رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الرسوم الجمركية والتضخم يعرقلان تعافي الأسهم الأمريكية رغم المكاسب الأخيرة

نشر
مستقبل وطن نيوز

رغم الارتفاع الكبير الذي شهدته الأسهم الأمريكية أمس الأربعاء، لا تُظهر المؤشرات أن مؤشر "إس آند بي 500" سينهي العام على ارتفاع. يعود ذلك إلى تاريخ المؤشر في مرات الانخفاض السابقة، حيث يُظهر السجل أنه نادرًا ما يحقق مكاسب سنوية بعد انخفاضات كبيرة.

فمن بين 16 مرة انخفض فيها المؤشر بنسبة 15% أو أكثر خلال أي فترة من العام، كما حدث قبل موجة الارتفاع الأخيرة، لم ينهِ المؤشر العام فترة الاثني عشر شهرًا على مكاسب سوى ثلاث مرات فقط. هذه البيانات جمعها رايان ديتريك من شركة "كارسون غروب" (Carson Group).

حالات استثنائية بفضل تدخل الفيدرالي

المرات الثلاث التي ارتفع فيها المؤشر رغم الانخفاضات الحادة كانت في أعوام 1982 و2009 و2020، وتزامنت جميعها مع تدخل مباشر من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لدعم الاقتصاد. ومع ذلك، لم يصدر عن البنك المركزي حتى الآن أي إشارة تفيد بنيّته القيام بخطوة مماثلة في الوقت القريب، في حين تهدد السياسات التجارية التي يتبناها البيت الأبيض بإعادة إشعال التضخم من جديد.

تعافي كبير في يوم واحد.. ولكن المخاوف مستمرة

شهد مؤشر "إس آند بي 500" يوم الأربعاء ارتفاعًا بنسبة تقارب 10%، متعافيًا من أسوأ موجة هبوط استمرت أربعة أيام، وهي الأشد منذ التدهور الذي أعقب تفشي جائحة كورونا في مارس 2020. وجاء هذا الانتعاش عقب تعليق الرئيس دونالد ترامب للرسوم الجمركية المرتفعة المتبادلة مع معظم الشركاء التجاريين لمدة 90 يومًا.

وأوضح رايان ديتريك أن "الوضع مختلف هذا العام عن السنوات الثلاث التي شهدت انتعاشًا كبيرًا في السوق". وأرجع ذلك إلى أن الاحتياطي الفيدرالي لا يُحتمل أن يتدخل هذه المرة، إذ لا يزال مسؤولوه يشعرون بقلق بالغ حيال التضخم، ما يضعهم في موقف معقد وصعب.

موقف الفيدرالي: الحذر لا يزال سيد الموقف

أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي أن البنك المركزي لا يتعجل اتخاذ خطوات لدعم السوق، رغم الأزمات التي سببتها القيود التجارية الأخيرة. وبينما يُتوقع أن تسهم الرسوم الجمركية الشاملة في زيادة الضغوط التضخمية وتباطؤ النمو الاقتصادي، لا يزال الفيدرالي مترددًا في اعتماد سياسة نقدية أكثر مرونة إلى أن تتضح الرؤية بشأن مستقبل التعريفات الجمركية.

دروس من الماضي: متى تدخل الفيدرالي لدعم الأسواق؟

يُظهر التاريخ أن تدخل الفيدرالي كان حاسمًا في دعم السوق في فترات الأزمات. ففي عام 2020، خفّض البنك أسعار الفائدة إلى الصفر ضمن حزمة من الإجراءات لدعم الاقتصاد المتضرر من الجائحة. ورغم انخفاض الأسهم بنسبة 31% في ذروة الأزمة، تمكنت من إنهاء العام مرتفعة بنسبة 16%.

وفي عام 2009، تكبد مؤشر "إس آند بي 500" خسائر بلغت 25%، لكنه أنهى العام على ارتفاع بنحو 24%، بعد أن أبقى صانعو السياسات على أسعار الفائدة منخفضة طوال عام 2008 لمحاربة الركود. أما في 1982، فقد أنهى المؤشر العام مرتفعًا بنسبة 15%، بعد أن واصل الفيدرالي بقيادة بول فولكر خفض أسعار الفائدة عن مستوياتها في العام السابق.

شكوك في "وول ستريت".. والأسواق تنتظر الحسم

على الرغم من الانتعاش الحالي، لا تزال "وول ستريت" تشك في إمكانية استمرار الارتفاع، خاصة مع استمرار فرض الرسوم الجمركية. ويُخشى أن تؤدي هذه السياسات إلى حالة من عدم اليقين في أوساط الشركات والمستهلكين الأميركيين، الأمر الذي قد يُفضي إلى ركود تضخمي أو حتى ركود اقتصادي شامل.

وأشارت كاثرين روني فيرا، كبيرة المحللين الاستراتيجيين لدى "ستون إكس غروب" (StoneX Group)، إلى أن "الضرر الاقتصادي واقع بالفعل، ومن المرجح أن تظهر بيانات مؤكدة لذلك قريبًا".

ومن المرتقب صدور بيانات جديدة حول أسعار المستهلكين يوم الخميس، وسط توقعات باستمرار التضخم في الارتفاع. ومع ظهور مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد، واحتمال خفض توقعات أرباح الشركات في موسم الإعلان عن النتائج، تبدو احتمالات تراجع تقييمات الأسهم قائمة بقوة، خاصة إذا ظلت أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة الحالية، وفقًا لما ذكره مات مالي من شركة "ميلر بلس تاباك آند كو" (Miller + Tabak & Co.).

واختتم مالي تصريحاته بالقول: "عند الجمع بين استمرار الرسوم الجمركية الصارمة والاحتفاظ بمعدلات الفائدة المرتفعة، سيكون من الصعب على السوق تحقيق انتعاش ملموس دون تدخل فعلي من الاحتياطي الفيدرالي".

عاجل