مرصد الأزهر يدعو لتفعيل حقوق المواطنة وضمان حرية العبادة لمكافحة الإسلاموفوبيا
قال مرصد الأزهر في تقرير له إن قضية الإسلاموفوبيا أصبحت مصدر قلق متزايد للمسلمين حول العالم وللمهتمين بقضايا حقوق الإنسان. وتُعد هذه الظاهرة تهديدًا خطيرًا للتماسك الاجتماعي في المجتمعات المتأثرة بها، حيث إن تجاهلها وعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد منها قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة. وعلى الرغم من أن العدائية تجاه المسلمين في الغرب قد تصاعدت في السنوات الأخيرة، إلا أن جذور هذه الظاهرة تمتد إلى فترة أقدم بكثير، حيث تعود إلى صورة مشوهة عن المسلمين تم ترويجها عبر القرون الماضية.
وأشار مرصد الأزهر إلى أن الإسلاموفوبيا يتم تغذيتها حاليًا من خلال صعود تيارات اليمين المتطرف التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية واجتماعية معينة. كما تسهم وسائل الإعلام، عبر تقاريرها غير الموضوعية، في تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين في المجتمعات الغربية، مما يزيد من انتشار هذه الظاهرة ويفاقم من تأثيراتها السلبية على العلاقات بين الأفراد والجماعات.
ارتفاع معدلات الإسلاموفوبيا بعد 7 أكتوبر 2023
أوضح المرصد أن معدلات الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية ضد المسلمين شهدت ارتفاعًا غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر 2023. في بعض الدول الأوروبية، بلغت نسبة الزيادة في هذه الجرائم 500% أو أكثر. كما شهدت قارة أستراليا قفزة كبيرة في حوادث معاداة الإسلام والجرائم الموجهة ضد المسلمين والفلسطينيين، حيث سجلت النسبة 1300% وفقًا لتقرير منظمة "إسلاموفوبيا ريجستر"، وهي منظمة غير حكومية معنية برصد حوادث معاداة الإسلام في أستراليا.
أنواع الاعتداءات ضد المسلمين
تنوعت الاعتداءات ضد المسلمين في الفترة الأخيرة، شملت اعتداءات لفظية مثل السبّ والاتهام بالإرهاب والتطرف، إلى جانب التهديد بالقتل، أو الدعوات للمسلمين والعرب بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. كما تنوعت الاعتداءات الجسدية لتشمل التحرش، ومحاولة نزع الحجاب عن النساء المحجبات وتمزيقه بحجة حملهن قنابل تحته، بالإضافة إلى صفعات وضربات مباشرة. وقد تعرضت أيضًا دور العبادة الإسلامية، مثل المساجد والمراكز الإسلامية، لأعمال تخريب، حيث تم رسم رسومات وكتابة عبارات مسيئة على جدرانها.
ولم تقتصر الممارسات العدائية على الشوارع فقط، بل امتدت إلى أماكن العمل والمنصات الإعلامية المختلفة، خاصة الحسابات التابعة لبعض المحطات الإعلامية على منصة "إنستغرام". هذه الممارسات تُظهر أوجهًا متعددة للعنصرية ضد المسلمين والعرب، مما يزيد من تعقيد المشكلة ويعرقل جهود بناء مجتمعات تسود فيها قيم التعايش والمساواة.
توصيات مرصد الأزهر لمكافحة الإسلاموفوبيا
في ختام التقرير، دعا مرصد الأزهر إلى تعزيز حقوق المواطنة الكاملة لضمان المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع أفراد المجتمع. كما شدد على ضرورة ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، وحماية دور العبادة من أي اعتداءات. وأكد المرصد على أهمية الاعتراف بوجود ظاهرة الإسلاموفوبيا كحقيقة قائمة وزيادة الوعي بتفاقمها منذ أحداث 7 أكتوبر 2023.
وأوصى التقرير بوضع تشريعات واضحة لمكافحة الإسلاموفوبيا ومعاقبة مرتكبيها، مع أهمية الفصل بين الجوانب الاجتماعية والدينية والسياسية. كما شجع التقرير على الإبلاغ عن جرائم الكراهية ضد المسلمين، مع إدانة الجرائم الإرهابية وتجريمها بشدة. وأخيرًا، دعا التقرير إلى احترام المقدسات الدينية للآخرين، والعمل على تعزيز التعايش السلمي القائم على الاعتراف بالآخر واحترامه دون انتقاص أو تهميش.