الرئيس السيسي يدعو لمعاقبة الدول التي تمول وتسلح المنظمات الإرهابية
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر وفرنسا تواجهان الإرهاب، وتحاربان معا على عدة جبهات، مشيرًا إلى أن البرلمان الفرنسي يبحث حاليًا مشروع قانون يضمن احترام المبادئ الجمهورية.
وقال الرئيس "يبدو لي أن فرنسا أصبحت تقيس بصورة أوضح الآن مدى الخطر الذي يمثله الإخوان المسلمين على المجتمع والمواطنين الأوروبيين".
وأشار الرئيس السيسي - في حديث خاص تنشره صحيفة (لوفيجارو) الفرنسية اليوم الأربعاء، في ختام زيارة الدولة التي يقوم بها لفرنسا - إلى أنه "ليس من فراغ وضع الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية في مصر أو في العديد من بلدان المنطقة الأخرى، فتغلغل عملهم في المنظمات الخيرية والمنظمات الإرهابية المسلحة التي يسيطرون عليها وتدخلهم في الدوائر السياسية المؤسساتية، يمثل تهديدًا وجوديًا للدول، وهم يختبئون وراء الدين لتبرير شمولية رؤيتهم".
وأضاف الرئيس السيسي أن "مصر، مثل فرنسا، دفعت ثمنا باهظا للإرهاب، وعندنا كان المواطنون المسلمون والأقباط والقوات المسلحة والشرطة ورجال القضاء، ضحية لأعمال الإرهاب الوحشي، ونحن لم نتوقف عن التحذير من هذه الإيديولوجية المميتة التي لا تعرف حدود، ودعونا إلى تنسيق دولي لمكافحة الإرهاب"، وشدد الرئيس على ضرورة معاقبة الدول التي تمول وتسلح هذه المنظمات الإرهابية، انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة.
وحول دعوته للفصل بين الدين والسياسة، قال الرئيس السيسي إن "كل فرد حر في أن يؤمن أو لا يؤمن، ولا إكراه في الدين، لكن هل يمكن أن نسخر من كل شيء دون أن ندرك أن ذلك يمكن أن يراه آخرون على أنه دليل ازدراء؟ إن ذم صورة الأنبياء يعود إلى الاستهانة بتمسك مليارات البشر بقيم ومبادئ الرموز الدينية، والكثير من الرجال والنساء يمكن أن يتألموا بسبب تعبير يمثل اعتداء على معتقداتهم العميقة. يتعين اتخاذ ذلك في الحسبان من منطلق الإحساس بالمسؤولية واحترام الآخر".
وأضاف الرئيس السيسي: "إنه في عالم بلا إنترنت ولا شبكات اجتماعية مثل القرن الماضي، كان عدد قليل جدًا من الناس سيعلم بالرسوم المسيئة لرسول الإسلام، أما في ظل العولمة، فالوضع مختلف، وللأسف، استغل البعض هذه الرسوم للتلاعب بالشعور المشروع في تمسك المتدينين بقيمهم الدينية، وجرى تنظيم حملات تشويه تهدف إلى إزكاء الكراهية والتحريض على الفرقة بين الشعوب، على المنصات الرقمية ضد فرنسا".
وتابع الرئيس: "نحن في مصر، نعاني كل يوم من حملات التشويه التي تهدف إلى نشر الشك والفرقة في صفوف الشعب المصري، وهناك ما لا يقل عن 6 قنوات فضائية تديرها وتمولها دول أجنبية، تستهدف شعبنا، ومن المؤسف أن هذه القنوات التي تنشر الإيديولوجية الظلامية، تبث عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، وقد أكدنا - أنا والرئيس ماكرون - مجددًا عزما على منع نشر الدعوات إلى العنف والكراهية والإرهاب".
وردًا على سؤال حول ما إذا كان هناك تحرش تركي ضد مصر في ليبيا وشرق المتوسط، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن سياسة مصر هي إقامة علاقات ممتازة مع جيرانها مع تغليب الحوار دائما، ويتعين على تركيا مثلها مثل دول المنطقة الأخرى، أن تحرص على احترام قواعد القانون الدولي وقانون البحار، وألا تقوم بأي عمل من طرف واحد دون تشاور أو على حساب أمن وسلم المنطقة.
وأوضح الرئيس السيسي أن "منتدى غاز المتوسط الذي أنشئ بمبادرة مصرية، هو منظمة حكومية إقليمية تتولى العمل على احترام القانون الدولي في الإدارة المستدامة والمحافظة على البيئة لموارد الغاز الطبيعي لكل دولة عضو، ويتعين على فرنسا الانضمام إلى هذا المنتدى قريباً".
وأضاف: "شرق المتوسط غني بالغاز الطبيعي بعد الاكتشافات الأخيرة التي تمت فيه، ونحن نغلب منطق التعاون مع حلفائنا وشركائنا ومن بينهم فرنسا، من أجل حوار سياسي منظم بشأن الغاز الطبيعي، وستتيح هذه المنظمة إعطاء الأولوية لتسوية القضايا المتعلقة بالحدود البحرية".
وعما إذا كانت المواجهة العسكرية بين مصر وتركيا أمرًا محتملًا في ليبيا، قال الرئيس السيسي إن مصر تعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل يظل الطريق الوحيد الممكن لتسوية هذه الأزمة وضمان استقرار هذا البلد الشقيق، الذي يشترك مع مصر في حدود يصل طولها إلى 1200 كم، ومن الحتمي إنهاء التدخلات الأجنبية التي تهدد استقرار هذا البلد، نتيجة نقل المرتزقة والسلاح الموجه للميليشيات المتطرفة.
وأردف الرئيس السيسي: إن مصر لن تكون - أبدًا - الطرف البادئ بالاعتداء، لكن في المقابل، فإن قواتنا المسلحة دائما مستعدة للدفاع عن مصر وضمان أمنها القومي في مواجهة أي شكل من أشكال التهديدات.
وفيما يتعلق بأثيوبيا، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مياه النيل أمر حيوي بالنسبة لمصر والخلاف مع إثيوبيا بشأن سد النهضة يمتد طويلا، فالسد يمثل لإثيوبيا مصدرًا للتنمية المشروعة، إلى أن ملء السد بشكل أحادي بمخالفة مبادئ وقواعد القانون الدولي، يهدد إمدادات المياه لـ 100 مليون من المصريين.
وأضاف الرئيس السيسي "نظل متمسكين بالحل القانوني العادل وبالتوصل إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف؛ يحدد طرف ملء واستغلال السد ويحمي مصالح مصر وأثيوبيا والسودان، أي يحفظ حقوقنا في المياه، وبعد عشر سنوات من المفاوضات، حان الوقت لإتمام والتوقيع على هذا الاتفاق".
من ناحية أخرى، قال الرئيس السيسي إن "التعاون العسكري والأمن مع فرنسا يتجاوز الإطار المحدود للتبادل التجاري أو شراء المعدات، وعلاقاتنا تتطور في إطار من الشراكة الاستراتيجية التي تشمل مختلف الأوجه ذات الصلة بعلاقات الدفاع، فمصر وفرنسا تحاربان معا على عدة جبهات، ومع ذلك فإننا ننوع مصادر التسلح من أجل امتلاك معدات مناسبة قادرة على ضمان أفضل دفاع عن مصر".
وتابع: "نقدر بصورة خاصة التكنولوجيا الفرنسية، وتذكرون أن مصر كانت أول دولة تختار الطائرات (الرافال)؛ مما فتح الطريق أمام شرائها من قبل العديد من الدول الأخرى".
وفيما يتعلق بعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، قال الرئيس السيسي إن مصر - دائما - ما دافعت وتواصل العمل من أجل التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأشار إلى أن مصر ساندت جميع الجهود الدولية، "ونعول على دعم الإدارة الأمريكية الجديدة وأوروبا، خاصة فرنسا، من أجل التوصل - دون أي تأخير - إلى حل إقامة الدولتين على حدود عام 1967، وعلى أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، أما غياب الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ فإنه يظل المصدر الأساسي لانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط.
وبالنسبة لعمل المنظمات الأهلية في مصر وادعاءات وجود 60 ألف معتقل رأي في مصر، قال الرئيس السيسي إنه لا يعرف من أين جاء هذا الرقم، وقد عمل الناس مؤخرًا قصة من القبض على 3 من أعضاء منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمشكلة تكمن في إنهم سجلوا أنفسهم كشركة تجارية انتهاكًا لقانون 2019 المنظمة لأنشطة الجمعيات التي لا تهدف إلى الربح.
وأضاف الرئيس السيسي: "هناك في مصر أكثر من 55 ألف منظمة أهلية، يعمل بعضها على دعم النظام المصري لحماية حقوق الإنسان، ونسعى لإقرار التوازن اللازم بين حقوق وواجبات المواطن من ناحية، والتحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب من ناحية أخرى".
وتابع: "عليكم أن تدركوا أنه في الشرق الأوسط، يعد الاستقرار والأمن المدني بالنسبة للشعوب الأمر الأكثر قيمة، إن الإصلاحات التي تمت في قطاعات التعليم والصحة والإسكان هي تعبير عملي عن تمسكنا بحقوق المواطنين".
وحول تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، قال الرئيس السيسي "اتخذنا إجراءات لحظر التجوال في بداية انتشار الوباء، والله كان رحيم بنا، فكان عدد حالات الإصابة لدينا أقل بكثير من الأعداد في أوروبا وأمريكا".
وأوضح أن صلابة برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ عام 2014 أتاح الحفاظ على التوازن بين استمرار الإصلاحات وامتصاص القيود التي فرضتها الأزمة الصحية، وحققنا معدل نمو تجاوز 6ر3 % خلال عام 2020، وقد خصصت الحكومة المصرية مبالغ كبيرة لتطوير قطاعي الصحة والتعليم، مع ضخ قرابة 6 مليارات يورو للاستجابة للاحتياجات الملحة للقطاعات الأساسية مثل السياحة ودعم الأسر والعاملين الأكثر تضررًا.
وتابع الرئيس السيسي: "إن المصريين ضحوا كثيرًا خلال السنوات الماضية؛ للتخلي عن الاقتصاد القائم على الدعم، ومن ناحية أخرى أشاد صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف بالنتائج الاقتصادية التي حققتها مصر".
واختتم الرئيس السيسي حديثه قائلًا: "إننا في هذه المسيرة نحو التنمية، اختارنا فرنسا كشريك مفضل بالنسبة لنا".