«اصحى يا نايم وحد الدايم».. رحلة المسحراتي من المدينة المنورة إلى القاهرة
ظهر المسحراتي في العهد الإسلامي، حيث كان الصحابي بلال بن رباح يجوب الطرقات ليلا لإيقاظ الناس بصوته العذب، كما طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أول مؤذّن في الإسلام ومعه ابن أم مكتوم، يقومان بمهمة إيقاظ الناس للسحور.
وظهرت مهنة المسحراتي بشكل رسمي في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، الذي أصدر أمرا بأن ينام الناس مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان جنوده يمرون على البيوت ويوقظون الناس لتناول السحور، وفى عصر الدولة العباسية كان عتبة بن إسحاق أول الولاة في مصر يسحرون الناس، ويخرج بنفسه سيرا على قدميه لإيقاظ الناس مرددا "يا عباد الله تسحروا، فإن في السحور بركة"، وفي عصر المماليك ظهر "ابن نقطة" وهو شيخ طائفة المسحراتية، والمسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد.
الطبلة والعصا
وابتكر المصريون مرافقة الطبلة للمسحراتي ليدق عليها دقات منتظمة، وكانت تسمى "بازة" ثم تطورت إلى طبلة كبيرة أثناء تجوله في الأحياء وهو يقول أشعارا شعبية وزجلا خاصا، ثم تطورت المهنة لتضم فريقا معهم طبلة وصاجات برئاسة المسحراتى، يؤدون أهازيج خفيفة، يؤلفها الشعراء الشعبيون.
أجر المسحراتي
وتغير أجر المسحراتى على مر العصور. كان يتقاضى جزءًا من الخراج وبعض المحاصيل والحبوب، فيما ارتبط الأجر بالطبقة التي ينتمي إليها المتسحر، وعادة ما كان الأجر يؤخذ بالحبوب، فيأخذ قدحًا أو نصف كيلة من الحبوب سواء ذرة أو قمح، وحسب ما يجود به المتسحر حسب قدرته، أما الفقراء فكان المسحراتي لا يقف أبدا عند منازلهم لتناول الأجر .
ورغم تطور وسائل الاتصالات لا يزال المسحراتي يجول ويصول من حين لآخر في مصر وشوارعها، ليس لإيقاظ النائمين فحسب، ولكن للتعبير عن الفرحة بقدوم رمضان، والاحتفال بأحد مظاهر الشهر الكريم وممارسة طقوسه القديمة.
وكان المسحراتي قديما يرافقه رجل آخر يحمل فانوسا، حتى يشاهد المسحراتى الطريق في ليالي رمضان حالكة السواد، حيث لم تكن توجد إنارة في الشوارع والطرق الوعرة الضيقة قديما.