«أمريكانا» تفقد 20 مليار ريال سعودي من قيمتها.. وخطة إنعاش مرتقبة في 2025

في ديسمبر 2022، دخلت شركة "أمريكانا للمطاعم" التاريخ بإدراج مزدوج في بورصتي السعودية وأبوظبي، في خطوة وصفت آنذاك بأنها فتح جديد في الأسواق الخليجية. وحظيت الشركة، التي تمتلك أكبر شبكة مطاعم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستقبال حافل من المستثمرين، وبلغت قيمتها السوقية حينها أكثر من 22.5 مليار ريال سعودي.
لكن بعد مضي عامين فقط، تغيّر المشهد كليًا. فقد السهم أكثر من 11% من قيمته منذ الإدراج، رغم التوزيعات النقدية، وانخفضت القيمة السوقية للشركة من ذروتها البالغة 39.2 مليار ريال في سبتمبر 2023، إلى نحو 18.5 مليار ريال فقط.
أرقام مقلقة وخسارة الزخم
وراء هذا التراجع أرقام تعكس واقعًا أكثر تعقيدًا. فقد انخفض صافي الربح لعام 2024 بنسبة 39%، وتراجعت الإيرادات بنسبة 9%. هذه الانخفاضات لا يمكن تفسيرها على أنها تقلبات موسمية فحسب، بل ترتبط بعوامل ضاغطة كالتوترات الجيوسياسية، والركود في الطلب الاستهلاكي، إضافة إلى ضعف بعض العملات الأجنبية، ما قلّص من هوامش الربحية.
رغم زيادة عدد المتاجر من 2435 إلى 2590 خلال عام، إلا أن التوسع لم يفلح في كبح هذا التراجع، خصوصًا مع ارتفاع التكاليف التشغيلية، وتطبيق ضريبة الشركات في دولة الإمارات، ما زاد من الأعباء المالية على الشركة.
التوسّع مستمر رغم التحديات
ورغم الظروف الصعبة، لم تتراجع "أمريكانا" عن استراتيجيتها التوسعية. فقد أعلنت مؤخرًا استحواذها على حقوق تشغيل "بيتزا هت" في سلطنة عُمان بعدد 46 فرعًا، كما تخطط لإطلاق "كريسبي كريم" في المغرب، و"بيتس كوفي" في العاصمة الإماراتية أبوظبي، في خطوة تهدف إلى تنويع العلامات التجارية وتوسيع الحضور الجغرافي.
لكن هذه الخطوات التوسعية تحتاج إلى دعم تقني وتشغيلي، لذا تراهن الشركة على التحول الرقمي، وتعزيز كفاءة منصتها التشغيلية، من أجل إحياء النمو وتحقيق استدامة طويلة الأمد في بيئة مليئة بالتحديات.
تصريحات العبار: السوق واعدة والحصة ضئيلة
خلال بدء تداول أسهم الشركة في سوق أبوظبي المالي، صرح رئيس مجلس الإدارة، محمد العبار، لقناة "الشرق" بأن "حجم سوق المطاعم في المنطقة يبلغ نحو 55 مليار دولار، في حين أن حصة أمريكانا لا تتجاوز ملياري دولار"، مؤكدًا أن هذه الحصة "لا تُذكر". وأضاف أن هناك فرصة للنمو، مشيرًا إلى استهداف الشركة افتتاح ما بين 200 إلى 300 محل سنويًا في مختلف الأسواق.
توقعات بتحسّن... ولكن بشروط
تقديرات "الجزيرة كابيتال" تشير إلى احتمال تحقيق تحسّن ملموس في الأداء المالي خلال الربع الأول من عام 2025، متوقعة ارتفاع صافي الربح بنسبة 85.6% ليصل إلى 195 مليون ريال، بدعم من تحسّن في المبيعات وهوامش الربحية.
في المقابل، يحذر محمد الليثي، محلل الأسواق في "أرقام"، من أن التكاليف التشغيلية، لا سيما الإيجارات، لا تزال تشكل تهديدًا حقيقيًا للأرباح إذا لم تتم إدارتها بشكل دقيق. ويرى أن استعادة النمو الحقيقي تتطلب أكثر من مجرد افتتاح فروع جديدة؛ بل يجب على الشركة أيضًا استعادة ثقة المستهلكين، خصوصًا في السوقين الرئيسيتين: السعودية والإمارات، حيث تواجه منافسة شرسة من علامات تجارية متعددة.
من بدايات كويتية إلى انتشار إقليمي
تعود جذور "أمريكانا للمطاعم" إلى الكويت عام 1964، حيث تأسست الشركة لتصبح لاحقًا واحدة من أكبر مشغلي المطاعم في المنطقة. تدير المجموعة حاليًا علامات تجارية عالمية مثل "كنتاكي"، "بيتزا هت"، "هارديز"، "كريسبي كريم"، و"فرايديز"، بالإضافة إلى علامات مملوكة مثل "ويمبي" و"دجاج تكا"، وتغطي عملياتها 12 سوقًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي عام 1984، تم إدراج أسهم الشركة في سوق الكويت للأوراق المالية، ثم استحوذ رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، إلى جانب صندوق الاستثمارات العامة السعودي، على الشركة في عام 2016، قبل شطب أسهمها من بورصة الكويت في 2018، والعودة القوية في 2022 بإدراج مزدوج ومباشر في بورصتي السعودية وأبوظبي.
مفترق طرق... والإجابة في 2025؟
ختامًا، يمكن القول إن "أمريكانا" ليست شركة خاسرة، لكنها تقف اليوم عند مفترق طرق واضح. الأداء المالي يعاني، في حين لم تتوقف جهود التوسع والرقمنة. السؤال المطروح اليوم: هل تنجح الشركة في التحول من قصة إدراج واعدة إلى قصة نجاح مستدام؟ أم تبقى رهينة تقلبات السوق وتحديات التشغيل؟ الربع الأول من عام 2025 قد يحمل الإجابة الحاسمة.