بدء عزاء بشير الديك.. وداع أحد أعمدة السينما الواقعية في مصر
بدأ منذ قليل عزاء السيناريست الراحل بشير الديك، الذي يُقام في مسجد الشرطة بالشيخ زايد، حيث استقبلت ابنته دينا وزوجته وأقاربه المعزّين. وكان أول الحضور في العزاء الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، والمخرج مسعد فودة، نقيب المهن السينمائية.
رحل بشير الديك عن عالمنا يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز 80 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، حيث تدهورت حالته الصحية في الأيام الأخيرة. وتم تشييع جنازته في مسقط رأسه بقرية الخياطة في دمياط.
مسيرة بشير الديك الفنية
يُعتبر بشير الديك واحدًا من أبرز صناع السينما في مصر، وقد ساهمت نشأته في بيئة شعبية في تشكيل رؤيته الفنية. وُلد في قرية الخياطة بمدينة دمياط، وقد انعكست هذه النشأة بشكل واضح على أعماله السينمائية، التي نجحت في التعبير عن نبض الشارع المصري، وجمعت بين الواقعية الإنسانية وعمق القضايا الاجتماعية.
وبدأ بشير الديك مسيرته الفنية في السبعينيات، حيث تعاون مع كبار المخرجين والنجوم مثل عاطف الطيب، أحمد زكي، ونور الشريف. تميز أسلوبه في كتابة السيناريو بالقدرة على المزج بين العمق الاجتماعي والسياسي والبساطة في السرد، مما جعل أعماله قريبة من جمهور المشاهدين ومؤثرة في الوقت نفسه. ركزت أعماله على قضايا الإنسان البسيط، وسلطت الضوء على معاناته اليومية وآماله، ليصبح أحد أبرز الأصوات التي جسدت واقع المجتمع المصري.
أعماله السينمائية
رغم أن بشير الديك قدّم عددًا محدودًا من الأفلام كمخرج، إلا أنه نجح في ترك بصمته الفنية المميزة. أخرج فيلمين فقط خلال مسيرته، هما "الطوفان" الذي قدّم فيه الفنان محمود عبد العزيز، و"سكة سفر" الذي قام ببطولته نور الشريف. ورغم قلة تجاربه الإخراجية، إلا أنه أبدع في تقديم رؤية سينمائية تحمل توقيعه الخاص. بعد فترة غياب طويلة عن الساحة السينمائية، عاد بشير الديك من خلال فيلم "الكبار" في عام 2010، الذي أخرجه محمد جمال العدل. وبذلك، تعتبر أعماله السينمائية مرآة صادقة لواقع المجتمع المصري، حيث تناول القضايا التي طالما تم تهميشها في السينما السائدة. لم يكن بشير الديك مجرد كاتب سيناريو أو مخرج عادي، بل كان فنانًا منحازًا للإنسان البسيط، مسلطًا الضوء على معاناته وداعمًا لقضاياه.
أبرز أعماله في السينما والتلفزيون
من أبرز أعمال بشير الديك التي تُعد تجسيدًا قويًا للواقعية الإنسانية، نذكر أفلام "سواق الأتوبيس"، "ضربة معلم"، "ضد الحكومة"، "ناجي العلي"، و"ليلة ساخنة". كما كتب أيضًا فيلمي "موعد على العشاء" و"الحريف"، كل ذلك يعكس تميزه في تقديم قضايا الإنسان البسيط برؤية سينمائية عميقة ومؤثرة. كما أبدع في كتابة العديد من الأفلام الأخرى مثل "امرأة هزت عرش مصر"، "حلق حوش"، "أبناء الشيطان"، و"الجاسوسة حكمت فهمي". بالإضافة إلى نجاحاته في مجال المسلسلات التلفزيونية التي حققت جماهيرية كبيرة، ومنها "الناس في كفر عسكر"، "أماكن في القلب"، "ظل المحارب"، "حرب الجواسيس"، "عابد كرمان"، و"الطوفان". وبفضل عبقريته الفنية، أصبح بشير الديك أحد أعمدة السينما الواقعية في مصر، وترك إرثًا خالدًا يعبر عن تطلعات وآلام مجتمعه، لتظل أعماله تحظى بتقدير كبير لما تعكسه من واقع اجتماعي وسياسي، ولما تجسده من فن صادق ينبع من الناس ويعود إليهم.