مفاوضات «كوب 29».. الدول الغنية تلتزم بزيادة التمويل إلى 300 مليار دولار سنويًا
تواصل حوالي 200 دولة مفاوضاتها حول اتفاقية جديدة لتمويل المناخ في إطار محادثات الأمم المتحدة الجارية في باكو بأذربيجان تحت شعار "كوب 29". وبدأت هذه المحادثات في ظهر السبت وسط أجواء مشحونة من التوتر والمفاوضات المستمرة، حيث تجاوزت المحادثات الموعد النهائي المقرر لها. تسعى هذه المفاوضات إلى التوصل إلى اتفاق نهائي يتعلق بتمويل المناخ لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية.
اقتراحات جديدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
في محاولة للوصول إلى اتفاق شامل، اقترح مفاوضو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي زيادة التزام الدول المتقدمة بتمويل المناخ ليصل إلى 300 مليار دولار سنويًا، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف التعهد السنوي الحالي الذي سينتهي قريبًا. هذا الاقتراح يهدف إلى تعويض نقص التمويل الحالي لمساعدة الدول الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، ولكن هذا الاقتراح يواجه اعتراضات من قبل العديد من الدول النامية التي تطالب بتمويل أكبر لمواجهة الآثار السلبية الناتجة عن عقود من انبعاثات الغازات الدفيئة.
اعتراضات الدول النامية على المسودة السابقة
قبل الموعد المحدد لانتهاء قمة "كوب 29" يوم الجمعة، تم إصدار مسودة تقترح أن تقدم الدول الغنية 250 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035. إلا أن هذه المسودة قوبلت برفض فوري من الدول النامية والدول الأكثر تأثراً بتغير المناخ، التي طالبت بمبالغ أكبر بكثير من التمويل، معتبرة أن المبالغ المقترحة لا تكفي لمواجهة التحديات المناخية الكبرى التي تواجهها.
آليات التمويل ومشاركة الدول الكبرى
تستمر المفاوضات المغلقة في تحديد آليات تنفيذ الالتزامات المالية التي قد تصل إلى مليارات الدولارات. وتشمل هذه المناقشات دور بنوك التنمية متعددة الأطراف في دعم التمويل المناخي. بالإضافة إلى ذلك، تثار التساؤلات حول مدى استعداد دول مثل الصين والسعودية للمشاركة في تمويل قضايا المناخ على نطاق أوسع، وهي قضية محورية في الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ. وقد سبق أن أعلنت الصين عن التزام طوعي بالمساهمة في تمويل المناخ، دون إدراج ذلك في تعهداتها الرسمية لمؤتمر "كوب 29".
الموقف الغامض للدول النامية والدول الجزرية الصغيرة
لا يزال هناك غموض حول ما إذا كانت الدول النامية والدول الجزرية الصغيرة ستقبل العرض الحالي الذي يقل بكثير عن مطالبها الأصلية. ففي حين أن الدول الغنية تتعهد بتقديم التمويل، فإن الدول الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية لا تزال تطالب بمبالغ أكبر بكثير، في ظل تأثيرات كبيرة تتسبب بها ظاهرة الاحتباس الحراري.
وعلى مدار الليل، واصل المفاوضون في باكو محاولاتهم الحثيثة للتوصل إلى اتفاق يلزم الدول الغنية بتمويل مشاريع المناخ في الدول الفقيرة. يهدف هذا التمويل إلى دعم بناء اقتصادات خضراء وتعزيز قدرة هذه الدول على مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد شهدت محادثات الأسبوعين الماضيين انقسامات حادة بين الأطراف المختلفة، ما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها المفاوضات. وكان العديد من الوفود يستريحون في الساعات الأولى من صباح السبت في ستاد باكو الأولمبي، الذي يعد مقرًا للمؤتمر، استعدادًا لاستئناف المحادثات.
الطموحات العالمية في زيادة التمويل المناخي
على الرغم من أن الاقتراح الجديد الذي يشمل تخصيص 300 مليار دولار سنويًا قد يعد خطوة كبيرة إلى الأمام، إلا أن العديد من الدول النامية قد تظل غير راضية عن هذه الزيادة. فقد أكدت دول الجنوب العالمي أنها بحاجة إلى تريليونات الدولارات سنويًا لمواجهة آثار ارتفاع درجات الحرارة وإعادة هيكلة اقتصاداتها لمواكبة التغيرات المناخية. وتظل المفاوضات تتطلب توافقًا دوليًا على مستوى عالٍ لتوفير التمويل الكافي.
وفي توضيح للموقف السعودي الرسمي، قال وفد المملكة في قمة المناخ أنهم يتطلعون إلى "قرار متوازن" يراعي مصالح الدول الغنية والفقيرة على حد سواء. وفي سياق مشابه، دعت مسودة التمويل التي تم إصدارها يوم الجمعة إلى أن يتم تخصيص تمويل لا يقل عن 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول منتصف العقد المقبل، مع التأكيد على أن الجزء الأكبر من هذا التمويل يجب أن يأتي من القطاع الخاص. ولا يزال الجميع ينتظرون إعلان اقتراح محدث من رئاسة مؤتمر "كوب 29" في الساعات المقبلة.