مصدر الحجر الرملي لمعابد ومقابر مصر القديمة.. أسرار محاجر جبل السلسلة
استخدم قدماء المصريين الحجر الرملي في بناء المعابد والمقابر في مصر القديمة من بدايات عصر الأسرة الفرعونية الـ 18 واستمر استخدامها إلى العصور الحديثة وهذا ما أعدته المرشدة السياحية ميرنا محمد من دراسة أشارت إلى حقيقة التسمية وامتداد المحاجر ونقوش الملوك.
تشير ميرنا محمد المرشدة السياحية بين الغردقة والأقصر وأسوان والقاهرة إلى أن الاسم المصري القديم لجبل السلسلة هو "خنو" أو "خنى"، ويبدو واضحًا مكتوبًا على صخور المنطقة وخاصة المدخل الرئيسي الأوسط لمقصورة الملك "حور محب"، وترجم هذا الاسم في اللغة القبطية إلى "الحاجز" وتحور إلى "خلخل" وهو الذي يعنى الحاجز أو السور الحجري، وفي العصر الروماني تحور الاسم إلى "سِلسل".
وتضيف ميرنا محمد بأن هذه المحاجر غنية جدًا بالحجر الرملي على جانبي نهر النيل بطول حوالي كيلومترين من الشمال إلى الجنوب بمنطقة جبل السلسلة عـلى بعد 20 كيلومتر شمال مدينة كوم أمبو، 62 كيلومتر شمال مدينة أسوان.
وعلى مر العصور، كانت الأحجار تُنقل على متن السفن عبر نهر النيل من المحاجر جنوبًا إلى المعابد والمقابر وكان يتم تقطيع بلوكات من الحجر الرملي لتصنيع التماثيل، لذلك كانت تعتبر من أجود أنواع المحاجر، كما أنه يوجد بعض القطع الحجرية داخل محاجر السلسلة منذ العهد القديم لم يتم نقلها حتى الآن.
ويلقي خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار على هذه الدراسة، موضحًا أن جبال السلسلة تعتبر بمثابة الورشة الفنية لهم والتي شيدت منها جميع المنشآت الدينية.
منذ الأسرة الثامنة عشر وحتى عصور مصر اليونانية والرومانية، وكان العمل في المحاجر عملًا موسميًا حيث يتم إرسال بعثات علمية لاستكشاف المحجر والعمل به لموسم محدد، وفي معظم الأحيان تترك البعثة العلمية نقوشًا تحوي اسم الملك الذي قام بإرسال البعثة وتاريخها وأحيانًا اسم قائدها وتلك هي الأدلة الأركيولوجية التي استطاع الأثريون عن طريقها التأريخ للمحاجر في مصر.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن نقوش بجبل السلسلة تدل على أسماء الملوك الذين قطعوا منها الحجارة لاستخدامها في تشييد صروحهم المعمارية مثل الملكة حتشبسوت والملك سيتي الأول والملك رمسيس الثاني وابنه مرنبتاح، وأيضًا الملك "حور – محب" والذي أنشأ بها معبدًا.
ولفت إلى أن محاجر أسوان هي الأفضل لاستخراج الجرانيت بأنواعه الثلاثة (الوردي والأسود والرمادي)، أمّا محاجر طرة فقد قدمت لمصر أفضل أنواع الحجر الجيري الذي استخدم في بناء أهرامات الجيزة، ولا تزال محاجر أسوان تحتفظ بالمسلة الناقصة وبها آثار الأدوات المستخدمة في قطع الجرانيت وقد احتفظ المحجر بخرطوش الملكة حتشبسوت والذي استدل منه العلماء على أنها هي التي أرسلت البعثة العلمية لقطع هذه المسلة والتي تعرضت للشرخ أثناء العمل.