رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

وزير الداخلية اللبناني: الوضع الأمني متماسك ومستقر رغم الضغوط والأزمات السياسية

نشر
مستقبل وطن نيوز

أكد وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي، أن الوضع الأمني في لبنان متماسك ومستقر إلى حد كبير للغاية، على الرغم من الانعكاسات السلبية للأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية التي تشهدها البلاد، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية تبذل جهودًا كبيرة واستثنائية في مجال الأمن الاستباقي لمكافحة الإرهاب وضرب قواعد الجريمة المنظمة في سبيل حماية البلاد.

وقال الوزير محمد فهمي، إن هناك تنسيقا وتعاونا أمنيا قويا بين لبنان وكافة الدول العربية الشقيقة، وعلى رأسها مصر، في سبيل التصدي للخلايا والبؤر الإرهابية والجماعات الإجرامية المنظمة التي تستهدف زعزعة استقرار الشعوب والبلدان العربية، وأن هذا التنسيق يحقق نتائج مميزة على صعيد مجابهة الإرهاب بشكل خاص.

واعتبر فهمي، أن مفتاح الحل الأساسي لمختلف الأزمات والمشاكل التي يمر بها لبنان، يقوم على تشكيل الحكومة الجديدة، حتى يُمكن المضي قدما في التعامل مع الأزمات المتعددة والعمل على معالجتها، لافتا إلى أن مجموعة من العقد السياسية الداخلية تعرقل التأليف الحكومي، فضلا عن كون لبنان يتأثر بصورة واسعة بالأوضاع الإقليمية والدولية، مبديًا الخشية من تأخر انفراج الأزمات اللبنانية ربطا بالتوصل لحلول للأزمات الإقليمية والخلافات الدولية.

وأضاف: "الوضع الداخلي اللبناني يشهد حالة من التخبط العام على وقع عدم وجود حكومة فاعلة في البلاد، باعتبار أن عمل الحكومة القائمة مقيد بتصريف الأعمال فقط"، مؤكدًا أن كافة المعطيات تفيد بعدم وجود اتفاق داخلي – حتى الآن - على إنهاء حالة الفراغ الحكومي بين القوى والأحزاب السياسية اللبنانية الفاعلة.

وأشار وزير الداخلية اللبناني إلى أن أولوية العمل لديه، تتمثل في الحفاظ على هيبة الدولة والدفاع عنها، وحماية الوضع الأمني والاستقرار العام وبث الطمأنينة في نفوس اللبنانيين وكافة المقيمين على الأراضي اللبنانية، في ظل الكم الكبير من الأزمات والضغوط الداخلية المتراكمة والمؤثرات الخارجية التي يتعرض لها لبنان.

وشدد وزير الداخلية اللبناني، على أن المؤسسات الأمنية والجيش اللبناني والأجهزة المعلوماتية والاستخباراتية لا تدخر جهدا في سبيل حماية دعائم الدولة والدفاع عن الشعب اللبناني والتصدي لأي محاولات داخلية أو خارجية تستهدف زعزعة الاستقرار، مُثنيا في هذا الصدد على مستوى التعاون والتنسيق الأمني – العسكري القائم.

وأكد أن كافة القراءات والتحليلات الأمنية المنطقية، تجعل من إمكانية وقوع خلل أمني محدود، أمر قابل للحدوث في ظل الأزمات السياسية والضغوط الاقتصادية غير المسبوقة وتداعيات انفجار ميناء بيروت البحري الذي وقع في شهر أغسطس الماضي وأزمة انتشار وباء كورونا، موضحًا أنه سبق وحذر من هذا الأمر خلال الاجتماعات الأمنية ومع المرجعيات الرئاسية.

ولفت فهمي، إلى أنه سبق وأثار هذه الأمور في عدد من الاجتماعات واللقاءات الأمنية والرئاسية، حول إمكانية حدوث بعض العمليات الإجرامية والإرهابية، مثل أعمال الاغتيالات التي وقعت مؤخرا ويتردد صداها داخليا وخارجيا، أو حدوث عمليات عدائية باستخدام عبوات ناسفة تنفذها خلايا إرهابية عنقودية من أفراد وعناصر محدودة لا ترتبط بهياكل تنظيمية مركزية.

وقال: "الأجهزة الأمنية تبذل قصارى جهدها في العمل الاستباقي وتتبع الجماعات الإجرامية المنظمة وملاحقة الخلايا الإرهابية العنقودية، وهناك تقارير تُرفع بشكل يومي وتوجيهات تصدر لمواجهة أي مساس بأمن لبنان وشعبه، ولكن هذا لا يمنع حدوث تفلت بقدر ما بين الحين والآخر، لأنه في المجال الأمني لا يمكن في أي مكان في العالم منع وقوع الجرائم الإرهابية بنسبة 100% هذا أمر مستحيل".

وتطرق وزير الداخلية اللبناني إلى أحداث العنف التي شهدتها مدينة طرابلس (شمالي البلاد) خلال الشهر الماضي، مشيرًا إلى أن المدينة شهدت العديد من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية المُحقة في مواجهة المصاعب والتدهور الاقتصادي والمعيشي، غير أن أجهزة الأمن رصدت وجود خطة ممنهجة من قبل البعض لنشر الفوضى واستهداف هيبة الدولة من خلال تنفيذ أعمال شغب واسعة النطاق تحت ستار التحركات الاحتجاجية.

وأوضح أن الاستهداف المنظم الذي تعرض له السراي الحكومي بطرابلس والإصرار اليومي على محاولة اقتحامه وإحراقه، وكذلك إضرام النيران بمبنى البلدية لم يكن عملا عشوائيا أو من قبيل "الغضب العفوي".. مشيرا إلى أن مبنى السراي تعرض للاستهداف بـ 600 قنبلة مولوتوف و18 قنبلة يدوية دفاعية عسكرية.

وأضاف: "هذا الوضع التخريبي الذي تُستخدم فيه كميات هائلة من القنابل، ومن بينها قنابل يدوية، ضد مبنى يمثل الدولة اللبنانية، مُكلف ماديا بصورة كبيرة ولا يمكن معه أن يكون من نفذوا مجرد أفراد نزلوا إلى الشوارع بصورة عفوية. كان هناك نمط معين وخطة ممنهجة لتحقيق أهداف ومصالح إرهابية، ولست أبالغ حينما أقول إن هناك بصمات لعمل أجهزة دول خارجية، غير معروفة حتى الآن، تقوم باستخدام أفراد من الداخل من اللبنانيين وبعرض الأفراد من النازحين السوريين في التنفيذ".

وأشار فهمي، إلى أنه خلال الهجوم الكبير والمنظم الذي تعرض له السراي الحكومي بطرابلس، أعطى أوامر مباشرة للقوى الأمنية بالدفاع عن المبنى ومنع اقتحامه، والتأكيد على أن هذا الأمر خط أحمر لا يجب تجاوزه لأنه يمثل ما تبقى من هيبة الدولة اللبنانية، مشددا على أن القوى الأمنية المكلفة بحماية السراي، استخدمت حق الدفاع الشرعي الذي يكفله القانون.

وتابع قائلا: "القوى الأمنية في أحداث طرابلس، وكذلك في عموم لبنان، قامت - ولا تزال - بمهامها على أكمل وجه ووفق ما يمليه القانون ودون تجاوز له. ضباط وأفراد القوى الأمنية ليسوا من بلد آخر، هم شريحة من الشعب اللبناني ويعانون ذات الضغوط الاقتصادية والمصاعب المعيشية، غير أن الانضباط العسكري هو الذي يجعلهم يؤدون مهامهم بشرف وبمعزل عن أي مؤثرات، وأنا أحرص من جانبي على دعم معنويات أبناء المؤسسات الأمنية وتأكيد التماسك والتلاحم بين عناصر القوى الأمنية، لأن هناك هدفا رئيسيا هو حماية لبنان".

وأكد وزير الداخلية اللبناني، حرصه على حماية التظاهر والاحتجاج السلمي ومنع "المشاغب" من الاعتداء على المتظاهرين وضباط وعناصر القوى الأمنية والممتلكات العامة والخاصة، مشيرًا إلى أن بعض المظاهرات تبدأ بصورة سلمية وحضارية، ثم تتحول لاحقا إلى "فوضى منظمة" حيث تندلع أعمال الشغب والحرق والاعتداءات، مؤكدًا أن هذا النمط من الأساليب هو وسيلة لهدف أكبر يتمثل في القضاء على المظاهرات السلمية وتشويه الاحتجاجات الحضارية ونشر العشوائية والغوغائية غير المقبولة.

وأوضح فهمي، أن الأيام الأولى لانتفاضة 17 أكتوبر من العام 2019 كانت تعبر عن السواد الأعظم من الشعب اللبناني الذي سئم حالة استشراء الفساد وطغيان المصالح الشخصية على مصالح الشعب وغياب المساءلة والمحاسبة، مشيرًا إلى أن الأسبوع الأول من "الانتفاضة العفوية السلمية" قادها الشباب اللبناني صاحب المطالب المحقة.

وأضاف: "انتفاضة 17 أكتوبر في أيامها الأولى حظيت بتأييد شعبي واسع بلغ نحو 90% من اللبنانيين دون مبالغة، وهي تمثلني كما أن أفراد أسرتي شاركت مظاهرها الاحتجاجية، ولكن ما شهدناه بعد ذلك من أحداث عنف وشغب لا يُمكن القبول بها، وأنا هنا أتحدث عن تحويل مسار الاحتجاج السلمي إلى فوضى، وقيام بعض الجهات الداخلية والخارجية بتدخلات ومحاولات استغلال وفرض السيطرة والهيمنة على التحركات الشعبية وتوجيهها لتحقيق أهداف مخالفة للهدف السامي الذي اندلعت من أجله الانتفاضة".

وتابع قائلا: "حينما توليت مهام منصبي كوزير للداخلية، وضعت استراتيجية عامة، قوامها حماية حق الاحتجاج السلمي، والتصدي لأي محاولة تستهدف تحويل المظاهرات إلى فوضى شاملة أو ترويع للمواطنين الآمنين، وترويض الجانب العنيف غير السلمي لبعض المظاهر الاحتجاجية بشكل يتفق وأحكام القانون وتحت سقفه".

وفيما يتعلق بأزمة فيروس كورونا في لبنان، أعرب الوزير محمد فهمي عن رضائه بمستوى الالتزام المجتمعي بالتدابير والإجراءات الوقائية التي فرضتها الدولة في سبيل الحد من انتشار الوباء، ومن بينها حالة الإغلاق العام الشامل، مشيرا إلى أن التجاوب كبير، وأن السواد الأعظم من اللبنانيين يلتزمون بارتداء الكمامات، ويحرصون على الحصول على الأذون المسبقة التي قررتها الحكومة لإتاحة التنقل والتحرك.

وقال: "أنا مع الحرص على التطبيق الصارم للقواعد المتعلقة بالإغلاق ومنع التنقل لأن الهدف منها حماية صحة الناس والحد من تفشي الوباء، إلا أنني في نفس الوقت أشدد على ضرورة مراعاة روح القانون وعدم استعمال سيف المخالفات ومحاضر الضبط بقسوة في مواجهة الناس، لأن هناك من يخالف ولكن حينما تواجهه بالمخالفة يُظهر صدقا إنسانيا واضحا بعدم تقصُد المخالفة أو الرغبة في تحدي القانون، ولهذا فإن هناك قدرا وهامشا من المرونة أنا أعطيت أوامري بضرورة أن تحرص عليه القوى الأمنية لأننا لسنا في مواجهة مع المواطن الشريف المنضبط".

وأضاف: "واجهنا في بعض الحالات أشخاصا ظروفهم الاقتصادية لا تسمح بشراء الكمامات، ولهذا كان الرد بإعطائهم كمامات مجانا عوضا عن تحرير محاضر مخالفة ضدهم.. وزارة الداخلية قامت بتوزيع قرابة مليوني كمامة مجانا على غير القادرين ومن اضطروا إلى التنقل المفاجئ دون أن يكون بحوزتهم كمامات.. من بين التعليمات التي أشدد عليها للقوى الأمنية أن من يتعامل معك باحترام يجب أن تبادله المعاملة الراقية وأن تساعده".

وأكد وزير الداخلية محمد فهمي، أنه لو لم يكن لبنان يشهد هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية الضاغطة على جميع شرائح وطبقات المجتمع، لم كان قد سمح بأدنى استثناء أو مرونة في هذا السياق. متابعا: "أنا أحرص على أن تكون وزارة الداخلية مرنة ضمن روح القانون ودون أن أسبب الأذى للمواطن".

عاجل