رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أزمة العقارات الصينية تتفاقم مع تراجع المبيعات والأسعار

نشر
مستقبل وطن نيوز

في نوفمبر 2024، شهدت مبيعات سوق الإسكان في الصين انخفاضاً جديداً، مما يبرز التحديات المستمرة التي يواجهها القطاع العقاري في البلاد. وفقاً لبيانات أولية من شركة "تشاينا ريال إستيت إنفورميشن" (China Real Estate Information)، تراجعت قيمة مبيعات المنازل الجديدة لأكبر 100 شركة عقارية بنسبة 6.9% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى 363 مليار يوان (حوالي 50 مليار دولار). كما انخفضت المبيعات بنسبة 16.6% مقارنة بالشهر السابق، مما يشير إلى استمرار ضعف النشاط في السوق رغم ارتفاع المبيعات في أكتوبر بنسبة 7.1%.

تواجه الصين ضغوطاً اقتصادية متزايدة نتيجة للأزمة المستمرة في قطاع العقارات. على الرغم من محاولات الحكومة لتحفيز السوق، لا يزال قطاع العقارات يعاني من انكماش الأسعار والمبيعات، مما يعمق من الضغوط الاقتصادية. كما يترقب المستثمرون المزيد من الدعم الحكومي بهدف تحقيق هدف النمو الذي حددته الحكومة الصينية بنسبة 5% لعام 2024. في هذا السياق، أصدرت وكالة "فيتش ريتينجز" تقريراً يفيد بأن أزمة العقارات في الصين قد تستمر حتى عام 2025، مع بقاء ضعف الأسعار والمبيعات رغم الجهود الحكومية.

التوقعات السلبية حول النمو الصيني

تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن الصين قد تواجه تحديات كبيرة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام. وكان الرئيس الصيني، شي جين بينج، قد أكد الشهر الماضي على أهمية تحقيق هدف النمو المحدد عند 5%، إلا أن مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، حذرت من أن النمو السنوي للصين قد ينخفض إلى ما دون 4% في المستقبل ما لم تُنفذ إصلاحات تعزز الاستهلاك المحلي. هذه التصريحات تعكس القلق المستمر بشأن قدرة الاقتصاد الصيني على التعافي في ظل الأزمات الحالية في العديد من القطاعات.

ورغم التحديات، هناك إشارات خافتة على بداية التعافي في سوق الإسكان الصيني. يتابع المستثمرون عن كثب ما إذا كان الركود الطويل في القطاع العقاري سيبدأ في الانحسار. وتشير بعض المؤشرات إلى تحسن طفيف في الثقة بالقطاع، مع تنفيذ سياسات اقتصادية تشمل التيسير النقدي ودعم مشتري المنازل. وفقاً للاقتصادي لو تينج من شركة "نومورا هولدينغز"، أظهرت أسعار المنازل في بعض المدن الكبرى "علامات استقرار"، حيث ارتفعت أسعار المنازل في مدينة شنزن في أكتوبر لأول مرة منذ أبريل من العام الماضي.

تحسن جزئي في سوق العقارات

على الرغم من الصعوبات التي يواجهها القطاع، فإن بعض المناطق، وخاصة المدن الكبرى، بدأت تشهد تحسناً جزئياً. ففي سبتمبر وأكتوبر 2024، تباطأ انخفاض أسعار المنازل بشكل عام، وهو ما يعكس تأثير بعض السياسات التحفيزية. كما أظهرت بعض التقارير تحسناً فورياً في مبيعات العقارات، خصوصاً خلال العطلة التي استمرت أسبوعاً، ما يعزز التفاؤل في قدرة السوق على التعافي بشكل تدريجي في الفترة المقبلة.

والتدابير الحكومية الجديدة التي استهدفت إنعاش سوق العقارات أظهرت تأثيراً أكبر مقارنة بتدابير التحفيز السابقة. وفقاً للمحللة كريستي هونغ من "بلومبرغ إنتليجنس"، كان هناك اهتمام متزايد من المشترين في العطلات التي استمرت أسبوعاً، ما يدل على وجود طلب نشط في بعض المناطق. ويتركز هذا الطلب بشكل أساسي في المدن الكبرى وشركات التطوير العقاري المملوكة للدولة، في حين أن المدن الصغيرة لا تزال خارج نطاق التأثير الفعلي لهذه السياسات.

تحديات الطلب والعرض في المدن الكبرى

أوضحت هونغ أن الطلب على الإسكان في المدن الكبرى لا يزال محدوداً، ويعزى ذلك إلى وفرة المعروض من المنازل الجديدة وتخفيف القيود على شراء العقارات في بعض المناطق. وبالتالي، يميل المشترون الذين يتمتعون بقدرة شرائية جيدة إلى البحث عن المشاريع عالية الجودة في هذه المدن. في الوقت ذاته، يظل العديد من أصحاب المنازل القائمة في انتظار ارتفاع الأسعار قبل اتخاذ قرار بشراء منازل جديدة، وهو ما يعكس حالة من الحذر في السوق العقاري.

وبالرغم من التحسن الجزئي الذي شهدته بعض المدن الكبرى، إلا أن المستقبل القريب لا يزال يواجه تحديات كبيرة. يُتوقع أن يظل قطاع العقارات في الصين يعاني من ضغوط مستمرة نتيجة لضعف الطلب واستمرار وفرة المعروض. ومع ذلك، قد تؤدي السياسات الحكومية الداعمة إلى انتعاش جزئي في السوق خلال العام المقبل، على الأقل في بعض المدن الكبرى والشركات العقارية المملوكة للدولة.

عاجل