أسد معركة الإسماعيلية.. « مصطفى رفعت » أسطورة الشجاعة الوطنية

البطل مصطفى رفعت .. في صباح يوم شتائي هادئ من يوم 25 يناير 1952، تحّولت مدينة الإسماعيلية إلى ساحة حرب ملتهبة للدفاع عن الكرامة والتراب الوطني وصولًا سيظل يذكره التاريخ في صفحات وطننا الغالي «مصر»، كتب أحد أبطال هذا المشهد البطولي، اسمه بأحرف من نور، هو ذلك الشاب في مقتبل عمره، إنه مصطفى رفعت ، ضابط الشرطة الذي قرر أن يواجه المحتل البريطاني بكل ما أوتي من عزيمة، برفقة زملائه الذين رفضوا الاستسلام أو الانسحاب من مواقعهم.
وسط القصف المتواصل وإطلاق الرصاص، تلقى مصطفى رفعت اتصالًا من وزير الداخلية آنذاك، فؤاد سراج الدين، كان الوزير يسأله عن الموقف، لكن رد رفعت كان حاسمًا وقاطعًا: «لن نستسلم يا فندم، وسنظل في مواقعنا حتى النهاية»، كلمات ربما تبدو بسيطة، لكنها حمّلت روح شعب بأكمله.
على مدار ثلاث ساعات من القتال، واجه رجال الشرطة بأسلحتهم البسيطة القوات البريطانية المدججة بالدبابات والمدافع.
مصطفى رفعت، ذلك الضابط الشاب، لم يتردد في الوقوف على خط النار، مدافعًا عن كرامة وطنه، بينما كانت زخات الرصاص تمر من حوله، عندما انتهت المعركة، اعترف القائد البريطاني الجنرال أكسهام بشجاعة المصريين، بل وأمر جنوده بأداء التحية العسكرية تكريمًا لهؤلاء الأبطال الذين قاتلوا بشرف واستسلموا بشرف.
لم تكن معركة الإسماعيلية سوى بداية لمسيرة مصطفى رفعت الحافلة، بعد أن أُعيد إلى الخدمة بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر، تقديرًا لتضحياته، انطلق رفعت في طريق جديد لخدمة بلاده، لم يكتف بدوره كضابط شرطة، بل شارك في تدريب أبطال المقاومة الشعبية بمنطقة القناة، مؤكدًا أن النضال ليس فقط في ميادين القتال، بل في بناء أجيال تعرف معنى الولاء للوطن.
أزمة الزاوية الحمراء: اختبار آخر للشجاعة
عام 1981، ومع تصاعد أزمة "الزاوية الحمراء"، كُلّف رفعت بمتابعة الأحداث على الأرض، اختفى لثلاثة أيام في ظل ظروف صعبة، لكنه كان على يقين بأن واجبه الأول هو حماية أرواح الأبرياء والحفاظ على استقرار الوطن.
الرحيل وخلود الاسم
بعد مسيرة امتدت لعقود من العطاء، رحل مصطفى رفعت عن عالمنا في 13 يوليو 2012، ومع رحيله، بقيت ذكراه محفورة في قلوب المصريين، ليس فقط كبطل في معركة الإسماعيلية، بل كرجل عاش حياته فداءً لوطنه.
في كل عام، يأتي عيد الشرطة ليذكرنا بقصة مصطفى رفعت، الرجل الذي لم ينكسر أمام قوى الاحتلال، والذي جسّد معنى الشجاعة في أصعب اللحظات، لم يكن مجرد ضابط شرطة، بل كان رمزًا للوطنية الحقيقية، عنوانًا للكرامة، وبطلاً لن ينساه التاريخ أبدًا.