ولاية ترامب الثانية تهدد بإعادة تشكيل السياسات الضريبية العالمية
ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الولاية الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، قد تؤدي إلى تصعيد الخلافات العالمية حول الضرائب. وأعرب الخبراء عن قلقهم بشأن التهديدات الجمهورية بمعاقبة الدول التي تفرض رسومًا إضافية على الشركات متعددة الجنسيات الأمريكية، مما قد يعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية الدولية.
الخلاف حول الاتفاقية الضريبية العالمية
تتركز النزاعات على رفض الجمهوريين لعنصر رئيسي في اتفاقية ضريبية عالمية تم التوصل إليها تحت إشراف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. تسمح هذه الاتفاقية، التي بدأ تطبيقها هذا العام، للدول بفرض ضرائب إضافية على الشركات متعددة الجنسيات الأمريكية إذا كانت تدفع أقل من 15% من ضريبة الشركات.
ووصف آلان ماكلين، رئيس لجنة الضرائب في المنظمة، هذه الخطوة بأنها قد تؤدي إلى نتائج سلبية على الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن فرض تعريفات جمركية كرد فعل على التدابير الضريبية العالمية قد يزيد التكاليف التشغيلية للشركات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين، وهو ما يثير قلق المراقبين الاقتصاديين.
الاتحاد الأوروبي في مرمى الجمهوريين
يعتقد خبراء الضرائب أن الاتحاد الأوروبي قد يكون المستهدف الرئيسي من قبل الجمهوريين، الذين يرون في قاعدة "الأرباح غير الخاضعة للضريبة" جزءًا من الاتفاقية الضريبية، أنها تمييزية ضد الشركات الأمريكية. تسمح هذه القاعدة للدول بفرض ضرائب إضافية على الشركات التابعة لمجموعات متعددة الجنسيات إذا كانت معدلات الضريبة أقل من الحد الأدنى المحدد.
ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن الاتحاد الأوروبي قد يسعى للتوصل إلى تسوية مع ترامب تتضمن تقديم امتيازات تجارية لصادراته مقابل تخفيف موقفه من التعريفات الجمركية. لكن هذا الاحتمال يواجه عوائق، نظرًا لأن أي تعديل في موقف الاتحاد الأوروبي يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة. يُذكر أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بفائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة بلغ 158 مليار يورو، بحسب المفوضية الأوروبية.
تهديدات ترامب وسياسات الحماية التجارية
ترامب لم يخفِ توجهاته نحو فرض سياسات حمائية منذ فوزه بالانتخابات. فقد هدد بتمزيق اتفاقية التجارة الحرة مع كندا والمكسيك وفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات منهما، كما أشار إلى استعداده لفرض رسوم جمركية على الدول التي يعتبرها تهدد مصالح الشركات والأسر الأمريكية.
تفاصيل الاتفاقية الضريبية العالمية
تتكون الاتفاقية الضريبية من ركيزتين رئيسيتين:
- إعلان الأرباح ودفع الضرائب: تلزم الركيزة الأولى الشركات متعددة الجنسيات الكبرى بالكشف عن أرباحها ودفع ضرائب إضافية في الدول التي تعمل فيها.
- الضريبة العالمية الأدنى: تفرض الركيزة الثانية حدًا أدنى عالميًا للضريبة بنسبة 15%، للحد من تهرب الشركات متعددة الجنسيات من دفع الضرائب عبر نقل مقارها إلى دول ذات معدلات ضريبية منخفضة.
موقف المشرعين الجمهوريين
أعرب مشرعون جمهوريون في الكونجرس الأمريكي عن معارضتهم القوية لـ"قاعدة الأرباح غير الخاضعة للضريبة"، ووصفوها بأنها تمييزية وتؤثر على المصالح الأمريكية. وأشاروا إلى أن هذه القاعدة تتجاوز الحدود الإقليمية وتفرض ضرائب إضافية على الشركات الأمريكية بشكل غير عادل.
الدول الموقعة على الاتفاقية
تم تشريع القاعدة حتى الآن في عدد من الدول، من بينها أستراليا، وكندا، واليابان، ونيوزيلندا، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، قد تسعى بعض الدول إلى تأجيل تطبيق هذه القاعدة حتى ما بعد عام 2026 لتجنب تعريض الشركات الأمريكية لضغوط إضافية.
وتصاعد الخلافات بشأن الضرائب العالمية يشير إلى احتمالات اضطراب في العلاقات الاقتصادية الدولية خلال السنوات القادمة. وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لتطبيق نظام ضريبي أكثر عدالة، قد تقف السياسات الجمهورية بقيادة ترامب عائقًا أمام هذا المسار، مما يثير مخاوف من تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي العالمي.