في الذكرى الـ48 لرحيل العندليب الأسمر.. كيف صنع عبدالحليم حافظ مجده الفني؟

تحلّ اليوم الأحد، الذكرى الثامنة والأربعون لرحيل العندليب عبدالحليم حافظ، الذي وُلد باسم عبد الحليم شبانة في 21 يونيو 1929، ورحل عن عالمنا في 30 مارس 1977، ويُعدّ واحدًا من أبرز رموز الغناء العربي إلى جانب فريد الأطرش، وأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد فوزي، وشادية، ونجاة الصغيرة، بفضل صوته العذب وأسلوبه المتجدد، لُقّب بـ"العندليب الأسمر"، وحققت أعماله انتشارًا واسعًا، إذ باع أكثر من 80 مليون أسطوانة موسيقية.
وُلِد عبدالحليم حافظ في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية، ليعيش تجربة اليُتم مبكرًا بعد وفاة والديه خلال عامه الأول، ونشأ في كنف خاله الحاج متولي عماشة، حيث بدأت علاقته المبكرة بالموسيقى، وكان شغفه بالغناء واضحًا منذ الطفولة، فتولى رئاسة فرقة الأناشيد في مدرسته، ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية، حيث درس التلحين وتخرج عام 1948، بدأ حياته المهنية كمدرس للموسيقى قبل أن ينضم إلى فرقة الإذاعة الموسيقية عازفًا على آلة الأوبوا عام 1950، ثم اكتشفه الإذاعي حافظ عبد الوهاب، الذي منحه اسمه الفني "حافظ".
مسيرة عبدالحليم حافظ الغنائية
انطلقت مسيرة عبدالحليم حافظ الغنائية عبر الإذاعة المصرية، ويقال إنه قُبل فيها بعد تقديمه قصيدة "لقاء" من كلمات صلاح عبد الصبور وألحان كمال الطويل عام 1951، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن البداية كانت عام 1952 بأغنية "يا حلو يا أسمر"، إلا أن النجاح الحقيقي جاء عام 1953 مع إعادة تقديمه أغنية "صافيني مرة"، التي لم تلقَ قبولًا في أول عرض لها، ومع إعلانه أغنية "على قد الشوق" عام 1954، ترسّخت مكانته في الساحة الغنائية، خصوصًا بعد تقديمها ضمن أول أفلامه "لحن الوفاء" عام 1955.
شهدت أعمال عبدالحليم حافظ تحولات بارزة، حيث بدأ مشواره الفني بأغانٍ تعكس التفاؤل والبهجة، لكنه مع تفاقم مرضه تدريجيًا منذ عام 1956، بدأ الطابع الحزين يطغى على أعماله، وتعاون مع كبار الملحنين مثل محمد الموجي، وكمال الطويل، وبليغ حمدي، كما لحّن له محمد عبد الوهاب عددًا من أشهر أغانيه مثل "أهواك"، و"نبتدي منين الحكاية"، و"فاتت جنبنا". وشكّل مع بليغ حمدي والشاعر محمد حمزة ثنائية مميزة قدّمت روائع مثل "زي الهوى"، و"حاول تفتكرني"، و"موعود"، و"أي دمعة حزن لا"، كما تعاون مع نزار قباني في "قارئة الفنجان" و"رسالة من تحت الماء"، من ألحان محمد الموجي.
بعد نكسة 1967، لعب عبدالحليم حافظ دورًا وطنيًا بارزًا من خلال حفلاته التي دعم بها المجهود الحربي، وكان من أبرزها حفله الشهير في قاعة ألبرت هول بلندن، وقدّم خلال مسيرته 230 أغنية، جمعت بين العاطفية والوطنية، كما شارك في 16 فيلمًا سينمائيًا، من بينها "الوسادة الخالية"، و"حكاية حب"، و"شارع الحب"، و"معبودة الجماهير"، و"أبي فوق الشجرة"، إضافة إلى تقديمه المسلسل الإذاعي الوحيد "أرجوك لا تفهمني بسرعة" عام 1973.
ظل العندليب يعاني من مضاعفات مرض البلهارسيا الذي أصيب به في طفولته، وتعرض لنزيف داخلي لأول مرة عام 1956، لاحقًا، أدى تليف الكبد الناتج عن المرض إلى تدهور حالته الصحية، حتى وافته المنية يوم 30 مارس 1977 في لندن، بعد إصابته بالتهاب كبدي فيروسي نتيجة نقل دم ملوث، ورغم رحيله، لا تزال أعماله تحظى بشعبية واسعة، ويُعتبر إرثه الفني من أعظم ما قدمته الموسيقى العربية.