دراسة وتحقيق كتاب البيروني عن الأحجار الكريمة في ندوة بفعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب
شهد جناح وزارة الثقافة المصرية في فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 ندوة بعنوان "التراث الحضاري". تم خلالها مناقشة كتاب "الجماهر في معرفة الجواهر"، الذي ألفه العالم الفارسي أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، وقام بدراسته وتحقيقه الدكتور طارق نازل. الكتاب صادر عن سلسلة التراث الحضاري بالهيئة المصرية العامة للكتاب.
الحضور وأهداف الندوة
حضر الندوة محقق الكتاب الدكتور طارق نازل، أستاذ ترميم الأحجار الأثرية والعميد السابق لمعهد الدراسات العليا للبردي والنقوش بجامعة عين شمس، بالإضافة إلى الدكتور علاء الدين محمود. أدارت النقاش الناقدة سلوى بكر التي أكدت على أهمية الكتاب بوصفه مرجعًا غنيًا للمعلومات عن الأحجار الكريمة، حيث عرض فيه البيروني وصفًا دقيقًا للأحجار الكريمة من حيث الصفات والعيوب، أماكن وجودها، وفوائدها، بالإضافة إلى طرق إصلاحها وجداول أسعارها في مختلف البلدان عبر العصور.
وأشارت سلوى بكر إلى أن الكتاب لا غنى عنه لأي باحث أو هاوٍ للأحجار الكريمة، حيث خصص فصولًا تتعلق بالفلزات مثل الزئبق، الذهب، الفضة، النحاس، الحديد، والإسرب. وقد تناول الكتاب أيضًا أشهر القطع النفيسة من هذه الأحجار.
الإضافة العلمية للدكتور طارق نازل
من جهته، قال الدكتور علاء الدين محمود إن دراسة كتاب "الجماهر في معرفة الجواهر" تُعد إنجازًا مهمًا في مجال دراسة علم المعادن. وأوضح أن البيروني لم يكن مختصًا في المعادن فقط، بل ألف في العديد من العلوم، من بينها كتاب "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة"، الذي يُعد من أبرز الدراسات الأنثروبولوجية الرائدة في تاريخ العلم. وأكد محمود أن الكتاب يوضح معلومات هامة حول قيمة الماس لدى العرب والمسلمين، مشيرًا إلى أن الماس كان يُعتبر أقل قيمة من العديد من الأحجار الكريمة الأخرى مثل الياقوت والزمرد واللؤلؤ.
الطبعة الجديدة والإضافة العلمية
على الرغم من أن الكتاب قد تم تحقيقه ونشره سابقًا لأول مرة بواسطة المستشرق الألماني فريتز كرنكو في عام 1936م في حيدر آباد بالهند، إلا أن الطبعة التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب قدمت إضافة علمية كبيرة من حيث التحقيق والدراسة. وأوضح الدكتور علاء الدين محمود أن هذه الطبعة أظهرت أن البيروني قد سبق عصر النهضة في نقل علم المعادن من مرحلة العلم الوصفي إلى مرحلة العلم الدقيق الذي يعتمد على الأرقام والمعادلات الحسابية.
تأكيدًا على سبق العرب في دراسة الخواص البلورية
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور طارق نازل على أهمية كتاب البيروني في ذكر الماس كأحد الأحجار الكريمة المميزة. وأضاف أن التحقيق أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن المسلمين والعرب قد سبقوا العالم الغربي بحوالي خمسة قرون في دراسة الخواص البلورية والبصرية للماس. وأشار إلى تعليق الباحث الروسي بورمين الذي استشهد بفقرات من كتاب بليني الروماني، الذي أبدى تعجبًا لعدم اهتمامه بالقيم الجمالية للماس، مما يعكس تفوق العلماء العرب والمسلمين في هذا المجال.