قال وزير السياحة التونسي ووزير الشئون الثقافية بالنيابة الحبيب عمار، إن وكالات السفر والسياحة بتونس تولي اهتماما كبيرا بالسوق السياحية المصرية، وإن وزارة السياحة التونسية تشجع بهذا الخصوص الشراكة الفاعلة بين مؤسسات القطاع السياحي الخاص بتونس ونظيراتها بمصر.
وأضاف وزير السياحة - في حوار خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء - أن النية تتجه نحو عقد الدورة الثالثة للجنة القطاعية المشتركة في المجال السياحي بين مصر وتونس خلال عام 2021، لإيجاد حلول عملية لتجاوز الإشكاليات المتصلة بتسهيل حركة السائحين بين البلدين، ووضع برنامج مشترك للترويج للسياحة التونسية والمصرية بالأسواق الآسيوية.
وأوضح الحبيب عمار، أن لتونس ومصر إمكانات ومقومات هائلة ومتنوعة في مجال السياحة، التي تحتاج إلى زيادة التعريف بها لدى مواطني البلدين، خاصة من خلال تنظيم الأسابيع السياحية والثقافية بكلا البلدين، وتنظيم ملتقيات بين القطاع العام والخاص للوصول إلي حلول عملية لتيسير تنقل الوفود السياحية في الاتجاهين.
وأشار وزير السياحة التونسي، إلى أنه بالإضافة إلى آليات التعاون الثنائي بين وزارتي السياحة التونسية والمصرية، فهناك اهتمام متزايد على مستوى آليات العمل العربي المشترك بموضوع السياحة العربية البينية، وهناك استعداد من الجانب التونسي لدعم كل المبادرات الهادفة لتحقيق سياحة عربية متكاملة.
وأعرب الوزير التونسي عن تطلعه، في هذا الإطار، لعقد ورشات عمل تجمع مهنيي البلدين في مجالي السياحة والثقافة، للترويج لمسالك سياحية ثقافية مشتركة للأسواق السياحية البعيدة، مقترحا في هذا الصدد، التوقيع مع الجانب المصري على مذكرة تفاهم بخصوص جلب السائحين من الأسواق البعيدة.
وكشف الحبيب عمار، أن قطاع السياحة في تونس كان أحد أكثر القطاعات تضررا من جائحة (كورونا) حيث انخفضت عائدات السياحة بحوالي 65٪، كما سجل عدد السياح الأجانب انخفاضا حادا بلغ 78.7٪ خلال عام 2020، وانخفض إجمالي الإقامات الليلية بنسبة 80.5٪ خلال نفس العام، لتصل إلى 5،6 مليون ليلة مقابل أكثر من 30 مليون ليلة في عام 2019.
وقال وزير السياحة التونسي، أنه مع ظهور التطعيمات ضد وباء (كورونا) ووضع وزارة الصحة التونسية لاستراتيجية وطنية للتطعيم، فإنه يأمل بأن يعود النشاط السياحي والرحلات على المستوى العالمي، مما سيكون له انعكاسا إيجابيا على السياحة التونسية، معبرا عن ثقته بأن الحجوزات سترتفع شيئا فشيئا مع انقشاع هذه الجائحة.
وأكد الحبيب عمار، أن وزارة السياحة التونسية تعمل منذ أواخر عام 2020 على التحضير لاستعادة النشاط السياحي لنسقه بصفة تدريجية، غير أن العودة إلى المعدلات الطبيعية لها علاقة وثيقة بتحسن الوضع الصحي على المستوى العالمي والإقليمي والوطني، وبالسيطرة على جائحة "كورونا"، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في رفع القيود على السفر والتنقل بين الدول، وبالتالي تنشيط الحركة السياحية العالمية والمحلية، وتوقع الوزير أن تعود السياحة التونسية إلى معدلاتها الطبيعية بداية من عام 2022.
وأكد الحبيب عمار، أن الحملة الوطنية للتطعيم في تونس، التي تنطلق خلال شهر مارس 2021، وفقا للمواعيد المحددة من قبل وزارة الصحة التونسية، سيكون لها الوقع الكبير في استعادة النشاط السياحي الذي يفترض أن يعرف نموا تدريجيا خلال الأشهر القادمة بالتزامن مع التقدم في حملات التلقيح في تونس، وفي البلدان التي تمثل أسواقا سياحية هامة.
وأوضح وزير السياحة، حرص الوزارة أن تكون سباقة في وضع خطة عمل على المدى العاجل لإنقاذ القطاع السياحي من الانهيار ومساعدة العاملين فيه.. مضيفا أن هذه الخطة مكنت في مرحلة أولى من اتخاذ جملة من القرارات الحكومية، بهدف التقليص من حدة تأثير جائحة "كورونا" بعد التوقف الكلي للنشاط السياحي، من جهة، ولتتمكن المؤسسات السياحية من استرجاع نشاطها بعد أزمة (كورونا) من جهة أخرى.
وأشار إلى أن وزارة السياحة وضعت، منذ شهر أبريل 2020، بروتوكولا صحيا للسياحة التونسية مقتبس من توصيات منظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية للسياحة، ومصادق عليه من قبل وزارة الصحة التونسية، ويحتوي هذا البروتوكول على 250 إجراء بهدف تأمين السياح والموظفين صحيا وحمايتهم من العدوى بفيروس كورونا، ولتمكين مختلف المؤسسات السياحية من استئناف النشاط السياحي في ظروف صحية ممتازة.
وبخصوص الإجراءات الاجتماعية والمالية، ذكر وزير السياحة أن الحكومة التونسية أقرت منحة لصالح العاملين في القطاع تبلغ 200 دينار تونسي على امتداد 6 أشهر، مع تدريب 1250 عاملا في السياحة وتمكينهم من منحة 300 دينار تونسي إثر انتهاء فترة التدريب.
وقال الحبيب عمار، إن المؤسسات السياحية تم تمكينها من الحصول على قروض بشروط ميسرة تسترجع على مدى 7 سنوات، ومع سنتين إمهال وبضمان من الدولة، والتخفيض في نسبة الفائدة، إلى جانب إعفاء شركات السياحة من معلوم المساهمة في صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاع السياحة البالغ 2 دينار على المقعد الواحد بعربات النقل السياحي، وذلك لمدة ستة أشهر بداية من شهر يناير 2021.
وأفاد الوزير التونسي بأنه بالنسبة للصناعات التقليدية، تم زيادة التمويل لصالح الحرفيين المتضررين من أزمة (كورونا) من 3 ملايين دينار تونسي إلى 10 ملايين دينار تونسي، وتسند القروض عن طريق البنك التونسي للتضامن بإجراءات بسيطة، وتم في هذا الإطار تمكين عشرات الحرفيين من قروض لا تقل عن 5 آلاف دينار تونسي مع فترة إمهال 6 أشهر، إضافة إلى تمكين الحرفيين من تأجيل دفع أقساط القروض السابقة إلى شهر سبتمبر 2021، وتأجيل سداد إيجار محلات القرى الحرفية التابعة للديوان الوطني للصناعات التقليدية، خلال الفترة بين مارس 2020 ومارس 2021.
وأكد وزير السياحة التونسي أن كل هذه الإجراءات ستسهم في التخفيف من حدة جائحة كورونا على العاملين في القطاع السياحي بالخصوص على أمل استرجاع السياحة التونسية لنشاطها خلال الأشهر القليلة القادمة؛ خاصة بعد ظهور اللقاح ضد هذا الوباء.
ومن جهة أخرى، أكد الوزير أنه لا طالما كانت أسواق الجوار، الجزائر وليبيا، تعد من الأسواق الهامة بالنسبة للسياحة التونسية، وأنها أسهمت لسنوات عديدة في تعويض النقص في السياحة الأوروبية خلال الأزمات التي شهدتها الساحة التونسية، مشيرا إلى عمل الوزارة منذ فترة على استقطاب سائحين من أسواق سياحية جديدة على غرار الأسواق الآسيوية والخليجية وأمريكا وغيرها.
وأضاف أن الوزارة قامت بوضع استراتيجية جديدة للسياحة التونسية ترتكز بالأساس، إضافة إلى تطوير السياحة الداخلية، على تنويع المنتوجات والعرض السياحي مع تطوير السياحة البديلة والمستدامة وتدعيم السياحة الثقافية والصحراوية.
وأوضح أنه تم التركيز على تحسين جودة الخدمات خاصة بالمؤسسات الفندقية، مشيرا إلي أنه تم في هذا الإطار المصادقة مؤخرا، يوم 26 فبراير 2021، وبصفة رسمية على المعايير الجديدة لتصنيف الفنادق السياحية التونسية، والتي ستمكن من تقديم منتوج فندقي ذو جودة عالية، مستدام ومتطابق مع المعايير الدولية ووفقا لاحتياجات الزوار والسائحين.
وأوضح الحبيب عمار أن السوق المغاربية تعد من أهم الأسواق بالنسبة للوجهة التونسية، ولطالما كانت من الأسواق المنقذة للسياحة التونسية، لافتا إلي أن تونس سجلت خلال عام 2019 وفود حوالي 2,9 مليون سائح جزائري، وحوالي 1,9 مليون سائح ليبي، وأن الأرقام كانت مرجحة للارتفاع عام 2020 ، لكن جائحة كورونا حالت دون ذلك.
وأشار وزير السياحة التونسي، إلى أنه بالنسبة للسوق الأوروبية، فإن فرنسا تحتل المرتبة الأولى من حيث وفود السائحين بقرابة 2 مليون سائح، ثم التونسيون المقيمون في الخارج بحوالي مليون و260 ألفا، مضيفا أن هناك أسواقا شهدت تطورا خلال السنوات الأخيرة وفي مقدمتها روسيا، حيث تم تسجيل وفود أكثر من 633 ألف سائح روسي عام 2019، بزيادة تبلغ 5,7% مقارنة بعام 2018، كما أن الأسيويين وخاصة الصينيين منهم مهتمون كثيرا بتونس خاصة في مجال السياحة الثقافية.
واعتبر الحبيب عمار أن قطاع السياحة يمثل المحرك الأساسي للاقتصاد التونسي، وهو مصدر رئيسي لجلب العملة الأجنبية وتوفير فرص العمل.
وأوضح أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن قطاع السياحة يسهم بنسبة 7% في الناتج المحلي الإجمالي، لكن وحسب دراسة إحصائية قامت بها الجامعة التونسية للنزل، تم التوصل إلى أن مساهمة القطاع السياحي بكل مكوناته في الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن تصل إلى 13 %، أما عن توفير فرص العمل، فإن القطاع ساهم في توفير قرابة 450 ألف فرصة عمل بصفة مباشرة وغير مباشرة وقرابة مليون فرصة لها علاقة بالنشاط السياحي.
وكشف وزير السياحة التونسي أن بلاده تستعد لاستقبال أكبر تظاهرة سياسية دولية على أراضيها، وهي القمة الفرنكوفونية في دورتها الثامنة عشرة، التي من المنتظر أن تنعقد في جزيرة جربة، وذلك لاحتواء الجزيرة علي طاقة استيعاب سياحية مناسبة، فضلا عن المطار الدولي والرحلات الجوية المنتظمة.
وأشار إلى أن هذا الحدث سيمثل فرصة هامة لدعم الترويج للوجهة التونسية، مضيفا أنه سيتم تنظيم عدد هام من التظاهرات الثقافية والرياضية العالمية.