رانيا المشاط: 6.3 تريليون دولار سنويًا تحتاجها الدول النامية لمواجهة التحديات المناخية

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الإعلان عن الفائزين ضمن النسخة الثالثة من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية يعد خطوة هامة ضمن الجهود التي تبذلها الحكومة لدعم التمويل الأخضر والتنمية المستدامة. وأوضحت أن هذه المبادرة تأتي في إطار استراتيجية الحكومة المصرية لتعزيز التمويل من أجل التنمية، حيث أطلقت وزارة التخطيط الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر، إلى جانب تقرير المتابعة الثاني لبرنامج "نُوَفِّي".
وأضافت أن هذه الجهود تأتي في إطار الاستعدادات لانعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، المقرر عقده في إسبانيا خلال يونيو 2025، حيث يستهدف المؤتمر صياغة رؤية دولية أكثر شمولًا وعدالة لمواجهة التحديات التنموية، وتحقيق هيكل مالي عالمي أكثر كفاءة لدعم التمويل المستدام.
المشهد العالمي للتمويل من أجل التنمية والعمل المناخي
سلطت الوزيرة الضوء على التحديات التي تواجه العالم في مجال التمويل الأخضر، مشيرة إلى تقرير فريق الخبراء رفيع المستوى الذي صدر خلال مؤتمر المناخ COP29 في أذربيجان. ووفقًا للتقرير، فإن العالم بحاجة إلى 6.3 تريليون دولار سنويًا بحلول 2030 لتمويل مشروعات التنمية المستدامة، فيما تحتاج البلدان النامية والناشئة إلى 2.3 تريليون دولار سنويًا لمواجهة التحديات المناخية.
كما أكدت الوزيرة أن تضييق الحيز المالي، وارتفاع تكلفة الديون، يشكلان تحديًا كبيرًا أمام الدول النامية، مما يستدعي توسيع نطاق آليات التمويل المبتكرة، مثل مبادلة الديون بالعمل المناخي، لدعم استثمارات القطاع الخاص وتقليل الأعباء المالية على موازنات الدول النامية.
وأشارت إلى أن آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية CBAM تمثل تحديًا كبيرًا أمام الدول الناشئة، حيث تحتاج تلك الدول إلى التأقلم مع المعايير البيئية الجديدة للحفاظ على تنافسية صادراتها في الأسواق العالمية.
الجهود الوطنية لدعم التمويل المستدام
استعرضت رانيا المشاط الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية منذ رئاسة مصر لمؤتمر المناخ COP27، حيث عملت مصر على تعزيز صوت الدول النامية في المحافل الدولية، والمطالبة بتطبيق التمويل العادل لضمان التنمية المستدامة. وأشارت إلى إطلاق "دليل شرم الشيخ للتمويل العادل"، والذي وضع مبادئ توجيهية لمساعدة الدول على تنفيذ خططها التنموية بشكل عادل ومستدام.
المنصة الوطنية لبرنامج "نُوَفِّي"
أوضحت الوزيرة أن المنصة الوطنية لبرنامج "نُوَفِّي" نجحت خلال العامين الماضيين في حشد 4 مليارات دولار من التمويلات الميسرة وجذب استثمارات القطاع الخاص، لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة بقدرة 4.2 جيجاوات.
وأشارت إلى أن البرنامج اعتمد على أدوات تمويل مبتكرة، مثل مبادلة الديون، ومنصات المنح والدعم الفني، ما جعله نموذجًا دوليًا للدمج بين جهود المناخ والتنمية.
تخضير الخطة الاستثمارية وزيادة المشروعات الخضراء
أكدت الوزيرة أن الحكومة المصرية تعمل على دمج معايير الاستدامة البيئية في الخطة الاستثمارية، من خلال تنفيذ "دليل معايير الاستدامة البيئية" بالتعاون مع الجهات الوطنية. وأشارت إلى أن هذا الدليل ساهم في زيادة نسبة المشروعات الخضراء في الاستثمارات العامة من 15% عام 2021 إلى 50% في 2025، مع استهداف الوصول إلى 55% في العام المالي المقبل.
كما كشفت عن تعاون الوزارة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لإطلاق "دليل إعداد الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية"، والذي يهدف إلى تعزيز جهود رؤية مصر 2030، وتحقيق التكامل مع الأهداف الأممية وأجندة أفريقيا 2063.
إطار موازني جديد لتعزيز الاستدامة المالية
أعلنت الوزيرة أنه بدءًا من العام المالي 2026/2027، سيتم تنفيذ الإطار الموازني متوسط المدى لإعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية كل ثلاث سنوات، وذلك وفقًا لقانون التخطيط الجديد. وأوضحت أن هذا التوجه سيعمل على تعظيم جهود تخضير الاستثمارات العامة وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي بما يدعم تحقيق التنمية المستدامة.
مصر تواصل جهودها لتعزيز التمويل الأخضر عالميًا
أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن مصر ملتزمة بتعزيز استراتيجيات التمويل الأخضر، والعمل على دمج التنمية المستدامة في كافة السياسات الاقتصادية. وأشارت إلى أن المبادرات الوطنية مثل برنامج "نُوَفِّي" والمشروعات الخضراء الذكية أصبحت نماذج رائدة دوليًا، مما يعكس نجاح مصر في وضع آليات تمويل مبتكرة لتعزيز الاقتصاد الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضحت أن المشاركة الفعالة في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية 2025 ستسهم في صياغة رؤية عالمية أكثر عدالة، ووضع استراتيجيات جديدة لدعم تمويل التنمية في الدول النامية، بما يحقق التكامل بين أهداف المناخ والاقتصاد المستدام.