رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أبوالغيط: إهدار الحق الفلسطيني تهديد ماثل للأمن والسلم الدوليين

نشر
مستقبل وطن نيوز

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أهمية الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد 15 شهراً من حرب الإبادة الجماعية الإجرامية على القطاع، مشيرا إلى أن إهدار الحق الفلسطيني هو تهديد ماثل للأمن والسلم الدوليين على نحو ما شاهدنا خلال الشهور الماضية من حربٍ لم تقف عند حدود غزة أو فلسطين، بل امتدت نيرانها إلى المنطقة.

جاء ذلك في إحاطة أبوالغيط، خلال جلسة مجلس الأمن رفيعة المستوى حول البند الدائم المعنون "التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية: التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية"، والتي عقدت اليوم الخميس، برئاسة أحمد عطاف وزير خارجية جمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بصفتها رئيس المجلس لهذا الشهر.

ورحب أبوالغيط، في إحاطته التي وزعتها الجامعة العربية، اليوم، مجددا بنجاح مساعي الوساطة الثلاثية الإقليمية الدولية في إبرام الاتفاق بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بعد 15 شهراً من حرب الإبادة الجماعية الإجرامية على قطاع غزة.

وشدد على أن وقف إطلاق النار ليس حلاً دائماً، وأن أساس السلام لن يتحقق إلاّ بحصول الشعب الفلسطيني على حقه في تجسيد دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأعرب أبوالغيط، عن تطلعه لتشجيع وتبني مجلس الأمن لمبادرة التحالف الدولي لدعم تنفيذ حل الدولتين، والتي تتشرف الجامعة العربية بأنها شاركت في تشكيله مع المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والنرويج ودول أخرى محبة للسلام.

كما أعرب عن تطلعه إلى انخراط أكبر من مجلس الأمن في هذا الجهد تنفيذاً لقراراته العديدة في هذا الخصوص.

وجدد أبوالغيط، التهنئة للبنان على انتخاب الرئيس "جوزيف عون" رئيسا للبلاد وإنهاء الشغور الذي طال أكثر من سنتين، مرحبا بالتوافق العريض الذي حصل حول تسمية القاضي نواف سلام رئيساً للحكومة.

وأعرب أبوالغيط، عن تطلعه إلى أن يشهد لبنان بداية جديدة من الاستقرار وإعادة البناء ودوران عجلة الاقتصاد، منوها في هذا الصدد بضرورة الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وتمديد هذا الاتفاق عبر التنفيذ الدقيق للقرار 1701 بتحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وانتشار الجيش اللبناني في المناطق التي يجري الانسحاب منها.

وفيما يخص تطورات الأوضاع في سوريا، أكد أبوالغيط، أن الجامعة العربية تؤيد إرادة الشعب السوري وتطلعاته إلى حياة أفضل بعد معاناة طويلة طالت مختلف السوريين على يد النظام السابق، مشيرا إلى أنه كلف بعثة من الأمانة العامة برئاسة موفد شخصي منه بزيارة سوريا والتعرف على الأوضاع الجديدة وهو ما تم في 18 و19 من الشهر الجاري وحيث قمنا بتوزيع تقرير متكامل على دولنا الأعضاء حتى نساعدها في تبين الحقائق.

وأضاف أنه من المأمول أن تشهد سوريا عملية انتقال سياسي ناجحة تمهد لخروجها من أزمتها دون تدخلات أو إملاءات خارجية مع الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها وتكامل ترابها الوطني، محذرا في هذا الصدد، من خطورة الأطماع التوسعية الإسرائيلية في سوريا، استغلالاً للظرف الدقيق الذي تمر به، مشددا على ضرورة الالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 باعتبارها أساساً للهدوء بين سوريا وإسرائيل.

كما أكد أن احتلال الجولان باطلٌ قانونياً ولا مبرر له سوى رغبات إسرائيل التوسعية بموجب قرارات مجلس الأمن.

وشدد أبوالغيط، على أن الجامعة العربية تدعم السودان وهو يخوض حرباً هي الأشد كلفة من الناحية الإنسانية على صعيد العالم، وتقف مع وحدة السودان ووحدة مؤسساته الوطنية، داعيا الأطراف السودانية إلى وقف الصدام العسكري، والعودة إلى مسارات التهدئة والحوار الأخوي البناء القائم على الحكمة وروح الوطنية تغليباً للمصلحة العليا للسودان واستقراره، مؤكدا حسن التعاون والتنسيق القائم بين الجامعة العربية وبين الأمم المتحدة ومبعوث السكرتير العام الشخصي، ووكالاتها المتخصصة في إطار معالجة المنحى الإنساني في السودان.

وقال أبوالغيط: "إننا نتطلع للعمل مع مجلس الأمن من أجل بناء سلام مستدام في السودان عبر استعادة الهدوء تمهيدا للوصول إلى تسوية شاملة تلبي تطلعات الشعب السوداني وتحفظ وحدته وسيادته على أراضيه، ونتطلع لدعم مجلس الأمن لجهود الجامعة العربية وبالذات في ترشيد مبادرات السلام والتنسيق بينها، جنباً إلى جنب مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي".

وبشأن ليبيا.. قال أبوالغيط "إن الجامعة العربية تتطلع إلى مزيد من التنسيق من جانب الأمم المتحدة لأجل استئناف العملية السياسية في أقرب فرصة، كما نسعى جاهدين بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي ودول الجوار الليبي إلى توحيد أطياف المجتمع الليبي تحت قيادة موحدة"،

وأكد تطلع الجامعة العربية إلى دعم مجلس الأمن لهذه الجهود والمساعي الرامية إلى مساعدة ليبيا الشقيقة للخروج من أزمتها السياسية المعقدة بعيداً عن تأثير الأجندات الخارجية، والتي تبدأ بتعيين مبعوث خاص للسكرتير العام، وحيث نفضل أن يكون من المُلمين بالثقافة العربية والتقاليد الليبية.

وأضاف أبوالغيط، أن "الجامعة العربية تعزز من انخراطها مع الصومال الشقيق لحماية سيادته ووحدته الترابية ولتعزيز التنمية المستدامة للمجتمع الصومالي، على نحو يحترم إرادته وسيادته"، متوجها بالتهنئة للصومال، الذي يعتز بانتمائه إلى الجامعة العربية، على نيله العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن للسنتين القادمتين، مؤكدا استمرار دعم الجامعة العربية له في الحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه.

وتابع: "إن الإطار المفاهيمي يشكل عنصراً جوهرياً في جهودنا المشتركة للتصدي للتحديات العالمية، ومنها الجوائح المرضية والنزاعات المسلحة، والإرهاب والتطرف العنيف، والأمن الغذائي، والأمن المائي، والتصحر، وتغير المناخ، والحد من مخاطر الكوارث والأزمات وانعكاساتها على الطبقات المختلفة بمجتمعاتنا وغيرها".

وأردف أبوالغيط: "إن جهودنا المشتركة تتقاطع في التعامل مع هذه التحديات مع جهود الأمم المتحدة، إلا أنها تتطلب تعزيزاً أكبر من خلال تفعيل الزيارات المتبادلة على المستوى الأممي، بما في ذلك الإسراع بالزيارة المرتقبة لأعضاء مجلس الأمن إلى مقر جامعة الدول العربية، بعد أخر زيارة عام 2016، من أجل عقد اجتماعات مكثفة مع مجلس الجامعة بالقاهرة". 

وأكد أنه مع تزايد الاهتمام الدولي بالجوانب المتصلة بالمساعدات الإنسانية الهادفة للتخفيف من معاناة الشعوب لدى مواجهتها تحديات وأزمات، خاصة الأوضاع الإنسانية في مناطق النزاعات، تبذل الجامعة العربية جهوداً مكثفة لدعم قطاع المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة لدى تعامله مع الأوضاع الإنسانية في الدول العربية مثل سوريا واليمن وليبيا والسودان. 

وفي هذا الخصوص.. قال أبوالغيط، إن "الجامعة العربية تلفت الانتباه لخطورة الخطط والقرارات الإسرائيلية الرامية إلى تقويض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) والقضاء على دورها المهم- والذي لا بديل عنه ـ في خدمة اللاجئين الفلسطينيين"، مؤكدا أن وكالة (الأونروا) لا تقوم فقط بدور إنساني وإنما هي ركيزة استقرار مهمة في منطقتنا، وأن القضاء على دورها تهديد مباشر لهذا الاستقرار، متطلعا لدور حاسم لمجلس الأمن في الدفاع عن هذه الوكالة المتخصصة التي تقوم بدور لا غِنى عنه.

وأكد أن جامعة الدول العربية تتطلع إلى انخراط أكبر في تسوية القضايا العربية المطروحة على أجندة مجلس الأمن، وذلك من خلال تعميق التعاون مع المبعوثين الخاصين للسكرتير العام للأمم المتحدة في مناطق النزاع العربية، حيث نرحب بالزيارات التي يقوم بها بعض المبعوثين إلى الأمانة العامة للجامعة باستمرار، كما نرحب بالتعاون في اختيار فعال للعناصر الأممية لقيادة العمل الدولي في منطقتنا من خلال الاستعانة بالكفاءات العربية التي تستطيع الجامعة اقتراحها، للإسهام الفعال في تعزيز فرص التوصل لاتفاقات لصالح الدول والشعوب العربية في مرحلة نواجه خلالها تحديات غير مسبوقة.

وأوضح أن جدول أعمال مجلس الأمن يزخر بالموضوعات العربية، فمن قضية فلسطين إلى الأوضاع في السودان وسوريا ولبنان وليبيا واليمن والصومال، لافتا إلى أن الشواغل واحدة بين الجامعة العربية ومجلس الأمن، وهو ما يحتم علينا تكثيف التعاون بيننا من أجل محاولة إغلاق ملفات الأزمات المفتوحة تعزيزاً للأمن الإقليمي والدولي وتحقيقاً للعدالة.

وقال أبوالغيط، إن المرحلة الحالية تشهد تنافساً دولياً استراتيجياً بين قوى كبيرة على مستوي العالم، وقد انعكس ذلك في ارتفاع منسوب التوترات داخل مجلس الأمن على نحو أثرَّ سلباً مع الأسف على التعامل مع القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وأكد أنه من الضروري أن يستمر تطوير الإطار المفاهيمي والعملياتي للتعاون بين الجامعة العربية ومجلس الأمن، تأسيسًا على دور المجلس التاريخي في التعامل مع القضايا العربية، وذلك استثمارًا للميثاق الأممي المستقبلي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79، والذي يؤكد حتمية تعزيز أسس هذا التعاون، لا سيما في المرحلة الحالية التي تشهد إعادة صياغة لمعالم النظام الدولي المتعدد الأطراف من خلال منظومة الأمم المتحدة.

وتقدم أبوالغيط، بخالص التهنئة إلى الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية على توليها رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، معبرا عن عميق التقدير للدور الذي تضطلع به بصفتها العضو العربي في المجلس، مشيدا بصفة خاصة بالمبادرة بعقد هذه الجلسة الهامة تحت رئاسة الجزائر من أجل تدعيم العلاقة بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن.

عاجل