موسيقاه ألهبت مشاعر المصريين.. بليغ حمدي لحن «على الربابة» بعد العبور بساعات
وُلد بليغ حمدي في 7 أكتوبر1931، وبدأ مشواره الفني كمغني، ثم اتجه للتلحين، وارتبط اسمه بعدد من ألمع نجوم الغناء كمحمد فوزي، عبدالحليم حافظ، وردة، فايزة أحمد، شادية، نجاة الصغيرة، وأم كلثوم، ورحل بليغ حمدي في 12 سبتمبر عام 1993 عن عمر ناهز 62 عامًا.
وحمل بليغ العديد من الألقاب، وعلى الرغم من المكانة التي احتلها بليغ حمدي بين ملحني مصر والوطن العربي، وألحانه التي تظل عالقة بالأذهان لاسيما، الأغاني التي ترتبط بالمناسبات الوطنية مثل «فدائي، عدى النهار، على الربابة، يا حبيبتي يا مصر»، كان لقب الموسيقار غير محبب إلى قلبه.
حكاية بليغ حمدي والشيخ النقشبندي
ويعد ابتهال مولاي من بين الابتهالات العظيمة التي قدمها الشيخ سيد النقشبندي، فيتميز «ابتهال مولاي» بمكانة خاصة تتضمن كلماته الآتية: «مولاي إني بابك قد بسطت يدي، من لي ألوذ به إلاك يا سندي.. أقوم بالليل والأسحار ساهية، أدعو وأنا أهمس دعائي بالدموع الندي، بنور وجهك إني عائد وجل».
تتميز هذه الأنشودة بقصة غريبة، حيث تم تنفيذها بناءً على أمر رئاسي أصدره الرئيس المصري محمد أنور السادات، وكان السادات من عشاق صوت الشيخ سيد النقشبندي وكانت تجمعهما علاقة طيبة.
في إحدى مناسبات خطوبة ابنة الرئيس السادات، تقابل الشيخ سيد النقشبندي والموسيقار بليغ حمدي. وعندما رأى السادات هذين الفنانين في الحفل، طلب من النقشبندي التعاون مع بليغ حمدي.
استغرب النقشبندي طلب السادات وأبدى استغرابه، بينما انبهر بليغ بفرصة التعاون مع أحد أصواته المفضلة.
حاول النقشبندي بشتى الطرق التهرب من هذا الموقف، واستعان بالإذاعي الكبير وجدي الحكيم للخلاص من هذه الورطة، ولكن المفاجأة كانت أن وجدي الحكيم أبلغه أن التعاون مع بليغ حمدي أمر رئاسي وعدم الامتثال سيؤدي إلى اعتقاله.
سافر النقشبندي مع وجدي الحكيم إلى منزل بليغ حمدي، وكان بحوزتهما الكلمات التي كتبها عبد الفتاح مصطفى، وعندما استمع النقشبندي إلى اللحن، شعر بالإعجاب الشديد وقام بخلع عمامته وجلبابه، ووصف "بليغ" بأنه مبدع عبقري و اخرجوا ابتهال مولاي.
جنرال الأغنية الحربية
«حلوة بلادي السمرا بلادي الحرة بلادي، وأنا على الربابة بغني ما املكش غير أني أغني، وأقول تعيشي يا مصر» كلمات تحفظها عن ظهر قلب تحب سماعها في يوم 6 أكتوبر يوم النصر المجيد، لتشعر بالفخر متذكرا من ضحوا بأنفسهم من أجل استعادة الأرض.
الأغنية التي غنتها المطربة الكبيرة الراحلة وردة ولحنها بليغ حمدي وكتب كلماتها عبد الرحيم منصور لها قصة كبيرة لظهورها إلى النور وإنتاجها، أغنية ولدت مع فرحة النصر والعبور.
في مساء 6 أكتوبر عام 1973، وبعد إذاعة بيان العبور، لم يتمالك الملحن بليغ حمدي نفسه من الفرحة، وسريعا طالب صديقه الشاعر عبد الرحيم منصور بكتابة كلمات تعبر عن فرحتهم بالنصر.
كتب منصور هذه الكلمات، وسارع حمدي باصطحاب وردة وذهبا معا في العاشرة مساء إلى الإذاعة لتسجيلها، وهناك بدأت الأزمة، منع الأمن دخول بليغ ووردة الإذاعة، فاتصلوا بالإذاعي الكبير وجدي الحكيم لينقذهما.
ويحكي وجدي الحكيم في لقاء تليفزيوني ما حدث هذا اليوم، وقال إنه حاول إقناع وردة وبليغ أن الدولة في حالة الطوارئ وما تمر به توفر كل الجهود والإمكانيات، لذا فلن يتم تسجيل أي أغنية جديدة.
رفض بليغ ووردة ما قاله وقررا الاستعانة بالشرطة وحررا محضرا ضد صديقهما وجدي الحكيم والإذاعة والتليفزيون لمنع مواطنين من التعبير عن فرحتهم بانتصار بلدهم.
لم تنته الأزمة إلا بتدخل محمد محمود شعبان "بابا شارو" الذي تواصل مع الجهات المسئولة وسمح لهما بالدخول، وكتب بليغ ووردة إقرارا بتحمل كافة التكلفة للفرقة وكل شيء، وفي نفس الوقت كل الفرق الموسيقية والكورال في الإذاعة قرروا تسجيل كافة أغاني المعركة دون أجر.
وتستكمل الحكاية بدخول بليغ حمدي للاستديو ومعه وردة وجاء أيضا الشاعر عبد الرحيم منصور، جلس ليستكمل كلمات الأغنية ويلحنها بليغ في نفس اللحظة، ثم يعطي الورق لوجدي الحكيم ليعرضها على "بابا شارو" لمراجعتها قبل التسجيل، وخلال فترة المراجعة فوجئ "الحكيم" أن الأغنية تم تسجيلها.
ويحكي عن هذا الموقف أنه جلس مع "بابا شارو" واستمعا للأغنية، وكان "بابا شارو" يمسك برأسه ولا يصدق ما يسمعه ويطلب منه مجددا أن يعيد تشغيلها.
خرجت الأغنية إلى النور ليسمعها الشعب المصري يوم 7 أكتوبر ويتغنى بها فرحا، ووصل الأمر أيضا إلى الجنود الذين زاد حماسهم بعد سماع الأغاني الجديدة التي تعبر عن فرحة الشعب بالنصر.
وفي هذا الأمر يحكي وجدي الحكيم أن له شقيق كان يشارك في الحرب، وتواصل معه وحكى له أن الجنود في حالة فرحة، وعندما يقوموا بقتل جندي أو تدمير دبابة يغنون.
"بسم الله الله أكبر بسم الله بسم الله.. بسم الله أذن وكبر بسم الله بسم الله"... وأنت تقرأ هذه الكلمات ستشعر أنك تسمع الموسيقى في أذنك، نشيد حماسي، كتب كلماته عبد الرحيم منصور في يوم النصر 6 أكتوبر، حماس وفرحة النصر جعل كل مبدع في مصر والوطن العربي سارع إلى تقديم عمل جديد.
وسجلت الأغنية في نفس اليوم الذي سجلت فيه أغنية "حلوة بلادي" لوردة، لتكون من أوائل أغاني النصر.
حماس بليغ حمدي
حماس بليغ حمدي وفرحة النصر، أنتجت العديد من الأغنيات التي لا زلنا نتغنى بها حتى يومنا هذا بعد مرور 48 عاما على الانتصار، منها أغنية "عاش اللي قال" لعبد الحليم حافظ.
كتب كلمات الأغنية الشاعر محمد حمزة ولحنها بليغ حمدي، الذي فضل أن يشارك الكورال عبد الحليم حافظ الغناء طوال الوقت.
وكان في البداية يغني العندليب قائلا: "عاش اللي قال عاش اللي قال الكلمة بحكمة في الوقت المناسب عاش عاش" ليرد الكورال قائلا "عاش السادات"، لكن عندما علم الرئيس الراحل أنور السادات بذكر اسمه في الأغنية رفض وكان سيمنعها، وطلب أن يتم ذكر كل الزعماء العرب أو حذف اسمه، في النهاية كان القرار بحذف اسمه.