رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

اقتصاد تركيا يشهد انكماشًا ربع سنوي لأول مرة منذ جائحة كورونا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة

نشر
مستقبل وطن نيوز

في خطوة غير متوقعة، قد يكون اقتصاد تركيا قد انكمش لأول مرة على أساس ربع سنوي منذ جائحة كورونا. هذا الانكماش يعود بشكل رئيسي إلى تأثيرات أسعار الفائدة المرتفعة التي بدأت تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي. تشير التوقعات إلى أن البيانات المقرر إصدارها يوم الجمعة ستكشف عن انخفاض بنسبة 0.2% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة التي انتهت في سبتمبر، وفقاً لتقديرات الخبراء الذين استطلعت "بلومبرج" آراءهم. ويُعد هذا الأمر نقطة تحول في الاتجاه الاقتصادي لتركيا، حيث كان الاقتصاد في فترات سابقة يظهر مؤشرات نمو قوية.

على الرغم من الانخفاض المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي، فإن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد التركي سيحقق نمواً سنوياً بنسبة 2.5% خلال نفس الفترة. هذا النمو السنوي يتماشى مع الأداء الذي تم تسجيله في الربع الثاني من العام. ومن المتوقع أن يظل الاقتصاد الذي يقدر حجمه بـ 1.2 تريليون دولار في منطقة النمو المعتدل، حيث سيواصل الاقتصاد التركي نموه السنوي رغم التحديات التي يواجهها في الفترة الأخيرة.

ضغوط التضخم وسياسة الفائدة المرتفعة

يُعتبر التضخم من أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه تركيا حالياً، حيث يقترب معدل التضخم من 49%، مما دفع البنك المركزي إلى اتباع سياسة نقدية متشددة. حيث أبقى البنك على سعر الفائدة الرئيسي عند مستوى 50% منذ مارس الماضي في محاولة للسيطرة على التضخم ووقف ارتفاع الأسعار. ورغم أن هذه السياسة النقدية المشددة قد ساهمت في تباطؤ الإنتاج الصناعي، إلا أن الطلب المحلي لا يزال قوياً بشكل جزئي، وذلك بسبب إقبال المواطنين على شراء بعض السلع قبل أن ترتفع أسعارها أكثر.

تراجع الصناعات التحويلية في تركيا

أثرت السياسة النقدية المشددة على العديد من القطاعات الاقتصادية، وأبرزها القطاع الصناعي. شهدت الصناعات التحويلية في تركيا تراجعاً ملحوظاً في الربع الثالث من العام، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 1.2% مقارنةً بالربع السابق. بالإضافة إلى ذلك، تأثر نشاط الأعمال في تركيا، ولم يتمكن مؤشر مديري المشتريات في قطاع التصنيع من الوصول إلى المستوى الذي يشير إلى التوسع منذ مارس الماضي، مما يشير إلى تراجع في النشاط الاقتصادي.

وعلى الرغم من تراجع بعض المؤشرات الاقتصادية، لا يزال إنفاق الأسر في تركيا يلعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد المحلي. حيث ساهم إنفاق الأسر بنحو نصف نسبة النمو السنوي التي بلغت 2.5% في الربع الثاني من العام. وتظل الأسر التركية حتى الآن غير متأثرة بشكل كبير بارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يعكس قدرة بعض الفئات على التكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة.

نمو مبيعات التجزئة في الربع الثالث

على الرغم من الضغوط الاقتصادية والتضخم المرتفع، شهدت مبيعات التجزئة في تركيا نمواً ملحوظاً في الربع الثالث من العام. فقد سجلت مبيعات التجزئة زيادة بنسبة 4.7% بعد تعديلها موسمياً. هذا النمو يعكس استمرار الطلب المحلي على السلع والخدمات، ويعكس أيضاً قدرة السوق التركي على التكيف مع التحديات الاقتصادية من خلال الاستهلاك المحلي الذي لا يزال قوياً في العديد من القطاعات.

واستمراراً للسياسة النقدية المتشددة، أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في اجتماعه الأخير، وذلك للشهر الثامن على التوالي. الهدف من هذه السياسة هو كبح معدلات التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع في الآونة الأخيرة. ويُتوقع أن يصل التضخم إلى 44% بحلول نهاية العام الحالي، قبل أن يبدأ في التباطؤ ليصل إلى 21% بحلول نهاية 2025، وفقاً لتوقعات البنك المركزي التركي.

الحاجة إلى تباطؤ أكبر في الاقتصاد للسيطرة على التضخم

في تصريحات له، قال إركين إيشيك، كبير الاقتصاديين في "بنك قطر الوطني"، إن تركيا لم تصل بعد إلى المستوى الذي يدعم خفض التضخم بشكل كبير. وأضاف أن لتحقيق ذلك، يحتاج الاقتصاد التركي إلى المزيد من التباطؤ في النمو الاقتصادي. هذه التصريحات تعكس التحديات التي تواجه السياسة النقدية الحالية، حيث يعتبر الكثير من الاقتصاديين أن هناك حاجة إلى تباطؤ أكبر في الاقتصاد لخفض التضخم بشكل مستدام.

تخفيض سعر الفائدة وتأثيره المتوقع على النمو

في وقت سابق من هذا الشهر، أشار البنك المركزي التركي إلى أن خفض سعر الفائدة قد يكون مبرراً في المستقبل القريب بسبب تباطؤ التضخم. ومع ذلك، سيكون لسرعة التخفيف النقدي المتوقع تأثير حاسم على النمو في الفصول القادمة. يعكس هذا التوجه التحولات المحتملة في السياسة النقدية التركية، حيث يترقب العديد من المتابعين ما إذا كان البنك المركزي سيقرر تخفيض سعر الفائدة في المستقبل القريب.

وتتوقع سيلفا دميرالب، أستاذة في جامعة "كوتش" في إسطنبول، أن النظرة المستقبلية للتضخم لا تبرر دورة تخفيض مكثفة لأسعار الفائدة في الفترة المقبلة. وتشير إلى أنه من غير المرجح أن يشهد الاقتصاد التركي زيادة كبيرة في النمو العام المقبل، وذلك بسبب التخفيض المحدود من قبل البنك المركزي. هذه التوقعات تُظهر أن التحديات الاقتصادية في تركيا قد تستمر لفترة أطول قبل أن تشهد البلاد تحسناً ملموساً في الأداء الاقتصادي.

عاجل