رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أسهم النفط والغاز تقود المؤشرات الأمريكية مع تصاعد مخاوف التضخم

نشر
مستقبل وطن نيوز

يتجه المستثمرون بقوة نحو أسهم شركات إنتاج النفط والغاز في ظل تصاعد المخاوف بشأن التضخم، مما أعاد قطاع الطاقة إلى صدارة مؤشر "إس آند بي 500"، بعد فترة من التراجع خلال العامين الماضيين. ورغم انخفاض أسعار النفط بنسبة 6% منذ بداية 2025، فإن أسهم قطاع الطاقة سجلت ارتفاعًا بلغ 8%، في حين تراجع السوق الأوسع بنحو 4%.

هذا الأداء القوي جاء مدعومًا بعدة عوامل، أبرزها استمرار المخاوف المرتبطة بالتضخم، والدعم الحكومي الذي تعزز عقب اجتماع الرئيس دونالد ترامب مع مسؤولي شركات النفط. كما ساهمت التوترات الجيوسياسية في تعزيز الطلب على أسهم شركات النفط والغاز، ما دفع المستثمرين للعودة إلى هذا القطاع باعتباره ملاذًا آمنًا.

التحوط ضد التضخم يعزز جاذبية قطاع الطاقة

مع تزايد التوقعات بارتفاع معدلات التضخم على المدى الطويل، ينظر المستثمرون إلى قطاع الطاقة على أنه أداة تحوط فعالة. ويرى سايمون لاك، مدير محفظة في "كاتاليست إنرجي إنفراستركتشر فاند"، أن أسهم شركات الطاقة ما زالت في بداية موجة صعود، مشيرًا إلى أن القطاع لا يزال "غير مقدر بما فيه الكفاية" رغم ارتفاعه الأخير، خاصة مع استمرار دعم الحكومة الأمريكية لزيادة صادرات الطاقة.

تاريخ أداء القطاع في مواجهة الأزمات

شهد قطاع الطاقة آخر مرة تصدر فيها مؤشر "إس آند بي 500" لمدة عام كامل في 2022، عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، التي تجاوزت حينها حاجز 100 دولار للبرميل. أما في الوقت الحالي، فقد بلغ سعر برميل النفط نحو 67 دولارًا، وهو أقل بكثير من مستويات الذروة التي سجلها قبل عامين.

في 2024، تعرض قطاع الطاقة لضغوط كبيرة، إذ حقق نموًا لا يتجاوز 2%، في حين ارتفع السوق بشكل عام بأكثر من 20% مدفوعًا بازدهار أسهم التكنولوجيا. ولكن مع تزايد مخاوف التضخم وضعف أداء أسهم النمو، عاد المستثمرون إلى البحث عن خيارات أكثر استقرارًا، مما عزز جاذبية شركات النفط والغاز.

الاحتياطي الفيدرالي والتضخم.. قرارات مؤثرة على الأسواق

أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة "ميتشيغان" أن المستهلكين يتوقعون ارتفاع الأسعار بمعدل سنوي قدره 3.9% خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة، وهو أعلى معدل منذ أكثر من 30 عامًا. وجاء هذا الاستطلاع في وقت كشف فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع تقديراته لمعدلات التضخم المستقبلية.

وفي تعليق على نتائج الاستطلاع، وصف رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول هذه التوقعات بأنها "استثناء" وليست تمثيلية للواقع الاقتصادي. ومع ذلك، استمرت تدفقات الاستثمارات نحو سوق الأسهم، خاصة في قطاع الطاقة، حيث ضخ عملاء "بنك أوف أميركا" أموالًا في هذا القطاع أكثر من أي قطاع آخر مع دخول مؤشر "إس آند بي 500" مرحلة تصحيح الأسبوع الماضي. وكانت المؤسسات الاستثمارية هي المحرك الأكبر لهذه التدفقات، حيث سجلت أكبر مشتريات منذ أزمة بنك سيليكون فالي.

التحديات التي تواجه انتعاش قطاع الطاقة

رغم التفاؤل الحالي، فإن قطاع الطاقة يواجه عدة تحديات قد تعيق استمرار انتعاشه، أبرزها:

  • سياسات إدارة ترامب وتأثيرها على أسعار النفط.
  • إمكانية تدفق المزيد من النفط الروسي إلى الأسواق، في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
  • تحركات الإدارة الأمريكية لكبح ارتفاع أسعار النفط، وهو ما قد يؤثر على هوامش أرباح الشركات.

وفقًا لـ إريك نوتال، مدير المحافظ في "ناين بوينت بارتنرز"، فإن القطاع يواجه "سيلاً من الشكوك"، لكن المستثمرين ما زالوا يرون فيه فرصة نمو قوية مقارنة بالقطاعات الأخرى.

وول ستريت تراهن على قطاع الطاقة

أصبحت "وول ستريت" أكثر تفاؤلًا تجاه أسهم شركات النفط والغاز، حيث شهد القطاع مؤخرًا تعديلات إيجابية في تقديرات الأرباح، بعد أن تعرض لموجة تخفيضات العام الماضي. في المقابل، تواجه قطاعات أخرى ضمن "إس آند بي 500" تراجعات في التصنيفات، وفقًا لتقارير "بنك باركليز".

ورغم الأداء الضعيف سابقًا، تُعد أسهم شركات الطاقة من بين الأقل سعرًا مقارنة بالقطاعات الأخرى، مما يجعلها جذابة للمستثمرين الباحثين عن قيمة أفضل مقابل السعر. ومع تراجع أسهم التكنولوجيا ذات النمو المرتفع، أصبح قطاع الطاقة وجهة مفضلة لرأس المال الاستثماري.

توقعات بنمو أرباح قطاع الطاقة

يتوقع المحللون أن يسجل قطاع الطاقة نموًا في الأرباح بنسبة تتجاوز 10% في الربع الثالث من 2025، بينما قد يصل النمو في الربع الرابع إلى 20%، متفوقًا على معظم القطاعات الأخرى في السوق، وفقًا لبيانات "بلومبرغ إنتليجنس".

وفي هذا السياق، أكد سايمون لاك أن القطاع كان خارج دائرة اهتمام المستثمرين لفترة طويلة، لكنه عاد الآن ليكون أحد القطاعات الرائدة، بفضل الدعم الحكومي وزيادة الطلب على الطاقة عالميًا.

ورغم التحديات، يشهد قطاع الطاقة انتعاشًا قويًا مدعومًا بمخاوف التضخم، والسياسات الحكومية، والتقلبات الجيوسياسية. ومع استمرار تدفقات الاستثمار نحو أسهم شركات النفط والغاز، يبدو أن القطاع سيواصل تحقيق مكاسب قوية خلال العام الجاري، ما لم تحدث تطورات غير متوقعة تؤثر على معادلة العرض والطلب في الأسواق العالمية.

عاجل