مستشار رئيس النواب: مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد ينهي معاناة آلاف المواطنين
ألقى المستشار محمد عبد العليم، المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب كلمة خلال الجلسة العامة لمجلس النواب حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي بدأ النواب في مناقشته من حيث المبدأ خلال الجلسة العامة اليوم.
وإلى نص الكلمة
كلمة المستشار /محمد عبد العليم
المستشار القانونى لرئيس مجلس النواب
شكراً سيادة الرئيس على منحى الكلمة.
1)أشكر المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب على منحى هذه الفرصة التاريخية فى المشاركة فى أعمال اللجنة الفرعية كمقرر للجنة فى قانون من أهم القوانين الرئيسية وهو قانون الإجراءات الجنائية وكما تصفه سيادتك دستور مصر الثانى لارتباطه بجميع مجالات الحقوق والحريات.
2) اسمحلى سيادة الريس أن أوجه الشكر رئيس وأعضاء اللجنة الفرعية على المجهود غير العادى الذي بُذل على مدار عام ونصف تقريبًا من العمل المتواصل على مرأى ومسمع وبمشاركة جميع جهات ومؤسسات الدولة ذات الصلة وكان هناك موجز عقب كل اجتماع بأعمال اللجنة (أي أن مشروع القانون لم يُعد بليل أو فى عجالة كما أدعى البعض).
3)وطبعًا من خلال متابعة السيد المستشار رئيس المجلس لأعمال اللجنة كان ظاهر الصعوبات التى واجهتها أعمال اللجنة فى اجتماعاتها الأولى، وده طبعًا لاختلاف الرؤى والأيدولوجيات لأعضاء اللجنة والجهات التى يمثلونها، بالإضافة إلى أن مشروع القانون له أكثر من بُعد حقوقى، وسياسى، وقانونى وهذا الجانب متفرع لتعدد الأطراف من متقاضين وحقوق دفاع ونيابة ومحاكم على اختلاف درجاتها وتطبيقات قضائية مستقرة، وطبعًا البُعد أمنى، وبالتالى فأن نجاح اللجنة الفرعية فى مهمتها كان موقوف على تحقيق التوازن بين كل هذه الأبعاد، وبناء عليه قررت اللجنة وضع ضوابط ومحددات تطبق على جميع الموضوعات وهى الالتزام بالمحددات الدستورية وما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها رئيس الجمهورية، وتلافى التوصيات والملاحظات الصادرة عن المنظمات الدولية الرسمية المعنية بمجال حقوق الانسان.
4)وبناءً عليه نجحت اللجنة الفرعية فى إعداد مسودة مشروع للقانون تحقق التوازن بين هذه الأبعاد وتأتى تنفيذاً للالتزامات الدستورية، وتلافى عدد من التوصيات السلبية التى تضمنتها تقارير بعض المنظمات الدولية الرسمية المعنية بحقوق الإنسان، ومن ذلك على سبيل المثال التقرير الصادر عن أحد هذا المنظمات بمناسبة المراجعة الدورية عام 2023 حيث تضمن التقرير عدد (9) ملاحظات تم تلافى (8) منها باستثناء توصية واحدة تتعارض مع التزام دستوري.
5)ضمانات ومزايا مشروع القانون لا حصر وأن ما تناوله تقرير اللجنة المشترك تحت عنوان أهم وأبرز ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية وليس كل المزايا والضمانات نحن امام مشروع مكون من (540) مادة.
6)قد يظن البعض أن هذا المشروع يهتم بأطراف الدعوى الجنائية والجانب الحقوقى، لكن هذا المشروع عنى بمشكلات المواطنين العاديين، فهل نعلم أن مشروع القانون تناول فى نصوص محكمة حلول جذرية لإشكاليات يعانى منها آلاف المواطنين فى حياتهم اليومية وهى مشكلة تشابه الأسماء باشتراط اثبات بيانات الرقم القومى فى كل مراحل الدعوى بدءً من إعداد المحاضر والتحقيق والمحاكمة وعند صدور الحكم، ولو أن مشروع القانون لم يصدر إلا بهذه الميزة لرجحت كفته.
7)حظر القبض او تفتيش الأفراد أو دخول المنازل أو تفتيشها أو مراقبتها أو التنصت عليها إلاّ بأمر قضائي مسبب في غير حالات الخطر أو الاستغاثة- وذلك تنفيذا للالتزام الدستوري بالمادة 58 من الدستور.
8)ضمان عدم احتجاز أي شخص دون المبادرة فورا إلى توجيه اتهامات جنائية إليه، فقد أوجبت المادة (40) من مشروع القانون على مأمور الضبط القضائي أن يبلغ فوراً المتهم المضبوط بسبب تقييد حريته، وبالتهم المنسوبة إليه، وأن يسمع أقواله، وأن يحيطه بحقوقه كتابة، وأن يمكنه من الاتصال بذويه وبمحاميه.
9)حقوق الدفاع مبدأ لا محاكمة عادلة دون حضور محام في جميع مراحل الاستجواب والمواجهة.
10)الحق فى الصمت.
11) مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يقر حماية للشهود والمبلغين والمجني عليهم تضمن عدم ذكر أسمائهم بما يبعث برسالة طمأنينة للمواطن، ومشروع القانون بكل ما فيه من ضمانات ومزايا كارثى وخطر على المنظومة الجنائية مقارنة بالقانون الحالى.
12) لكن الإشكالية الحقيقية في الإدعاءات التى تفتقد للمنطق وأصول الحوار من تقبل الرأى والرأى الأخر، الهدف منها هو التشكيك فى عمل اللجنة أو فى مشروع القانون أو فى مؤسسات الدولة، ومن ذلك على سبيل المثال:
-الإدعاء بأن هذا المشروع بالرغم من هذا الكم من الالتزامات والضمانات الدستورية المبينة تفصيلاً فى مشروع القانون يشكل كارثة وخطورة على العدالة الجنائية، وأن مشروع القانون الحالى من عام 1950 وفى ظل دستور 1923 والخالى من أية ضمانات هو قانون جيد وأفضل، فأى منطق فى هذا الادعاء، طيب ايه رأينا بعض التقارير الصادرة مؤخراً عن بعض المنظمات الدولية الرسمية المعنية بمجال حقوق الإنسان اشادة بقيام مجلس النواب بإعداد مشروع جديد متكامل فى قانون الإجراءات الجنائية وقالت صراحة إنها خطوة على الطريق الصحيح.
-المشكلة الحقيقية مش قى مشروع القانون ولكن أحنا عايزين نقرأ النصوص ازاى ومن أى زاوية يعنى سمعنا أيضًا بعض الإدعاءات من بعض الحقوقيين بأن مشروع القانون حقق ضمانة فى القبض والتفتيش بأمر قضائى مسبب لكن توسع فى الاستثناءات فى حالات الضرورة والاستغاثة (اشادة ونقد بنظام دس السم فى العسل)،فبعيداً أن هذا الاستثناء اساسه الدستور لكن هل يعلم مروجي هذه الشائعات أن العديد من الأنظمة المقارنة أو اللي بنسميها أكثر الدول الديمقراطية تضمنت دساتيرها هذا النص بهذا الاستثناء (والدراسات المقارنة موجودة كمرجع فى الأمانة العامة للمجلس)، ونحن لسنا فى معرض النقد لهذه الدول لأننا ببساطة لو بقليل من المنطق سنجد أن هذا النص باستثناءاته له ما يبرره ولو حذفت هذا الاستثناء لن تتمكن الجهات المعنية بالدولة فى حالات الخطر الداهم مثل الحرائق مثلاً من دخول رجال الإطفاء لهذه المنازل إلا بأمر قضائي مسبب.
- من الادعاءات أيضًا أن مشروع القانون استحدث نظام التقاضي عن بُعد لكن تضمن إخلال جسيم بالمحاكمة العادلة والمنصفة لأنه أجاز لوكيل النيابة أنه يقعد في غرفة مكيفة لكن المتهم في مكان آخر مش معروف مين معاه لترهيبه، وهى قراءة معيبة ومغرضة ومجتزأة لنصوص المشروع لأن المشروع تضمن بنصوص صريحة ضوابط حاكمة وضابطة لكافة إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بُعد خاصة فى المادتين (525، 531) حيث اشترطت تحقق كافة الضمانات المقررة للتقاضي سواء فيما يتعلق بأحكام سرية التحقيقات والحضور والعلانية وشفوية المرافعة والمواجهة بين الخصوم وكذا حظر الفصل بين المتهم ومحاميه وضرورة تواجد المحامي مع المتهم في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة.
-أيضا من ضمن الانتقاد الموجهة للنهج الذي اتبعه المشروع في تقليل مدد الحبس الاحتياطي في الجرائم المعاقب عليها بالسجن المشدد والإعدام من 24 شهرًا ل 18 شهرا، وقد تجاهل مروجى هذه الادعاءات أن العديد من التشريعات المقارنة في أكثر الدول الديموقراطية نصوص لمدد الحبس الاحتياطي فى هذه الجرائم تفوق المدد المنصوص عليها في المشروع.
-أخير منعاً للإطالة، الانتقاد الموجه للمشروع بأنه يفرض قيوداً صارمة على علانية وتغطية المحاكمات وبث جلسات المحاكمة، والحقيقة أن هذا الانتقاد يتعارض بالكلية مع المادة (187) من الدستور، وخلط بين علانية الجلسات المكفول دستوريًا وبين البث ونقل وقائع الجلسات، والمستغرب أن هذه الادعاءات تتجاهل تشريعات الدول المقارنة التي حظرت من الأساس نقل وقائع الجلسات وبثها.
-ختامًا سيادة الريس مشروع القانون نظنه منضبطًا في إطار الالتزامات والمحددات الدستورية متلافيًا العديد من الملاحظات والتوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية الرسمية المعنية بحقوق الانسان، ومحتاجين فقط أن نقرأ نصوصه بشكل متكامل وبتجرد وإنصاف دون هوى أو لدد.