خداع الحلول السريعة.. كيف تؤثر أدوية وأجهزة التخسيس على صحتك؟
تعتبر أدوية وأجهزة التخسيس من الحلول المزعومة التي يلجأ إليها العديد من الأشخاص الراغبين في فقدان الوزن بشكل سريع، في ظل نمط الحياة السريع والضغوط المتزايدة التي يواجهها معظم الأفراد. ومع ازدياد انتشار هذه المنتجات في الأسواق ووسائل الإعلام، بدأ الكثيرون في الاعتقاد بأنها الحل السحري للتخلص من الوزن الزائد. لكن وراء هذا الوعود غالبًا ما يكمن الكثير من الخداع والمخاطر الصحية. ونستعرض في هذا التقرير بعض الآثار السلبية المحتملة لهذه الأدوية والأجهزة ويقدم نصائح علمية للحفاظ على الصحة.
تأثيرات أدوية التخسيس على الجسم
تتعدد أنواع أدوية التخسيس في الأسواق، حيث يعتمد بعضها على تحفيز عملية الأيض (حرق الدهون) أو كبح الشهية، بينما يحتوي البعض الآخر على مكونات قد تكون ضارة بالصحة. ووفقًا لموقع «إيت رايت»، فإن “الكثير من أدوية التخسيس تحتوي على مركبات كيميائية تعمل على تحفيز الجهاز العصبي بشكل مبالغ فيه، مما قد يؤدي إلى زيادة ضربات القلب، اضطرابات النوم، والشعور بالقلق المفرط”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الأدوية قد تحتوي على مواد مثل "السيبوترامين" أو "الفينترمين" التي تم حظر استخدامها في العديد من الدول بسبب تأثيراتها الجانبية الخطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم، السكتة الدماغية، وحتى مشاكل القلب.
كيف تضر أدوية التخسيس بالجسم؟
من خلال آلية عمل هذه الأدوية، تتسبب المكونات في تغيير التوازن الطبيعي في الجسم. على سبيل المثال، بعض أدوية التخسيس تعمل على تقليل الشهية عن طريق التأثير على مستوى الهرمونات في الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين، مما يخلق تأثيرًا مؤقتًا على انخفاض الشهية.
ومع الاستمرار في استخدام هذه الأدوية، يتطور الجسم ليصبح معتمدًا على هذه المواد الكيميائية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي، الجفاف، وفقدان المعادن الأساسية مثل البوتاسيوم والكالسيوم. وفي بعض الحالات المتقدمة، قد تسبب هذه الأدوية تلفًا في الكبد والكلى.
دراسة من هارفارد: تأثير أدوية إنقاص الوزن على الجهاز الهضمي
وأظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد أن الأدوية الشائعة المستخدمة لإنقاص الوزن، مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي"، قد تؤدي إلى آثار جانبية سلبية على الجهاز الهضمي. رغم أن هذه الأدوية تحظى بشعبية واسعة نظرًا لفعالية فقدان الوزن التي تعد بها، إلا أن هناك بعض المخاطر الصحية المرتبطة بها، خاصة تلك التي تؤثر على المعدة والأمعاء. وقد أظهرت الدراسة أن نحو 1% فقط من المرضى الذين يستخدمون هذه الأدوية يعانون من هذه الآثار الجانبية، ولكن مع الاستخدام الواسع لهذه الأدوية، فقد يتعرض آلاف الأشخاص لهذه المشاكل.
وتتعدد المخاطر الصحية التي قد تترتب على استخدام منبهات GLP-1، حيث أظهرت الأبحاث ارتباط هذه الأدوية بزيادة خطر الإصابة بعدد من الأمراض الخطيرة. من بين هذه المخاطر، تم التأكيد على زيادة خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس بمقدار 9 مرات، مما يشير إلى ضرر محتمل على وظائف البنكرياس. كما أظهرت الدراسات أيضًا أن هذه الأدوية قد تسبب مشاكل أخرى مثل شلل المعدة والتهاب البنكرياس، وكذلك انسداد الأمعاء، وهي حالات صحية قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تتطلب تدخلاً طبيًا.
حجم التأثير على المرضى
على الرغم من أن هذه الآثار الجانبية تعتبر نادرة نسبيًا، إلا أن تأثيرها على الصحة العامة لا ينبغي التقليل من شأنه. بحسب ما قاله الباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور موهيت سودهي، فإن هذه الآثار تؤثر على نحو 1% من المرضى، ولكن بما أن ملايين الأشخاص يتناولون هذه الأدوية، فإن العدد الفعلي للمتأثرين قد يكون كبيرًا. يشير ذلك إلى أن الآلاف من المرضى قد يواجهون مضاعفات صحية نتيجة لتناول هذه الأدوية، مما يستدعي وعيًا أكبر بأضرارها المحتملة.
وتم نشر نتائج هذه الدراسة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، حيث اعتمدت على فحص مطالبات التأمين الصحي لـ16 مليون مريض أمريكي، تم وصف لهم منبهات GLP-1 مثل "أوزيمبيك" أو ليراغلوتايد (فيكتوزا) بين عامي 2006 و2020. قدمت الدراسة تحليلًا شاملًا للمخاطر الصحية المرتبطة بهذه الأدوية، مما يسهم في توعية الأطباء والمرضى على حد سواء حول الآثار الجانبية المحتملة.
أجهزة التخسيس ومدى فعاليتها
في حين أن العديد من أجهزة التخسيس في الأسواق تزعم أنها قادرة على تحقيق نتائج سريعة ودائمة، فإن معظم هذه الأجهزة تعمل على مبدأ "التنبيه الكهربائي" أو "التحفيز الحراري"، والتي لا تؤثر بشكل كبير على مستوى الدهون في الجسم.
وفقًا لموقع مايو كلينك، "هذه الأجهزة قد تعطي شعورًا مؤقتًا بالتحسن، ولكنها لا تستهدف الدهون بشكل فعلي"، إذ إن أغلب هذه الأجهزة تعتمد على اهتزازات أو نبضات كهربائية تهدف إلى تحسين الدورة الدموية في الجلد والأنسجة، وهو تأثير محدود وغير دائم لا يؤثر على الدهون العميقة في الجسم. لذلك، فإن الاعتماد على هذه الأجهزة قد يكون مجرد وهم لا يؤدي إلى خسارة وزن فعالة.
خطر الاعتماد على الحلول السريعة في التخسيس
من أبرز المخاطر التي يتعرض لها مستخدمو أدوية وأجهزة التخسيس هو الاعتماد على الحلول السريعة، مما يؤدي إلى فشل طويل الأمد في الحفاظ على الوزن. يشير موقع نيوترشن سورس، إلى أن “التخسيس الصحي يتطلب توازنًا بين الغذاء الصحي والنشاط البدني. الحلول السريعة تؤدي إلى فقدان الوزن بشكل غير صحي، مما يجعل الجسم يفقد الأنسجة العضلية بدلاً من الدهون، مما يؤدي إلى بطء التمثيل الغذائي مع مرور الوقت".
وهذه العواقب غالبًا ما تجعل فقدان الوزن يصبح أصعب في المستقبل وقد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على التمثيل الغذائي وزيادة الوزن مرة أخرى.
مخاطر أدوية وأجهزة التخسيس على الصحة النفسية
تساهم أدوية وأجهزة التخسيس في خلق شعور وهمي بالتحسن السريع، مما يعزز من القلق لدى الأشخاص الذين يلاحقون مظهرًا جسديًا معينًا. ويؤكد الخبراء النفسيون أن هذه المنتجات قد تؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس أو الاضطرابات النفسية مثل القلق أو الاكتئاب بسبب التوقعات غير الواقعية. وتوضح الدكتورة مها القاضي، استشاري الطب النفسي، أن "البحث المستمر عن حلول سريعة للتخسيس قد يترجم إلى مشاعر فشل وتراجع عند عدم رؤية نتائج فورية، مما يؤثر بشكل سلبي على الحالة النفسية ويزيد من الشعور بالضغط."
الطرق الصحية والمستدامة للتخسيس
أفضل طريقة لفقدان الوزن بشكل آمن ومستدام هي من خلال اتباع نمط حياة صحي ومتوازن. يركز هذا النمط على تحسين النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني بشكل تدريجي. وتشير الدراسات العلمية إلى أن فقدان الوزن بشكل تدريجي وآمن، عن طريق تقليل السعرات الحرارية بشكل متوازن مع الحفاظ على تغذية صحية ومتنوعة، هو الأسلوب الأمثل لتقليل الدهون دون التأثير على الصحة العامة.
وينصح الأطباء بضرورة ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي أو السباحة، مع تناول الأطعمة الغنية بالبروتين والألياف لتسريع عملية الأيض وتحقيق فقدان الوزن بصورة مستدامة.
ورغم أن أدوية وأجهزة التخسيس قد تبدو مغرية وتعد بتغيير سريع في الجسم، إلا أن الحقيقة هي أن هذه المنتجات تحمل العديد من المخاطر الصحية والآثار الجانبية السلبية. التوجه نحو أسلوب حياة صحي ومتوازن هو الخيار الأفضل للحفاظ على وزن صحي دون تعريض الجسم لمخاطر غير ضرورية.