رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

رئيس مجلس النواب عن إقرار قانون الإجراءات الجنائية الجديد: حطمنا قيود الماضي لنبني قانونًا يُنصف كل مواطن.. فيديو

نشر
رئيس مجلس النواب
رئيس مجلس النواب

أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، في كلمة ألقاها بمناسبة التصويت النهائي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، أن اليوم يشهد لحظة فارقة في تاريخ التشريع المصري، حيث يُسطر البرلمان تاريخًا جديدًا للعدالة المصرية. 

وأضاف جبالي أن العدالة لا تأتي من فراغ، بل هي ثمرة جهد وتعاون طويل، مشيرًا إلى أن القانون الجديد سيواكب تطلعات الشعب المصري ويعزز من قدرة النظام القضائي على تحقيق العدالة.

وأشار رئيس المجلس إلى أن المجلس الحالي استطاع تحطيم قيود الجمود التشريعي، لافتًا إلى الجهود الكبيرة التي بذلت من أجل صياغة قانون يعكس إرادة الشعب ويسهم في تحقيق تطلعاته في بناء دولة حديثة وعادلة، قائلا: “ لقد حطمنا قيود الماضي لنبني قانونًا يُنصف كل مواطن”.

 كما أضاف أن اللجنة البرلمانية التي شكلت لمناقشة المشروع عملت بحيوية كبيرة، حيث تم تضمين خبراء قانونيين بارزين، وكان لها دور محوري في الوصول إلى صيغة قانونية متوازنة تواكب العصر.

وتوجه جبالي في كلمته بالشكر إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي على دعمه السياسي لهذا المشروع، معربًا عن تقديره للجهود الكبيرة التي بذلها رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير العدل المستشار عدنان فنجري، الذين كانوا جزءًا من هذا الإنجاز التشريعي.

وإلى نص الكلمة:

السيدات والسادة النواب المحترمون؛ بعون الله وتوفيقه؛ وصلنا اليوم إلى لحظةٍ فارقةٍ، من عمر مجلسكم الموقر، تتشابك فيها أيدينا؛ لنسطر سويًا، بكل فخرٍ واعتزازٍ، صفحةً جديدةً من صفحات سجل التشريع المصري العريق. وتعلمون جميعاً؛ أنه لعقودٍ ممتدةٍ؛ قد طال الجمود التشريعي مجال الإجراءات الجنائية، حاولت خلال تلك العقود جهودٌ عدةٌ أن تصوغ لمصر قانونًا حديثًا يليق بمكانتها وطموحات شعبها، لكنها تعثرت مرارًا. 

 

واليوم، يحسب لمجلس النواب الحالي أنه قد اقتحم، بعزيمةٍ صادقةٍ، قلاع هذا الجمود، وحطم بكل جرأةٍ، قيود التعطيل والانغلاق، ونفخ روح التغيير، بكل إيمانٍ، في نصوصٍ هرمت، فأحياها فتيةً؛ تواكب نبض العصر وتستجيب لحاجات المجتمع. واليوم، بحمد الله، قد بلغنا موعد ميلاد قانونٍ جديدٍ للإجراءات الجنائية.

 

الزملاء الأعزاء؛ لقد جاء تعامل مجلسكم الموقر مع هذا المشروع استثنائيًا، ولعل من أبرز مظاهره تشكيل لجنةٍ فرعيةٍ؛ في سابقةٍ برلمانيةٍ فريدةٍ، ضمت في عضويتها خبراء قانونيين بارزين؛ فتحولت اجتماعاتها إلى ورش عملٍ نابضةٍ بالحيوية، وانفتحت أبواب النقاش الصادق، فعالجت أدق الإشكاليات وأعقد القضايا.

 

ومما لفت النظر وأثلج الصدر؛ أن اللجنة قد تميزت بانخفاض أعمار أغلب أعضائها، بما يؤكد أن مصر كانت وستظل بلدًا لا ينضب معينه من الكفاءات، ولا تخلو أرضه الطيبة من العقول المبدعة والطاقات الواعدة.

 

نواب شعب مصر؛ انطلاقا من الوفاء لأهل العطاء، لا يفوتني في هذا المقام أن أبدأ بما هو أوجب، فأتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى قائد مسيرة الوطن، فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فقد كانت إرادته السياسية الصلبة، 
ورؤيته الثاقبة، من بين الدوافع الحقيقية لفتح هذا الملف، 

 

الذي طال انتظاره، إيمانًا من فخامته بأن دولة القانون هي الركيزة الأساسية لبناء الأوطان ونهضتها، وأن العدالة هي السياج الحامي لمقدرات الشعوب وطموحاتها.

 

كما أتوجه بعظيم الامتنان لدولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كان ــ وما زال ــ داعمًا مخلصًا لمواقف مجلس النواب سيما التشريعية منها، ومؤمنا بأن الصالح العام فوق كل اعتبارٍ، فلم يدخر جهدًا في دعم كل مبادرةٍ برلمانيةٍ ترسي قواعد الدولة الحديثة.

كما أشيد بالسيد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل؛ والذي أضفي حضور سيادته شخصيًا لكل جلسات مناقشة مشروع القانون طابعا من الالتزام والإخلاص، وهو ليس بغريبٍ على سيادته، فقد أثرى المناقشات من خلال تعقيباته حول فلسفة النصوص وبيان مقاصدها، مما عزز الفهم المشترك وقرب وجهات النظر؛ مستندًا في ذلك إلى خبرةٍ قانونيةٍ رفيعةٍ المستوى.

 

 

والشكر أيضا، للمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، لما بذله من جهودٍ حثيثةٍ في رحاب المناقشات، فكان صوت الحكمة، ولسان العقل، وبنى جسرًا متينا تتلاقى عليه الإرادة الشعبية مع السلطة التنفيذية، فعمل بصبرٍ وحسن تدبيرٍ، على تقريب المسافات بين الرؤى المتباينة، بغية الوصول بالنص التشريعي إلى ما نصبو إليه من دقةٍ وتوازن.

 

ولا يسعني في هذا المقام؛ إلا أن أخص بالعرفان والتقدير السيد المستشار محمد عبد العليم، المستشار القانوني لرئيس المجلس؛ هذا الرجل النبيل، الذي جمع بين غزارة العلم ورفعة الخلق، فأثبت أن القيمة لا تقاس بالعمر، بل بالهمة، والإخلاص، والقدرة على الإنجاز. لقد كان أحد الأعمدة الراسخة التي شيد عليها بنيان مشروع قانون الإجراءات الجنائية، جنباً إلى جنبٍ مع زملائه المستشارين بالأمانة العامة. وكان مثالًا نادراً للجدية والتجرد؛ يعمل في صمتٍ، لا يبتغي مجدًا شخصيا، ولا ينشد شهرةً أو أضواءً، بل كان شغله الشاغل أن تخرج تشريعات المجلس على أكمل وجه، منسجمةً مع الدستور، 
معبرةً عن نبض الواقع وتحدياته. ولقد أضفى على منصبه وقارًا وهيبةً صنعهما بكده ومثابرته، فأكسب المنصب بريقاً خاصاً، سيظل علامةً مشرقةً في سجل العمل البرلماني، وسيظل أثره شاهدًا مضيئًا لكل من يخلفه.

 

السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر؛ أما وإنني قد أوشكت على ختام كلمتي، فاسمحوا لي أن أتلو على مسامعكم كلماتٍ تنبع من مشاعر، يعلم الله، 

أنها صادقةٌ، مشاعر كانت تجول في نفسي طوال هذه المسيرة الشاقة، كلماتٌ تخالجها أحاسيس مفعمةً بالمسؤولية؛ تثقل قلبي قبل لساني:

 

"إننا نعي تماماً أن هذا القانون، كغيره من صنائع البشر، يظل قابلاً للتطوير والتقويم مع تطور حاجات المجتمع ومسيرة الزمن، وندرك - تمام الإدراك- أن ما بين أيادينا اليوم ليس نهاية الطريق، بل محطةٌ في دربٍ طويلٍ لا ينقطع فيه السعي نحو الكمال. ولكننا، والله شهيدٌ علينا، قد راعينا ربنا في كل خطوة خطوناها، وأخلصنا النية وبذلنا وسع جهدنا، وأدينا الأمانة؛ لا نبتغي إلا وجه ربنا الكريم، ولا نطلب إلا مرضاته، ولم نكتب حرفاً إلا ابتغاء إصلاحٍ، ولم نتخذ موقفاً إلا رغبة في إنصافٍ، ولم نعقد عزماً إلا نصرةً للحق وعدلاً بين الناس. وإن كان في عملنا صواب، فبتوفيقٍ من الله وفضله، وإن كان فيه نقصٌ، فحسبنا أننا اجتهدنا، مخلصين غير مفرطين ولا مضيعين، ونسأل الله جل وعلا أن يتقبل عملنا، وأن يجعله لبنةً في صرح العدل، وشاهداً لنا لا علينا يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، يوم توزن الأعمال بميزان الحق الذي لا يميل ولا يحيف. وقد كرم الله إتقان العمل؛ بقوله تعالى "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا، وأختم كلامي بآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أشكر حضراتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته