تركيا ترفع الضرائب على الودائع لدعم الميزانية وتحقيق التوازن المالي
أصدرت الحكومة التركية مرسومًا رئاسيًا يقضي برفع الضرائب على الودائع والصناديق المالية، في محاولة لتعزيز إيرادات الميزانية وتقليل جاذبية الأصول المقومة بالليرة. يأتي هذا القرار في سياق السياسات الاقتصادية الجديدة التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي بعد فترة من السياسات النقدية التيسيرية.
تفاصيل زيادة الضرائب على الودائع
وفقًا للمرسوم الرئاسي الصادر يوم السبت، ارتفعت الضريبة على الودائع ذات الاستحقاق الذي يصل إلى ستة أشهر من 10% إلى 15%، بينما زادت الضريبة على الودائع التي تتراوح مدتها بين ستة أشهر وسنة واحدة من 7.5% إلى 12%. كذلك، تم رفع الضريبة على الودائع التي تتجاوز مدة عام واحد من 5% إلى 10%.
أما فيما يخص الصناديق المالية، فقد ارتفعت الضرائب على الصناديق، باستثناء الصناديق التي تستثمر بكثافة في الأسهم، إلى 15%، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإيرادات المالية للدولة.
أسباب القرار وتأثيره على الميزانية
يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الخطوة تأتي ضمن إطار السياسات النقدية التقليدية التي بدأت تركيا في تبنيها بعد مايو 2023. وفي هذا السياق، صرّح كاجداس دوغان، مدير الأبحاث في شركة "تيرا للاستثمار" بإسطنبول، بأن الضريبة على الودائع كانت في الأصل 15%، لكنها خُفّضت إلى 0% سابقًا من أجل تشجيع الاستثمار في الأصول المقومة بالليرة خلال فترة خفض أسعار الفائدة.
وأوضح دوغان أن رفع الضرائب مرة أخرى يعكس تحولًا نحو سياسات مالية أكثر تقليدية، بهدف تعزيز إيرادات الميزانية، خاصةً أن عجز الميزانية الحكومية المركزية في تركيا بلغ 2.1 تريليون ليرة (59 مليار دولار) لعام 2024، مقارنةً بـ1.4 تريليون ليرة في 2023.
التأثير المحتمل على المدخرين وسوق المال
يُتوقع أن تؤدي هذه الزيادة في الضرائب إلى تقليل جاذبية الودائع بالليرة التركية، مما قد يدفع المدخرين إلى البحث عن بدائل استثمارية أخرى، مثل شراء الدولار أو الاستثمار في الأسهم المحلية. ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذا القرار لا يُعتبر بمثابة خفض لسعر الفائدة، إذ إنه لا يؤثر بشكل مباشر على تكلفة البنوك، لكنه قد يدفعها إلى رفع أسعار الفائدة على الودائع لجذب العملاء.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي التركي، بلغ متوسط سعر الفائدة المرجح على الودائع لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر 53.6% حتى 24 يناير، وهو أدنى مستوى منذ الأول من مارس.
اتجاهات التضخم وأسعار الفائدة
من المتوقع أن يتباطأ التضخم السنوي في تركيا إلى 41% في يناير، مقارنةً بـ44.4% في ديسمبر. وكان البنك المركزي قد أجرى تخفيضين متتاليين لسعر الفائدة، ليصل إلى 45% في يناير، في إطار سعيه لخفض التضخم إلى 21% بنهاية العام.
يُذكر أن آخر تعديل للضرائب على الودائع كان في نوفمبر الماضي، حيث فرضت الحكومة آنذاك ضريبة بنسبة 10% على صناديق أسواق المال.
هل تنخفض أسعار الفائدة في 2025؟
في ظل هذه التغيرات، أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أسعار الفائدة في تركيا ستنخفض بالتأكيد في 2025، مما يعكس توجه الحكومة نحو تخفيف السياسة النقدية بعد تحقيق قدر من الاستقرار المالي.
تمثل هذه التعديلات الضريبية خطوة جديدة في السياسة المالية التركية، حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز إيراداتها وتقليل العجز في الميزانية. ومع ذلك، يبقى التأثير الفعلي لهذه القرارات مرهونًا بتفاعل الأسواق ومدى قدرة البنوك على امتصاص تداعيات ارتفاع الضرائب، خاصةً فيما يتعلق بجاذبية الأصول المقومة بالليرة مقارنةً بالخيارات الاستثمارية الأخرى.