيق به صدره: -الحكام يستغلون العوام وعواطفهم لأطماع سياسية.. دولة إقليمية تنفخ في النار و تدعي أنها راعية الشيعة، رغم أنها أول من شاركت في تدمير مراجعهم وطمس هوية "النجف".. وأخرى تبارزها بالمذهب السني.. والضحية في النهاية.. الإسلام والمسلمون»، واستطرد: «شعرت أن تلك الحقيقة متداولة بين العراقيين أصحاب الحضارة والتاريخ، فكثيرا ما تحدث كبار مراجعهم بشأن هذا الأمر على استحياء، صمْتُ وهلة مبديًا اندهاشي من قناعة الشيخ بما يقول، وهو يحمل على كتفه سلاحًا غليظًا، ملبيًا فتوى المرجعية بالجهاد الكفائي، ساعات كُثر التهمها حوارنا، وفي لحظة وداعه ختمت لقائنا قائلا:" يا مولانا أنا سني المذهب.. لكني لم أقتل الحسين ولم أبايع معاوية«.

 

وتناول العمل في بدايته وصفا دقيقا لحياة بطل الرواية الذي كان يعاني من مشاكل فكرية ونفسية حيث كتب الكاتب على لسان البطل: «حين وصلت إلى مشارف العشرين، كان الفراغ الفكري يقتلني في كل لحظة، ألهث وراء قناعات بديلة لموروثات صِدامية، تركت العقل فريسة لصراع الأفكار، دون انتصار لفكرة على الأخرى، قصدت المساجد، فشدتني دروس الروحانيات بين أوقات الصلاة، ورغم متعة قصص الأثر، فإنه يذهب بالمتلقي إلى متاهات الألم الغيبية، عبر الترهيب.. صوروا الرحمن الرحيم، وكأنه خلق البشر ليعذبهم، رغم أن اليقين الديني يؤكد رحمة الله عز وجل الذي هو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد وأرحم به من والديه، حينها تأكدت أن المنهج قد يكون سببا في سقم النفوس، فهناك فرق بين حب الله والرعب من عذابه، منحت العقل برهة من الراحة، وعدت بعدها للبحث والتنقيب في كتب الصوفية، أفتش عن مسالك الزهد والحب، ورغم ثراء موروث التيار الصوفي وروحانياته المفعمة بالرقي والسمو، إلا أن تراثه عزلني عن الكون بأثره، ما يتناقض مع مبادئ عمارة الأرض والسعي في مناكبها وفق ما أمرنا به الخالق.. لم أجد فكرا يحتويني، بحثت كثيرا حتى أرهق العقل، فرحت بالعلم وأفكاره الجريئة، قرأت الكتب ومع مرور الأيام، فوجئت بتطرف الأفكار، وجدت نماذج تحترم العقل، ولا تحترم خالقه، فصارت بيني وبينه قطيعة، حتى عشقت سيرة آل بيت النبي فصرت على مسلكهم مسلمًا غير متمذهب، وفي النهاية دُفعت إليها دفعًا، فلم يكن هناك خيار  سوى السير وسط الجموع. 

وخلص العمل إلى أن الصراعات الطائفية في الدول العربية والإسلامية بصفة عامة تديرها قوى مستفيدة من استمرار تلك الصراعات على كافة الصعد وعلى رأسها الصعيد الديني والاقتصادي والسياسي، مستلهما من بطل الرواية سبل تحصين العقل العربي ضد الأفكار المتطرفة الداعية إلى الإنخراط في استخدام العنف لتغيير الواقع حتى وإن لم يكن سيئا.

 

عاجل